مع إقترابِ الإنتخابات النيابية، وبدأ عملية إعلان المرشحين عن نيتهم في خوض التجربة الإنتخابية، ومع إفصاح بعض الأحزاب السياسية عن أسماء المرشحين للقائمة الحزبية، وبعيداً عن آلية الاختيار ومعايير القرار الحزبي، يرى كثيرون أن الإنتخابات المقبلة ستشهدُ منافسةً كبيرةً بين المرشحين من جهة والأحزاب من جهةٍ أخرى، ففكرة بأن يكون الحزبيُ عضواً في الفريق الحكومي تستهوي العديد من الشخصيات الوطنية، التي ترى أنها قادرة على إستلام زمام المبادرة في المستقبل ضمن الفريق الحكومي أو قد تتسع الأفق ليفكر البعض في تشكيل الحكومة الجديدة ...!
في مقابلِ احتدام التنافس بين المرشحين، هنالك فتورٌ من جانب الناخبين الذي يرى بعضهم أن الإنتخابات المقبلة لن تكون أفضل من سابقاتها، وأن الأحزاب السياسية التي تشكلت منذ فترة قصيرة! ليست قادرة على تحديد أهدافها الانتخابية أو برامجها الحزبية؛ كما ويرى آخرون أن بعضها تأسس بناءً على مصالح آنية وليس مصالح وطنية! طمعاً في مقعد نيابي أو منصب وزاري ..!
أزمةُ المرشحين والناخبين أعادت إلى المشهد الديمقراطي سلبية المال الأسود الذي إستطاع أن يحدث الفارق في بعض الإنتخابات السابقة، وأن يكون سبباً في التصويت لبعض الناخبين هو البعد المادي، بعيداً عن أي بعد وطني أو ديني ! بينما ما زال البعد العشائري خياراً إستراتيجياً لبعض الناخبين الذين يرون في إبن العم مخرجاً مناسباً للتصويت بعيداً عن حزبه وفكره، علمه وعمله ..!
الفكرُ الحزبي والوعيُ الشعبي في أهمية العمل البرلماني، مازال ينتظر الكثير من الوقت، فلا زالت مطالبُ الكثير من الناخبين تقتصر على الخدمات المقدمة من قبل المرشح، ومازال البعض الآخر في غياب كامل عن التصويت لقناعات شخصية في قصور قانون الانتخاب أو آلية عمل الأحزاب!
أخيراً وليس آخراً، لا يختلفُ أحد في أن الناخب الجيد يفرز نائبًا جيد، وأن الحزب الجيد يقدم المرشح الجيد، ضمن هذه المعادلة يمكن القول إلى أننا سوف نشهد نقلة نوعية في البرلمانات المقبلة، قوامها نواب وطن يعملون ضمن منظومة ديمقراطية وطنية تسعى إلى تحقيق نتائج إيجابية في وجود تشريعات وطنية جاذبة للاستثمار والازدهار، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والمالي، وفرضِ رقابة قوية على أداء الحكومة ضمن أسس واضحة ومعايير قادرة على مواكبة التغيرات والتحولات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية !