التعليم العاطفي والاجتماعي(SEL): دمج المهارات الحياتية في المناهج
د. الاء طارق الضمرات
15-07-2024 07:26 PM
أصبحت المهارات العاطفية والاجتماعية ضرورة لا غنى عنها في عالم يتسم بالتغيرات السريعة والتحديات المتزايدة، لبناء مجتمع متماسك ومستدام، فالتعليم التقليدي الذي يركز على الجانب الأكاديمي فقط، لم يعد كافياً لإعداد الطلاب لمواجهة تحديات الحياة اليومية، من هنا يأتي دور التعليم العاطفي والاجتماعي (SEL)، الذي يهدف إلى تزويد الطلاب بالمهارات الحياتية الضرورية لإدارة عواطفهم، والتواصل بفعالية، وحل المشكلات بطرق بناءة، وبناء علاقات إيجابية مع الآخرين.
ويُشير مفهوم التعليم العاطفي والاجتماعي (SEL) إلى عملية تعليمية تهدف إلى تطوير المهارات العاطفية والاجتماعية لدى الطلبة، والتي تمكنهم من فهم وإدارة عواطفهم، والتعامل مع الآخرين بطرق إيجابية وفعالة، واتخاذ قرارات مسؤولة، ويشمل SEL خمسة مجالات رئيسية: الوعي الذاتي، وإدارة الذات، والوعي الاجتماعي، ومهارات العلاقات، واتخاذ القرار المسؤول.
ويشمل الوعي الذاتي القدرة على التعرف على العواطف الشخصية، والتعرف على القيم، وتقدير الذات، ويساعد هذا الطلبةعلى بناء صورة ذاتية إيجابية والثقة بالنفس، أما إدارة الذات فتتضمن القدرة على تنظيم العواطف، والسيطرة على السلوكيات، وتحقيق الأهداف الشخصية، ويتعلم الطلاب كيفية التحكم في الاستجابات العاطفية وتطوير مهارات مثل الصبر والمثابرة. وأما الوعي الاجتماعي فيتعلق بفهم مشاعر واحتياجات الآخرين، وتقدير التنوع، وإظهار التعاطف، ويساهم هذا في بناء علاقات صحية واحترام الآخرين. كما أن مهارات العلاقات تشمل القدرة على بناء علاقات إيجابية، والتواصل الفعال، والعمل الجماعي، ويتعلم الطلبة كيفية التعاون مع الآخرين، وحل النزاعات بطرق بناءة، وفيما يتعلق بالمجال الأخير اتخاذ القرار المسؤول فلا بد من أن يؤخذبعين الاعتبار العواقب الأخلاقية والاجتماعية للأفعال، ويساعد هذا الطلبة على تحمل المسؤولية وتحليل الخيارات المتاحة بعناية.
وعلى الرغم من الفوائد العديدة لدمج المهارات العاطفية والاجتماعية في المناهج الدراسية في تحسين الأداء الأكاديمي، وتعزيز الرفاهية النفسية والاجتماعية للطلبة، وتقليل السلوكيات السلبية، إلا أن هناك تحديات تعترض طريق دمجها في المناهج الدراسية، وتشمل هذه التحديات على نقص الوعي والتدريب بين المعلمين، وصعوبة تقييم تأثير SEL على الطلبة، وتحديد الموارد المناسبة لدعم هذه البرامج.
ويمكن تجاوز مثل هذه التحديات من خلال اتباع العديد من الاستراتيجيات لدمج التعليم العاطفي والاجتماعي بفعالية في المناهج الدراسية منها تطوير منهج شامل لـ SELيتضمن أهدافًا واضحة ونشاطات تعليمية مصممة بعناية، ويمكن أن يشمل ذلك دروسًا مخصصة لـ SEL، ودمج المهارات العاطفية والاجتماعية في المواد الأكاديمية المختلفة، بالإضافة إل توفير برامج تدريبية شاملة للمعلمين حول كيفية تطبيق SEL في الفصول الدراسية، ويشمل ذلك تدريبهم على كيفية تعليم المهارات العاطفية والاجتماعية، وإدارة الفصول الدراسية بطريقة تدعم هذه المهارات، بالإضافة إلى استخدام التكنولوجيا لتقديم برامج SEL بطرق مبتكرة وجذابة. كما يجب أن يكون هناك تشجيع للتعاون بين المدرسة والأسر والمجتمع المحلي لدعم التعليم العاطفي والاجتماعي، ويمكن تنظيم ورش عمل لأولياء الأمور وإشراكهم في الأنشطة المدرسية التي تعزز مهارات SEL.
في النهاية، يعتبر دمج المهارات العاطفية والاجتماعية في المناهج الدراسية ضرورة حتمية لبناء جيل قادر على مواجهة تحديات الحياة بمرونة وفاعلية، فالتعليم العاطفي والاجتماعي ليس فقط أداة لتحسين الأداء الأكاديمي، بل هو استثمار طويل الأمد في صحة ورفاهية المجتمع ككل، وبتطوير هذه المهارات لدى الطلاب، نحن نعدهم ليكونوا أفرادًا متوازنين وقادرين على المساهمة الإيجابية في مجتمعاتهم.