لماذا يلجأ طلبة التوجيهي للغش .. وكيف يمكن منعهم؟!
محمود الدباس - ابو الليث
15-07-2024 10:08 AM
في سنوات ماضية.. كانت قصص الغش في امتحانات الثانوية العامة تقتصر على محاولات تقليدية.. كتهريب ورق صغير "روشيتات".. أو تبادل النظرات بين الجالسين في القاعات.. او من خلال بعض الاشارات بالايدي والأرجل.. إلا أن التطور التكنولوجي المتسارع.. أضاف بُعداً جديداً لهذه الظاهرة.. فأصبحت سماعات الأذن الإلكترونية الدقيقة.. وأجهزة الاتصال المتقدمة.. أدوات مفضلة للغشاشين.. هذا التحول يضع وزارة التربية والتعليم أمام تحدٍ حقيقي.. يتطلب حلولاً جذرية وابتكارية.. دون إضافة أعباء مادية كبيرة.
إن دوافع الغش متعددة ومعقدة.. أولها الضغوط النفسية والاجتماعية.. والتي تفرضها نتائج الثانوية العامة على مستقبل الطلبة الأكاديمي والمهني.. وإن ثقل هذه المرحلة.. يدفع البعض للبحث عن أي وسيلة تمكنهم من تحقيق نتائج مرتفعة لتجاوزها.. كما أن نظام التعليم الحالي يعتمد بشكل كبير على التلقين والحفظ.. بدلاً من الفهم العميق والتحليل النقدي.. مما يجعل الامتحانات عبئاً ثقيلاً على الطلبة.. وأخيراً.. فإن القصور في نظم الرقابة والإشراف أثناء الامتحانات.. يساهم في تسهيل عمليات الغش..
ولتخفيف هذه الضغوط.. يمكن لوزارة التربية والتعليم أن تعيد النظر في أسلوب الامتحانات.. فبدلاً من الاعتماد الكلِّي على الامتحانات النهائية.. يمكن تبني نظام تقييم مستمر يشمل المشاريع والبحوث والتطبيقات العملية.. فهذا النهج يقلل من الضغط على الطلبة.. ويشجعهم على التعلم الفعلي.. كما يمكن إدخال أسئلة تعتمد على الفهم والتحليل بدلاً من الحفظ الأعمى.. مما يجعل الغش أكثر صعوبة.. ويشجع على التفكير الابتكاري.
وعند الحديث عن الثانوية العامة "التوجيهي".. فلا بد من الحديث عن نظام القبول الجامعي.. فلماذا لا يتم إدخال نظام قبول جامعي يعتمد على الأداء الأكاديمي على مدار سنوات الدراسة الثانوية.. وليس فقط على نتائج امتحانات الثانوية العامة؟!.. هذا النظام يقلل من الضغوط على الطلبة ويشجعهم على الاجتهاد المستمر.. كما يمكن استخدام اختبارات قياسية مثل امتحانات الكفاءة المحلية التي يتم إعدادها بالتعاون مع الجامعات.. دون الحاجة لاستيراد أنظمة مكلفة.
وفي جميع الأحوال.. لا بد من وضع الاحتياطات اللازمة.. فإن استخدام التكنولوجيا يمكن أن يكون سلاحاً مزدوجاً.. فبدلاً من أن تكون أداة للغش.. يمكن توظيفها لمكافحته.. فتركيب كاميرات مراقبة في قاعات الامتحان قد يبدو مكلفاً.. لكن بإمكاننا الاستفادة أيضا من البنية التحتية الموجودة.. كاستخدام كاميرات أجهزة الكمبيوتر المدرسية المتاحة.. ككاميرات مراقبة مؤقتة.. بالإضافة إلى ذلك.. يمكن تعزيز دور المعلمين والمراقبين في مراقبة الامتحانات.. من خلال تدريبهم على اكتشاف الحيل الجديدة التي يستخدمها الطلبة.
وفي هذه العجالة.. اود الإشارة الى انه يمكننا الإستفادة من بعض أفضل الممارسات العالمية التي لا تتطلب تكاليف باهظة.. ففي فنلندا.. يركز النظام التعليمي على التعليم العملي والأنشطة اللامنهجية.. مما يقلل من أهمية الامتحانات النهائية.. ويشجع على تطوير مهارات التفكير النقدي لدى الطلبة.
بينما في ألمانيا.. يعتمد النظام على تدريب مهني متكامل بجانب التعليم الأكاديمي.. مما يمنح الطلبة فرصاً متعددة.. ويقلل من الضغوط المتعلقة بالنجاح الأكاديمي فقط.
وعلينا ان نعي.. بأن التصدي لظاهرة الغش.. يتطلب من وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي.. العمل على عدة محاور متكاملة.. من خلال تحسين أساليب الامتحانات.
واستخدام التكنولوجيا بشكل فعَّال وبسيط.. وتغيير نظام القبول الجامعي.. والاستفادة من أفضل الممارسات العالمية البسيطة.. حيث يمكن خلق بيئة تعليمية تشجع على النزاهة الأكاديمية.. وتعد جيلاً قادراً على مواجهة تحديات المستقبل بثقة وكفاءة.