الجمعة الماضية كانت هادئة للغاية من مظاهر الاحتجاجات والاضرابات, والجميع شعر بطمأنينة بعد اكثر من ثلاثة شهور من الاعتصامات التي كاد بعضها ان يؤدي الى عدم الاستقرار وتدهور العلاقات بين كافة شرائح المجتمع بما فيها العلاقة بين المؤسسات الرسمية ذاتها.
اليوم نسمع حديثا رسميا مكثفا عن رغبة الحكومة بزيادة اسعار المحروقات والكهرباء نظرا للضائقة المالية التي تعاني منها الخزينة في ضوء ارتفاع اسعار النفط عالميا وتراجع صادرات الغاز المصري الذي هو الاخر سيرتفع في المرحلة المقبلة.
الحكومة ومن قبلها حكومة الرفاعي لجأت الى تثبيت اسعار المحروقات بعد سلسلة المظاهرات في مختلف محافظات المملكة والتي دعت الى تحسين مستوى معيشة المواطنين الذين تآكلت دخولهم, والواقع ان طيلة الاشهر الماضية لم يحدث شيء استثنائي في هذا الشأن بالنسبة للاردنيين الذين ارتفعت الاسعار في وجوههم في ظل تراجع القوة الشرائية لدخولهم المتدنية اساسا.
طبعا قد يقول قائل ان الخزينة تعاني من وضع صعب للغاية وهذا الكلام صحيح, لكن قد تكون التكاليف اكثر بكثير في حال رفع الاسعار وتحرك المواطنون في مظاهرات واعتصامات جديدة.
وضع الخزينة غير مستقر لا يحل في هذه المرحلة إلا من خلال المساعدات الاستثنائية لا بزيادة الاسعار, وعلى الحكومة ان تدير المسألة جيدا وان تحسب التكاليف بدقة , فالخسائر ليست متعلقة باسعار الوقود, وانما بزيادة الاضطرابات وتفشي حالة عدم الاستقرار وتوقف الاعمال وجمود الاستثمار واضطراب بيئة الاعمال المحلية.
على الحكومة اليوم ان تشكل خلية لادارة هذه الازمة الخانقة والمواءمة بين متطلبات الاستقرار الشعبي وضبط فلتان الانفاق في الموازنة, وفي اعتقادي ان الوعود العربية الخاصة بتقديم منح طارئة باستطاعتها ان تعطي حلا مؤقتا للمشاكل المالية في سنة 2011 ، لكن يبقى التحدي الاكبر هو في وحدة المجتمع الاردني تجاه مواجهة التحديات الراهنة وخلق جبهة موحدة تشارك في وضع برنامج وطني للانقاذ.
هناك الكثير لا يعجبه الهدوء الراهن في المجتمع ويرغب بعودتها الى نقطة الصفر, واجزم ان بعض القوى ترغب بتوظيف احتياجات المواطنين ومتطلباتهم اليومية في خلق حالة من الفوضى لصالح تحقيق مكتسبات آنية, فالحكومة مطالبة بترجيح الحكمة في ادارة هذه المسألة وان لا تضيع الفرصة الراهنة خاصة ان المطالب الاصلاحية باتت على اجندات اعمال لجان ملكية تسارع الزمن في تحقيق الاصلاح.. فلا تضيعوا الفرصة.
salamah.darawi@gmail.com
العرب اليوم