السباق الدموي نحو البيت الأبيض
م. مهند عباس حدادين
14-07-2024 06:44 PM
لم يمض إسبوعين على المناظرة الأخيرة بين الرئيس الأمريكي بايدن ومنافسه المرشح ترامب والتي لم ترق إلى مناظرة لرؤساء أقوى دولة في العالم ،حيث أثرت المشاكل الداخلية والخارجية التي ورثها ترامب أثناء حكمه لبايدن ،إضافة إلى العقبات التي واجهت بادين وسوء إدارة المشهد الداخلي والخارجي، ومما زاد المشهد سوءا بينهما التراشق بالألفاظ الفظة بينهما والنعوت بالصفات السيئةالتي لا تليق بأي منهما كرئيس للولايات المتحدة للفترة القادمة ،وشخصنة الأمور بينهما ،كل ذلك أثر على الشارع الأمريكي الذي يحتقن من مناصري كل طرف منهما.
لقد بدأ الإحتقان بعد فوز بايدن على ترامب عام 2020 واقتحام أنصار ترامب مبنى الكابيتول في حادثة همجية غير مسبوقة في تاريخ الولايات المتحدة للتعبير عن عدم رضاهم عن نتائج الإنتخابات الرئاسية.
إن من يراقب المشهد الأمريكي يلاحظ بأن هناك فجوات تشريعية تهدد الأمن الداخلي الأمريكي غفل عنها الرئيسين المتنافسين.
اولهما حيازة الشعب الأمريكي للسلاح وخصوصا فئة المراهقين،وحيث أن الشعب الأمريكي يملك قرابة 500 مليون قطعة سلاح،ولا يكاد يمضي اسبوعا الا ونسمع إطلاق نار في مدرسة او حانة او مطعم ويذهب ضحيتها عشرات من الأمريكيين.
ثانيا المهاجرين غير الشرعيين والموجودين الآن داخل الولايات المتحدة وعددهم قرابة10 مليون مهاجر والإحباط الذي يعيشون فيه من ظروف قاسية في ظل المتغيرات الحالية.
ثالثا: ارتفاع الأسعار وزيادة تكاليف المعيشة وعدد العاطلين عن العمل والتضخم المرتفع وزيادة سعر الإقتراض البنكي الذي طارد المواطن الأمريكي في معيشته.
كل ذلك أدى إلى المشهد الذي رأيناه اليوم من محاولة لإغتيال المرشح للرئاسة الأمريكية ترامب،وهذا الذي سيؤدي إلى مزيد من الصراعات في الداخل الأمريكي وخصوصا بين مناصري الطرفين اذا لم يتم تدارك الأمور .
إن الإخفاق في السياسة الداخلية للرئيس الحالي كان سببه تركيزه على السياسة الخارجية والتي لم يتمكن من حسم المفاصل الرئيسية فيها منذ توليه سدة الرئاسة وأهمها الحرب الروسية-الأوكرانية،حرب غزة،التوتر في جزيرة تايوان وتوتر البلطيق ، إن التعامل الخاطىء مع هذه الحروب والتوترات وعدم تغليب المصلحة الأمريكية العليا في التعامل المتوازن بيت السياسة الخارجية والداخلية ،وإضافة إلى استنزاف المال الأمريكي الذي يدفعه الشعب من جيبه الخاص كضرائب لدعم تلك السياسات الخارجية أثرت وبشكل كبير على الأوضاع الإقتصادية في الولايات المتحدة والتي يبلغ دينها الآن حوالي 35 ترليون دولار،وبمعدل إقتراض يصل إلى ترليون دولار كل 100 يوم.
والسؤال المطروح كيف سيستفيد المرشح ترامب من هذه الحادثة؟ إن هذه الحادثة سيستغلها ترامب في ما يلي :
أولا: الملاحقات القضائية والأحكام التي ستصدر بحقه والتي ستؤدي إلى التعاطف معه.
ثانيا: تلقي الدعم المادي والمعنوي من مناصريه وغير مناصريه للتعاطف معه.
ثالثا:الإقبال الكبير على التصويت للإنتخابات وخصوصا من الجمهوريين ومن يدعمهم من المهاجرين .
أما بالنسبة للرئيس الحالي بايدن والذي سيعتبر ذلك مسرحية تصب في صالح منافسه ترامب لكسب نقاط في الترشح،والتي وصلت قبل عملية الإغتيال بنسبة 6-8% لصالح ترامب،لكن من المرجح إن تزداد هذه النسبة وتقفز لتصل قرابة 15% لصالحه،وهي تشكل خطرا على وضع الرئيس الحالي بايدن لقرب موعد الإنتخابات الرئاسية في شهر تشرين الثاني القادم،وكل ذلك سيزيد من شراسة التنافس بينهما وبين إنصارهما لدرجة ان هناك خشية من أن السباق نحو البيت الأبيض يصبح دمويا.
الخبير والمحلل الإستراتيجي.
mhaddadin@jobkins.com