على الأجساد الهشة، في طول المقابر وعرض الركام، على امتداد الألم واتساع السَغاب، ينكشف إفلاسنا الأخلاقي ويطفو عجزنا المهين المبين.
أوغل التتار في القتل والتشريد والإبادة، يقترب مصاصو الدماء من يومهم الثلاثمئة، والعالم الحرّ الديمقراطي جداً، المنصف جداً، ما زال يسوّق الأكاذيب ويروّجها، في منتصف مشاعرٍ يمتزج القلق فيها مع الحيرة والحزن والغضب.
من غير المعقول ولا المقبول أبدا، وفق كل المعايير التي فرضها العالم على نفسه، بل ووفق معايير القتلة ومبادىء حروب الإبادة، أن يستمر هذا الصمت المرعب الممنهج على الجرائم النكراء، ومن السقطات المهنية أن تتعرى وسائل الإعلام التي أشبعتنا كذبا عن التحقيقات الإستقصائية، وأن ينكشف زيفها وتدليسها ونفاقها واختلاقها.
من الواضح لذي كل لب، أن ثمة تعتيم تفصيلي وممنهج تمارسه كل أنواع وسائل الإعلام التي يملكها الاحتلال ويسيطر عليها، وواضح أن قادة الرأي والإعلام لا يملكون، طوعا وكرها، من أمرهم شيئا، وأن الأمر لا يقف عند الإنحياز الكريه وحسب، بل يصل لتكميم الأفواه، وبسياسة الجزرة والعصا.
ثمة مؤامرة كبرى على العرب والعروبة والإسلام، ثمة أحلام في التلمود المزور بدأت بإبادة جماعية عرقية في غزة، وتستمر بالشعوب وبأمنياتها وأحلامها، وليست الأمراض الفتاكة والأوبئة القاتلة، ثم الموت الحتمي، سوى حلقات مرعبة في مسلسل هذه المؤامرة.
تدشن ضلالة وسائل إعلام العالم وغوايتها، فجراً جديداً من الإستبداد والأذى والإجحاف، وتركل الشاشات ومراسلو الأخبار كل مبادىء النزاهة والشفافية وحق المتلقي في خبر محايد، خبرٍ لم يأتمر الطغاة على صياغته وتحريفه وتوجيهه وفق الأيدلوجيات الكريهة، وصورة واقعية تنقل للساسة المتكئين على الأرائك، وجه طفل فلسطيني غزاوي فقد أذنا أو عيناً أو ذراعا، صورة تصفع كل القذارات التي تمارسها وسائل الإعلام وكل قواعد الكراهية والإنحياز والتحيّز التي تسقم نفوس الناس وتجعلهم كافرين في كل السياسة الخرقاء المداهنة المزيفة.
وكذا، فإن انحدار الوكالات العالمية نحو مستنقع الظلم والكذب والزيف، كفيل بأن يُخسرها بقية الناس الذين ما طفقوا يميزوا الطيب من الخبيث والغث من السمين، وان تستدعي حالة القلق العالمي مؤتمراً عالميا طارئاً كي يرى الناس كيف يكون التعصّب وكيف تكون المحاباة، وليسأل هذا المؤتمر سؤالا واحدا، لفرسان الإنتخابات في أمريكيا ولقادة الاحزاب في أوروبا وآسيا وفي كل امتداد بقية العالم الحر النزيه، عمّا تقوله أوتوغرافات السياسة الخرقاء، أمام كل هذا الدم والقتل…