لوحةٌ فلسطينيةٌ ليستْ للذكرىبثينة رفيع
07-08-2007 03:00 AM
عائدٌ من لا مكان انسحب من ترنيمة يُجيد تقمصها فجرٌ ينام بلا وطن يهاجر حيث لا يدري أي البلاد يَذوي إنسانها فيها قلباً في حجر ، بعض الحنين لماضٍ يَعُضنا ، يسلب منا أوردة تَقطع ما تبقى من خيوط تقاطع بين خوفنا وعجزنا ، وغياب قد يكون بلا رجعة ، فالمدينة التي منحها بحرها كل صكوك حريتها ألقتها على رصيف تاريخ لم يعد ملكاً لها ، مبتسمة طواعية لخنجر يغوص في حنجرتها ليستحوذ على صوتها وصمتها ملوثاً ما تبقى من هروبها اللاهث عن بقية جسد لها سلبه عدو تاريخي خلف الخط الأخضر . يُقال أن الأماني بضاعة الموتى ، لم نشعر بذاك الفيض من الحقيقة ونقيضها إلا عندما تساوت الحرية بالقيد لتفقد لغزاً سرمدياً يوغل في ضوئها وان كان خافتا لكنه لم يلجم المحرومين منه ومنها عن اللهث خلف بصيصه , سحرٌ متألق بإنعتاقه اللامتناهي يسقطنا في المنتهي أمام كل شيء دون أن نعلم أن هذا الدوار الذي يعجُّ في رؤوسنا كغبار معركة تركتها حوافر خيول تغرب عميقاً في تراب فُرقة أتعبت الجميع ولم تتوج نصراً إلا على الذات المهشمة حدّ الرداءة ليستبيحها ويبيعنا انتحار معلن مكلل بسنديان استفز احتراقه واستلابه الرصاصة الأولى فأطل كالأجراس يُذكر بالعودة لذات الطريق المعرشة بين أهداب من قاد العراة في وطن الحصاد المر والأمنيات .. وبين من اختصرها بخلافة جديدة يقينها المطلق أن السكون أقوى الحركات في اللغة المعربة على حد الحراب والسيف , الحرية غاية الشرفاء هكذا قالوا لنا ونحن نحط الرحال ويباركنا القهر خيمة وراء خيمة ، شيء كالقيامة كان ينتشلنا من وهننا لنقف أمام وقفتها الوحيدة المعزولة عن أضلاعها وأبنائها ، نعزي في قراءتنا لها كلمات يذوب فيها الشوك فتستفيق بإجابة أغشيت على صوابها تلك المدن نسيت تفاصيلها والتبست عليها هوية غُزاتها فتحولت من ملح إلى رماد حار يجتثُ أحشاءنا ويُذَرُّ في عيون أشعلها يوماً بقاموس بقاء متسمر عند أقرب برتقالة لا تستطيع حملها إلا كف واحدة تعرفها وتألف وجهها وملامحها حد الهذيان حين تخذله استفاقة جرح لا يتوب من إخفاقه المتخفي خلف أوزار تقول أنها نبيلة , أذكر مقولة لإميل حبيبي تباغتني كالحلم الأسود كلما سار بدائرة مغلقة رحلت بحدودها وأخدودها إلينا ( راح زمان الأنتيكا احمي وطناً يحميك ) الأنتيكا في التراجيديا الفلسطينية هي نفي الآخر وجلد الذات ورجمها بوهم ينتشي بانتصار مهزوم ، يستثمر كل عذابات وآلام من حوله باستنزاف مرضي داخل لوحة لا ترى منها شيئاً ليست لأنها تميل للسريالية فخطوطها حُزَت من أجسادنا وأخذت منها ألواننا العتيقة المدفونة قرب قرية الرَّامة المهدمة ، وإطارها يستظل بمن يتقن الموت بجدارة والحياة باستحياء أمام هبوط ملتوي تُهربه الخطوط الصارخة فيها وبمن أراد لهذا البحر أن يغرق في ابتلاعه لغزة مكسراً مفاتيح أبوابها المسروقة تاركاً خلفه الصدأ والعويل والماضي الذي لا يعود ليعيد الأحبة , مبقياً ذاك النداء يلج وحشة المكان والصورة وحيداً .. حماس كل الناس .. و إلى أن تستحوذنا تلك الرؤية لحد الاسترقاق كم سيبقى من هؤلاء الناس ؟؟! وإذا كنا عندما نحب نعطي كل مانملك طواعية فهل يأخذ الكره كل ما أعطاه الطيبون بانتزاعه عنوة ؟؟ تماماً كما يريد مؤتمر الخريف تفريغنا من أوراق يبست على شجر محطة قادمة تقاسمت عمر ثورة تمرَّدت على شكل موتها الأخير .. خريف يدرك جيداً أنه بعد صيف دامٍ رحل الجميع فيه بنكتةٍ غير مهذبة خرجت عن اللامعقول بمدينة أشباح لفظها حتى المتوسط وهو يحتضن إرثها الثقيل تاركاً خلفه كل ما خبأته من حُسنٍ شاخَ قبل أوانه محولاً إياها لفزاعةٍ يهرب منها الكبار قبل الصغار ، ويؤوب من طرقاتها وجلاً حتى عطرها , ليبقى الخريف يتماهى في نخرنا حتى الغثيان وهو يطل بلا وجه أويد تقود عودتنا لمدن اقتلعت من جذورها وجُرفت كي لا تشبهنا بشيء إلا بذاك الأثر من دمع تخطه الأقدام الراحلة خلف وتد يتشبث بوعد غيَّر كل مواقيته ليستفيق على حل نهائي لا يسحق الوطن في صورته البدائية الطائشة وإنما يحتال على كمال تلك الصورة في المخيلة لتوائم حتمية بقائنا في مخيماتنا ولا بأس من تغيير بسيط في ملامحنا بتلك اللوحة لتأخذ شكل كذبة المواطنة الجديدة وهي تعبر بزفة أوهام كافرة بنزيف أحالنا من شعب يستظل بذله وجوعه إلى شعب يقاوم ببقية أنقاض أحلامه .. غير خجلة من مقاربتها ومقارنتها المتحوصلة على أعتاب ظل لم يتبق له إلا جدارية متكلسة الأطراف والممرات , مؤتمر سلام في خريف قريب لا يعرف المطر الناعم ... خريف يسقط أوراقنا ليظل بحجم سقوطنا محتفظا بفضيلة الابتعاد عن شبهة الصيف لنبتعد أكثر عن مقتلنا بعبارة قالتها حكمة للعرب( بالصيف أضعنا الوطن ) غير آبه لرقصة الموت الجنائزية الفلسطينية الخالصة في معالمها المختلفة بين حدودها وشخوصها وسلاح قاتلها كما اختلاف أهلها بجدوى اكتمالها واقتسامها وأحقيتهم بوطن الحكايات الموجعة ، فحين تبدأ الجنازة في رام الله من بيوتها تبدأ في غزة من خارج حدودها ومكانها والفارق هنا ذاك الاعتبار للمنسي على خارطة الإنسانية وهو احترام الميت بإكرامه في انتظاره خلف الجدار الفاصل وأمام الحواجز ثلاثة أيام قبل دفنه وحيداً إلا من غربان وغرباء هذا الليل وحلول خلاقة مؤجلة تجتر بعض أحلامنا المتسمرة بذاكرة مشحونة للتخمة بشغف العودة الحائر أمام أسئلة الميلاد التي أنتجت مفهوم الوطن بوجه جديد لا يعرف حدود الزمان والمكان( الخلافة ) صياغة أضاعتها اللغة العقيمة لرجال لم يكونوا في الشمس يوما ولم يعانقوا في ضوء هذا الوطن وهم يهربون في سجنه سوى عتمة دهاليز تستطيع إقناع نرسيس الغزي عندما ينظر لوجهه في بحيرة الدم المهجورة أنه وحده هنا الأجمل ولكنها لا تستطيع أن تدخله لمخيلة طفل غزة إلا بصورة الملك المتوج على ملكه لكنه عاري , تماما كما لم تستوعب تلك المخيلة الصغيرة يوما أن هناك نفقا تحت الأرض سيحمله من بيت حانون بقطاره السحري مسرعاَ يحط به بكل ثقة في جنين أو رام الله , عزف منفرد مزدوج بوقعه وإيقاعه وعود على بدء ليس أقبحه أطروحة الوطن البديل الذي تصدع أصله في الروح والذاكرة , نقاء فقد معانيه في اجتراره للكذب والحقيقة الغائبة .. ودروب تشتبك أقصاها بأدناها دون أن يطل علينا أحد هذه المرة ليقول لنا ثانية سيبقى الفلسطيني أدنى أمام هاوية رسمها هاوٍ أغرته جدارته بإقفال الخطاب السياسي على أناه العليا ليغلق أفق الحياة عليه وعلينا , لوحة ليست للذكرى خطتها ألوان نكرة أرادتها بلون واحد لتزيد إلى قبحها يتما يقتلع من الديمقراطية الهشة عيون يخطها الشفق والشوق لتستحيل الحرية وشم رق حزته السياط على ظهورنا فاستحق تسميته بجدارة وشم العبيد الجدد , لوحة ليست للذكرى لكن نسيانها كحرقها صعب لمن كومته المسيرة أمام وعيه الخلاَّق الذي قطع مهمته قبل انجازها بأنصاف حلول يتسابق الجميع عليها بذات العزم الذي لوَّح في بنادقهم وهم يدكون مستعمرة إلى أن سقطت فاستحلوا ما تبقى من فراغ تشوه في مخيلتنا قبل أن يملأه الوطن بكمال لا يخربش ولا يخدش بقذارة زمن يجتث إرادتنا محاولاَ عبثا تحويلنا لسرب حمام لا يستطيع التحليق حتى فوق عشه فقط .
|
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة