facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مبارك لا مبروك ..


د. صبري ربيحات
13-07-2024 06:46 PM

في حديثنا وتفاعلاتنا العغوية والرسمية وخلال مشاركتنا بالمناسبات والأفراح نعبر عن مشاعرنا بقول مبارك.... وتكاد هذه المفردة ان تغنينا عن قول الكثير فهي تحمل امانينا بالزيادة والنمو والبركة ولها وقع ايجابي يختزل الكثير من المشاعر ويفتح قنوات الاتصال ويديم المحبة .

البعض يستخدم كلمة مبروك وهي لا تحمل نفس المعنى ومع ذلك درجت العادة على استخدام ايا من المفردتين للتعبير عن نفس المعنى.

مبارك اسم علم مذكر يعني النمو والزيادة والكثير من أجدادنا وابائنا يفضلون هذا الاسم حتى انه اصبح واسع الانتشار في بلدات وقرى جنوب الاردن كما هو شائع في الكثير من مجتمعات الخليج العربي .

في العقود الاخيرة لوحظ تراجع استخدام الاسم شيئا فشيئا لدرجة انني لم اقابل من بين الاجيال الجديدة الكثير ممن يحملون الاسم.

في قريتنا كان مبارك اسما محببا حمله اشخاص اكسبوه قيمة اضافية ولم يخالف احد منهم الايحاءات ولا المعاني والقيم التي حملها الاسم..

طبيب قرية عيمة الشعبي طوال الخمسينيات وحتى نهايات السبعينيات كان الشيخ مبارك الشريفيين من عشيرة الحراسيس هذا الرجل الذي لم يتعلم الطب ولم يدخل المدارس لكنه يملك من قوة الشكيمة والثقة بالنفس والقدرة على التأثير والاقناع ما جعله قادرا على تخليص اهالي القرية من اوجاعهم ..فقد كان يعالج كل الآم الظهر بكفاءة تضاهي ما يقوم به اشهر الفيزيوثربيين اليوم وكان ابو عبدالغني يجيد فنون الكي بالنار ويقوم ببعض عمليات الحجامة ويجبر الكسور ويعالج معظم اعراض اختلالات العصب السابع ويخلع الاضراس وكان يقدم استشارات لمن يعانون من اضطرابات النوم والهضم والصدفية
لقد كان هذا الرجل النحيل الأبيض يقوم باعمال مستشفى متعدد الاختصاصات وكان اهالينا يراجعونه بلا مواعيد فدارته على شارع القرية الرئيسي وتراه جالسا كل يوم على ناصية الشارع مع زوجته علياء بنت مرضي الربيحات السيدة التي تشبهه في طلتها وتجسد في مظهرها وبياض بشرتها الصورة المتخيلة لملائكة الرحمة ..
لقد كان لمبارك وعلياء طلة ومظهرا متجانسا حيث كانا من الحجم البيتيت يسيران برشاقة يساعدهما على ذلك قوامهما الممشوق الذي نحتاه دون الحاجة الى حمية غذائية او تمارين اوكروباتية واظن أنهما كانا متفاهمين يعملان كفريق متجانس الى ابعد الحدود . كان لمبارك بستان في وادي القرية مجاور لبستان صهره غيضان شقيق زوجته .

في كل صباح يقوم مبارك بجولة يتفقد فيها البستان حاملا بندقية صيد الطيور وكان يتأمل الاشجار ويتفحص الشجيرات يلتقط من هذه ازهار ومن تلك أوراق وجذور يفصلها في حويصلات بعضها في جيوبه والاخرى في صرر يشكلها من أطراف منديله الأبيض النظيف. أذكر اني سمعت من مبارك شيئا عن اهمية شجيرة القريص قبل ان تكتشف الصناعات الدوائية سحر مفعولها في بناء المناعة والقضاء على بعض العلل.
مثل كل الرجال الذين يهتمون بمظهرهم كان مبارك الشريفيين انيقا له طلة اوروبية بلباس عربي وله طقوس في استقبال المرضى والسماع لشكواهم.
يبدأ تفاعله مع صاحب الشكوى بسؤاله عن ما يشعر به ومتى بدأت الأعراض وعن الظرف الذي كان فيه عندما احس بذلك للمرة الأولى ومن ثم ينتقل للفحص السريري الذي يشبه ما يقوم به أطباء اليوم مع اختلاف التجهيزات.

.كانت زوجته علياء جاهزة لاشعال بابور الكاز لاحماء أسياخ الكي التي يستخدمها او إشعال الاعشاب القطنية التي توزع على ظهر المصاب بالخلج او من يشكو من الآم الظهر كانت تحتفظ بزيت التدليك وادوات الحجامة وكل ما تحتاجه العملية من كاسات الهواء وشفرات التشطيب المعقمة. ...

في قريتنا ايضا كان المرحوم مبارك بن جبر الرعود شخصية اخرى من الرجال الذين لم اقابلهم لكني سمعت الكثير عنه بحكم علاقة أسرته بنا وقرب ابناءه واحفاده منا والحب العميق من قبل ابناءه وارملته الحاجة سكوت له فقد كانوا يدعون له ويتصدقون عن روحه ويحيون جلسات ذكر يهبونها لروحه...

الرجل الثالث الذي حمل الاسم كان المرحوم مبارك بن صالح السعود وقد كان رجلا نبيها فطنا لديه الرغبة في التعلم والاستكشاف لكنه لم يعمر طويلا فقد رحل وهو في الثلاثينات من العمر .

والشخص الرابع كان مبارك بن سالم عيال عواد فهو رجل هاديء لا يذكره الناس الا بالخير ولا يوجد في سيرته ما قد يخدش سمعته
البركة قيمة ومعنى وشعور مهم يتحدث الناس عنها ولا يملكون ادوات لقياس مداها او وجودها وغيابها ....في ثقافتنا البركة تشبه القناعة وتشبه الزهد وهي الخير والشكر والنفوس الرضية.

وجود البركة او اختفاءها مرهون بنفسية المدراء والقيادة والرؤساء والاباء والازواج والزوجات والشركاء ...بعض المؤسسات تسير سيرا حسنا فيتولى أمرها أشخاص يطيرون بركتها فتتحول الى اطلال وأثر بعد ان كانت شيئا يشار له بالبنان.

اتمنى لو نترك مؤسساتنا لعقد او اثنين بدون تغيير لان في كل اشكال التغيير لا يحدث الا تطفيش لمن يعرف واستبداله بأشخاص لا ينقصهم الى قبعة الكاوبوي ومعظمهم يدمرون القطاعات التي كانت واعدة جدا ومليئة بالبركة كل ذلك باسم التغيير والتحديث.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :