عبيدات: ما أحوج العالم لمن يفهم أن القانون ما هو إلا علم ومهنة
11-07-2024 11:15 PM
عمون - قال رئيس الجامعة الأردنية الدكتور نذير عبيدات "ما أحوج الإنسانيّة لتسود قيم العدل والمحبة والمساواة، وما أحوج العالم إلى من يفهم أنّ القانون ما هو إلا علم ومهنة تُعنى بحياة الناس وعيشهم ومستقبلهم ومستقبل الناس جميعًا".
جاء ذلك خلال المؤتمر الختامي لمشروع تعزيز الوصول إلى العدالة للفئات الضعيفة في شمال إفريقيا والشرق الأوسط من خلال إنشاء مجموعة من العيادات القانونية الجامعية، الذي تنظمه الوكالة الجامعية للفرنكوفونية، بدعم ن وزارة الخارجية الفرنسية خلال الفترة من 9-11 تموز الحالي، بحضور السفير الفرنسي في عمان وممثلين عن 21 جامعة مستفيدة من الأردن ومصر ولبنان والعراق وفلسطين، وممثلين عن مؤسسات فرنسية، وعن الأمم المتحدة.
ودعا عبيدات إلى ضرورة صناعة قانونيّين قادرين على الفهم المتكامل للإنسان، وإحقاق الحق الذي يأخذ بعين الاعتبار سبل تحقيق العدل المنبثق من المعرفة والمهارات والظروف الحياتيّة للناس والمجتمع.
ولفت إلى أن بين أيدينا فرصة تاريخية، في هذا الوقت تحديدا، حيث ينتهك القانون الدولي ويطبق بازدواجية، ما منح القويّ الفرصة للاحتلال وقتل الناس وتجويعهم، إلى ضخّ قيم العدل بين الناس.
وأكد عبيدات أنّ القضاء والعدل ينبغي أن يصاحبهما احترام المؤسّسات وسلطة القانون، حتّى نحفظ للناسِ حقوقهم غير منقوصة، وكي يتساوى القويّ والضعيف والغنيّ والفقير أمام القانون.
وأكد عبيدات أنّ الجامعات بحاجة لأن تكون اليوم أقرب إلى المجتمع، وأن تكون بضاعتها قريبة من الواقع، وأن تعي احتياجات المؤسسات القانونية المختلفة، ولا يكفي أن يتدرب الطلبة على حلّ القضايا وإيجاد الحلول القضائية السليمة لها، بل لا بُدّ من بناء الشخصية الناضجة الواعية للقاضي والمحامي والمستشار القانونيّ، حتّى يكون قادرًا على حماية الفرد أو المؤسسة التي يعمل بها أو يدافع عنها، دون أن ننسى أنّ كل واحد منهم بحاجة لأن يعي ظروف الناس واحتياجاتهم.
وأوضح أن النتاجات والمهارات التي حدّدتها الجامعات والمعاهد في برامجها، غير كافية ما لم يتسلّح الفرد بالضمير والموازين والرّؤى التي تمنحه قوَّة اتخاذ القرار الصحيح العادل، حتّى وإن كان ثقيلًا لا يعجب البعض.
واختتم عبيدات كلمته قائلا إن الوكالة الجامعيّة للفرنكوفونية، وما تملكه من نظرات وميول إنسانية جميلة تمنح هذا النوع من التدريب في العيادات القانونية بعدًا آخر من العدالة والإنسانيّة المشترك.
بدوره، رحب السفير الفرنسي في عمان ألكسيس لو كور غرانميزون بتطور التعاون الأكاديمي مع الجامعة الأردنية، لافتا إلى الاتفاقية التي أبرمت مؤخرا بين الجامعة الأردنية وأرقى المعاهد الفرنسية: معهد العلوم السياسية.
وأشار غرانميزون إلى أن التعاون مع الجامعة يتطور بشكل مستمر، وأنه كان لبرنامج إيراسموس دور كبير في تعزيز أواصر التعاون.
وحول مشروع العيادات القانونية، قال السفير إن تعزيز مهارات طلبة القانون وتعزيز قدرة المهمشين على نيل حقوقهم أمر غاية في الأهمية يعزز أمن المجتمعات واستقرارها وسيادة قيم العدالة والإنسانيّة.
ودعا غرانميزون إلى ضرورة أن تتكاتف الجهود من أجل تطوير القوانين والتشريعات، خصوصا مع تشارك الأردن وفرنسا في العديد من التشريعات المستمدة من الموروث القانوني الفرنسي.
وقال المدير الإقليميّ للوكالة الجامعية للفرنكفونية في الشرق الأوسط جان نويل باليو إن عدم قدرة الضعفاء أو المهمشين على الوصول للقانون يؤدي إلى عواقب وخيمة تؤثر على الأفراد والمجتمع بشكل عام، أبرزها انعدام العدالة، وتفاقم حالات الفقر والتهميش، واستمرار الانتهاكات.
وأضاف بالقول إن المشروع، بما أنه يهدف إلى تعزيز المهارات القانونية لطلبة القانون والمحامين، فإن الربط بين نقابات المحاميين والجامعات سيمكن من إنشاء قنوات قانونية تعزز سهولة الحصول على الحقوق والوصول إليها عبر تعزيز الشراكات.
أما بعد تلك العيادات القانونية، فأوضح باليو أن المشروع يهدف إلى التخطيط للحفاظ على الديناميكية والهيكلة لتأطير المشروع وتقديم مجموعة من المبادرات والفرص لتحفيز الجامعات على المضي قدما فيه.
إلى ذلك وجهت مديرة مركز الأمم المتحدة للتدريب والتوثيق في مجال حقوق الإنسان عبير الخريشة عميق الشكر لاختيار المركز ليكون جزءا من المشروع، لافتة إلى نجاعة التجربة في الإسهام بتطوير القضايا التي يعمل عليها الطلبة في العيادات القانونية
وأشارت كذلك، إلى أنه إدراكا من المركز للأهمية البالغة للمشروع، تجري حاليا دراسة تطوير هذه الفكرة ونشرها على الجامعات.
وتاليًا نص كلمة رئيس الجامعة الدكتور نذر عبيدات كاملة:
بسم الله الرحمن الرحيم
من الجميل ان يجتمع اصحاب العلم والقانون والمدافعون عن العدل على ارض الأردن الحبيب وفي ارض الجامعة الأردنية الشامخة.
ما أحوج الانسانية لتسود فيها قيم العدل والمحبة والمساواة،
ما أحوج العالم إلى من يفهم ان القانون ما هو إلا علم ومهنة تعنى بحياة الناس وعيشهم ومستقبلهم ومستقبل الناس جميعا.
انتم اليوم تصنعون رجالا يتسلحون بمهارات تعنى بكل محاور العدالة وتصنعون رجالا قادرين على فهم الإنسان بكل ما يحيط به من تعقيدات تجعل الإنسان عالما تتجاذبه المشاعر والمقاصد والحاجات المادية والتذبذبات البيولوجية.
فلنصنع قانونين قادرين على الفهم المتكامل للإنسان واحقاق الحق الذي يأخذ بعين الاعتبار سبل تحقيق العدل المنبثق من المعرفة والمهارات ًوالظرف الحياتي للناس والمجتمع.
ان لديكم الفرصة التاريخية وانتم تعملون بارض حولها وليس بعيدا عنا اذ يغلب عليها منطق القوة والجبروت وتصادر اراضي الناس وتحول إلى مستعمرات وتسود القوانين الدولية غير العادلة والتي منحت بعض القوى الفرصة لاحتلال الارض وقتل الناس وتجويعهم فما أحوجنا إلى ضخ قيم العدل بين الناس ولا بد من
من ان تعملوا على خلق جيل جديد من القانونين القادرين على تحقيق قيادة فكرية للمهنة، واحتضان التغيير الذي يحقق العدل والرفاه للناس اجمعين.
ولا بد من الدعوة الى تأهيل المشرعين ليكونوا حماة للعدل والمساواة.
لا شك بأن القضاء والعدل لابد وان يصاحبها احترام المؤسسات وسلطة القانون حتى نحفظ للناس حقوقهم غير منقوصة ويتساوى القوي والضعيف والغني والفقير امام القانون.
ان الجامعات اليوم بحاجة لان تكون اقرب إلى المجتمع وأن تكون بضاعتها قريبة من الواقع وان تعي احتياجات المؤسسات القانونية المختلفة.
وما عملكم اليوم هنا إلا جزء لا يتجزأ من الحياة والواقع.
لا يكفي ان يتدرب الطلبة لحل القضايا وإيجاد الحلول القضائية السليمة لها بل لا بد من بناء الشخصية الناضجة الواعية للقاضي والمحامي والمستشار القانوني حتى يكون قدرا على حماية الفر او المؤسسة إلا يعمل بها او يدافع عنها دون ان ننسى ان كل واحد منهم بحاجة لان يعي ظروف الناس واحتياجاتهم .
ان العمل بالقوانين لا بد ان يكون صاحبه يحيد النتاجات والمهارات التي حددتها الجامعات والمعاهد في برامجها إلا ان هذا غير كاف مالم يتسلح الفرد بامتلاك الضمير وامتلاك الموازين والرؤى التي تمنحه قوة اتخاذ القرار الصحيح العادل حتى وان كان ثقيلا لا يعجب البعض.
فلنسأل انفسنا نحن في الجامعات هل ان خريجينا يمتلكوا مهارات الحياة الناعمة لتجعل من الخريج انساناً قبل ان يكون قانونيا واعتقد بان التسامح وفهم المخطئ احيانا وتخفيف العقوبة التي لا تمس حقوق الافراد قد تكون احيانا هي العدالة برمتها وربما رأينا هذا في بعض الروايات القانونية والتي زرعت انطباعاً جميلا ولطيفا عند الناس بسبب فهم القاضي لحاجات الناس وظروفهم ومسببات اقتراف الاخطاء وما يملكه القاضي من قلب رحيم .
ان منظمة الفرانكوفونية وما تملكة من نظرات وميول إنسانية جميلة تمنح هذا النوع من التدريب في العيادات القانونية بعدا آخر إلا ان منطقتنا بحاجة إلى ما هو ابعد من هذا، فما فائدة عملنا ونحن نرى الظلم والقتل والتجويع يسود فلسطين وغزة واصبح مطلوبا من اصحاب الضمير العالمي ان يقولوا قوله بحقوق الفلسطينين بارضهم وان يتوقف القتل والتجويع المتعمد.
حكى الله الآردن ملكا وحكومة وشعبا
ويسر الله للبشرية سبل العدل والمحبة والسلام"