المخيم: انسحاب دولي وتغيير هوية
سميح المعايطة
27-04-2011 07:04 AM
مخيمات اللاجئين من الشعب الفلسطيني واحدة من الملفات بل القضايا التي لابد ان تكون حاضرة على جدول أعمال الجميع، لأن المخيم وأهله واحدة من معارك الامة المفصلية والباردة، لأنها ممتدة على مدى سنوات الصراع العربي الصهيوني، وتتم إدارتها من قبل قوى دولية وحكومات الاحتلال بكل احتراف لتحويلها من قضية شعب وحقوق إلى بقع جغرافية تذوب في الدول التي تستضيفها.
وجزء من معركتنا جميعا مع الاحتلال أن يبقى هناك شعب فلسطيني يحمل هويته ولايستبدلها بأي هوية أخرى أو حقوق ومكتسبات على أي أرض، ولهذا كان الإصرار دائما من الاحتلال على تعريف الفلسطيني بأنه ابن الضفة وغزة فقط، وأن من هم في الشتات ليسوا جزءا من الشعب الفلسطيني وليس لهم أي حقوق. وكانت فكرة منظمة التحرير أنها تمثل الجميع، وحتى اليوم فإننا يجب أن نحافظ على فكرة تمثيل المنظمة لكل الفلسطينيين في الداخل والخارج على صعيد معارك حقوقهم الكبرى وأهمها حق العودة.
المخيمات عمرها من عمر إقامة كيان الاحتلال، وكلما بقيت هذه المخيمات عنوانا للهوية الفلسطينية وبقيت أولويات أهلها الذين يعيشون فيها أو من غادروها لظروف العمل والسكن أولويات منبثقة من جوهر الصراع مع الاحتلال، فإننا نكون على الطريق السليم في إدارة معركتنا مع الاحتلال.
هنالك انسحاب دولي منظم من المخيمات عبر تخفيض الخدمات تدريجيا، وهذا الانسحاب عنوانه تقليص الخدمات لكنه في جوهره تحلل من الالتزام الدولي تجاه الشعب الفلسطيني، لأن فكرة المخيم أنه حالة مؤقتة وأن الخدمات المقدمة ليست عونا إنسانيا بل التزام سياسي يرافقه عمل لإعادة الفلسطيني إلى أرضه. وإذا استمر الانسحاب وتقليص الخدمات فإننا سنجد المخيمات يوما بقعا جغرافية تفقد رمزيتها السياسية على صعيد تأكيد الحق الفلسطيني. ومن ينفذ مؤامرة الإنسحاب الدولي من الخدمات يدرك ما يفعل ويراهن على صناعة واقع جديد في الأجيال.
وكلما ازداد الانسحاب الدولي من رعاية المخيمات، انتقل العبء الخدماتي تدريجيا الى الدول المضيفة ومنها الاردن. وفرق بين خدمات تقدمها الدولة لمساندة الشعب الفلسطيني في المخيمات ورفع مستوى الخدمات وبين أن تنسحب الامم المتحدة تدريجيا ويصبح العبء الخدماتي على الدولة إضافة إلى العبء السياسي على صعيد تفريغ القضية الفلسطينية من مضامينها.
وهذا ما تسعى إليه القوى الدولية والكيان الصهيوني.
المخيمات مساحة جغرافية لكنها يجب أن تبقى عنوانا للحق الفلسطيني. وكلما أصابها التغيير من حيث الاولوية أو الالتزام الدولي السياسي والخدماتي خدم هذا المشروع الصهيوني في تحويل المخيم إلى بقعة جغرافية عادية. ولهذ فإن الحذر والتعامل السياسي بحساسية هو ما يجب بإدارة هذا الملف.
خلال زيارة رئيس الوزراء إلى مخيم البقعة قبل أسبوع، وقف أحد وجهاء المخيم متمنيا أن يرى في شوارع المخيم سيارة لوزير يسكن مخيما أو باشا من الجيش يسكن المخيم.وهي مطالب ربما صنعها واقع سياسي وقناعة ابن المخيم أنه يحمل الجنسية الأردنية، وهذا أمر صحيح؛ فهو يحمل الجنسية ومواطن له حقوق، ومع القناعة بأن كل أبناء المخيمات حريصون على هويتهم وحقوقهم على أرض فلسطين، لكن تتابع العقود ودخول أفكار وتغير أولويات البعض يجب أن لا تخرجنا عن معركتنا الكبرى وهي أن لا نسمح لأي جهات دولية وقبلها الاحتلال، بأن تحول المخيم من عنوان لظلم الاحتلال إلى جغرافيا عادية في كل البلدان التي تستضيف هذه المخيمات.
الغد