برقية برلمانية .. الى وزارة البلديات
د. نضال القطامين
27-04-2011 06:16 AM
امضي قدما في هذه البرقيات، وهذه الثالثة، سعياً نحو جهد وطني شامل، يقف في وجه هذا التسونامي الهائل الذي يمد لنا بلسانه ويقطف ارواح الابرياء، ولست مباليا ان يكون موضوعها بعيدا في ظاهره عن الاعتصامات او عن الاصلاح، ولست مناديا باستبدال هذه بتلك، انما احاول لفت النظر على الاقل لما يمكن لنا ان نفعله حيال حوادث الطرق رأفة بالذين يسقطون بالعشرات قتلى وجرحى، دون أن يجدوا أحدا يعلّق جرس الخطر ويقرعه، ودون أدنى اهتمام حكومي أو شعبي، بالأسباب والمسببات.
إني موقن وانتم موقنون، ان كل اصلاحات السياسة ليست اهم من قطرة دم برىء تراق على اسفلت مترع بالنجيع، وان ما اتحدث عنه مهم بقدر اهمية الاصلاح ويزيد عليه، وسأمضي قدما في هذا الحديث، رغم الاحباط الذي اصابني من قلة المهتمين بموضوع هذا الوحش الكاسر- حوادث الطرق- ويهمني ان تصل هذه الرسائل الى مسؤول مهتم، فيفعل ما يستطيع، ويستبرء لدينه ووطنه وشعبه ومليكه.
افتتح الحديث في هذه البرقية بعامل مهم تغفل عنه الإحصائيات ولا تضعه بالحسبان، على الرغم من أثره الكبير والذي لا يمكن التغاضي عنه في التسبب بعدد كبير من حوادث الطرق، وهو الطريق وبيئته، بما في ذلك أثاث الطرق، داخل حدود البلديات التي تقع مسؤوليتها المباشرة على وزارة البلديات (بعيدا عن شبكة الطرق الواقعة داخل حدود امانة عمان الكبرى وبعيدا عن شبكة الطرق التابعة الى وزارة الاشغال العامة والاسكان). والمقصود بأثاث الطّرق: الإشارات الضّوئية، الدّهانات الأرضية، الشّواخص الأرضية، الشّواخص التحذيرية والإرشاديّة، الصدامات الجانبية، المطبّات، الضّوابط الهندسيّة المروريّة المتعلقة بتهدئة المرور إجباريّاً…….الخ.
تتصف الطرق وبيئتها من حيث التّخطيط والتّنظيم الهندسي في المدن الأردنية بما يلي:
قلة وأحيانا ندرة، الشواخص التحذيرية والإرشادية، وان وجدت فان مواقعها بحاجة إلى إعادة نظر سواءً عند مداخل المدن أو في كافة احيائها. علما بان الدهانات والشّواخص الأرضية تكاد ان تكون معدومة.
قلة مواقع المشاة المختلفة والواجب توفرها لعبور المشاة كالجسور العلوية، وألانفاق السفلية، وإلاشارات الضوئية الخاصة بالمشاة، ومواقع عبورهم الآمنة.
انعدام تام للأرصفة الآمنة والتي يجب أن تتوفر لخدمة المشاة، في ظل استيلاء أصحاب الدكاكين والبسطات علي الموجود منها، فأصبحت غير ملائمة لاستخدامات المشاة، وملأى في معظمها بالأشجار والأعمدة والأحجار المكسرة والأتربة.
كافة التقاطعات والدواوير مصممة بـصـورة ارتجالـيـة، ولا تــسـتـنـد عـلـى القواعد الهندسية السليمة.
التشجير والتخضير معدوم داخل المدن ولا حتى في المواقع الهامة على الأقل، والمنتزهات الخضراء التي يجب أن تتوفر داخل المدن غير موجودة فلا يملك المواطن إلا أن يختار قارعة الشوارع أو الدواوير مكاناً للتنزه له ولعائلته.
تواجد كافة المحال التجارية المتضمنة لمعظم المهن على أطراف الشوارع الرئيسية من محلات: الحدادة، الميكانيك، المطاعم، وغيرها.
سوء تنظيم مناطق التجمعات السكنية، ووقوعها على شوارع رئيسية واختلاطها بالأسواق والأماكن التجارية، وخلوّها من مواقع تشكل متنفساً للمواطنين، مما يشكل خطراً كبيراً على حياة السكان جميعهم بلا استثناء!
عدم وجود ضبط حقيقي لمواقع الوقوف أو التوقف محددة وواضحة المعالم. وان معظم المطبات الضرورية جدا لتهدئة المرور بحاجة الى اعادة دراسة من حيث الموقع والتصميم.
المعالم الرئيسية في المدن بما في ذلك (المؤسسات الحكومية) من أماكن سياحية ومستشفيات ومدارس وغيرها، تفتقر إلى وجود آرمات إرشادية واضحة تدل على وجودها، بحيث يستطيع السائق (الغريب على الاقل) الوصول إليها بسهولة إذا احتاج إلى ذلك.
لا يوجد للمدن أية معالم تميزها وتجعلها منفردة ومحددة سواءً داخل المدينة أو خارجها، كالنوافير الباعثة للحياة أو التماثيل الرمزية أو أقوال قائد البلاد ذات المعنى وغيرها.
وجود الحاويات البشعة بدون تنظيم وبطريقة عشوائية وفي مواقع متعددة والتي تكون في معظم الأحيان خاصة أيام العطل والمناسبات ملأى إلى درجة فوق الإشباع، مما يضفي منظراً غير حضارياً البتّة.
كافة العبّارات الموجودة بمحاذاة الطرق أو تحت الطرق الرئيسية أو الفرعية لنقل المياه في الشتاء، ملأى بالأتربة والأوساخ والعبوات الفارغة وجذوع الأشجار، فهي مغلقة ولا تؤدي الغرض الذي أنشئت من أجله، وهذا ما نلاحظه بصورة جلية مع أول يوم من أيام فصل الشتاء.
اما سعة الشوارع الـهـندســيـة، والمفترض ان تكون وسيلة مهمة لضمان الانسياب المروري السهل المرن، فانها غـيـر مفعّلة ولا يستفاد منها، نتيجة عوامل كثيرة منها:
وقـوف الـمـركبات على اطرافها بـصـورة غـيـر مناسبة، وبازدواجية في بعض الأحيان.
وجود فتحات أو دخلات فرعية كثيرة جداً تتفرع من معظم الشوارع الرئيسية.
كثرة المحلات التجارية غير المتوفر فيها المواقف أو مواقع للتوقف أو الوقوف.
نتيجة مرور الأحمال المحورية الكبيرة على ألاطراف اليمنى لبعض الشوارع، فان سطوحها منبعجة ومتموجة وغير مصانة، مما يؤثر على سعة الشارع وسعة المرور عليه، ويؤدي إلى تجنب السائقين استخدام الأجزاء اليمنى من الطريق والسير عليها، ويفتح الباب امام وقوع الحوادث.
الافتقار إلى مواقف للمركبات والباصات بعيدة عن مسار السيارات والحافلات، والافتقار أيضا إلى مسارب خاصة لحافلات النقل الجماعي.
إننا نواجه مشكلة انعدام وجود مرجعية موثوقة في المعلومات إلاحصائية يمكن الرجوع اليها عند التفكير بتطوير المدن، مثلما نفتقر الى بنوك المعلومات التي يمكن ان تزودنا بكل ما نحتاجه من معلومات ومعارف تساعدنا في التخفيف من الازدحام والفوضى المرورية وحوادث الطرق.
ان استحداث دائرة متخصصة في وزارة البلديات يديرها مهندسين متخصصين في علم هندسة الطرق، وعلم هندسة المرور، وهندسة تنسيق المواقع، وعلم حوادث الطرق، وهندسة النقل، والتخطيط الحضري، مزودين بكافة السبل الفنية لاستحداث دليل هندسي موحد يحتوي على كافة أنواع المشاكل والحلول المتوقعة ضمن الميزانيات المتاحة، ويستخدم لكافة شبكات الطرق داخل حدود المدن والقرى التابعة لوزارة البلديات، يشكل اولى خطوات الحلول.
ومن منبر عمون وفي ضوء الغيض الذي ذكرته من الفيض، اطلق صوت الملايين بصوت واحد وادعو وزارة البلديات، للالتفات الحقيقي والسريع الى هذا الواجب الاهم من واجباتها الرئيسية، لتغدو مدننا حضارية ومنظمة وتساهم في التخفيف من نسبة وحدة حوادث الطرق على شبكة الطرق التابعة لها..........