الصحافة الورقية .. صراع البقاء ورهانات الرقمية
معتز بالله عليان
11-07-2024 07:53 AM
مما لا شك فيه أن الصحافة الورقية تواجه منذ بضعة سنوات أزمة حقيقية حيث أخذت تتفاقم من سنة إلى أخرى في العديد من الدول، وخاصة من بينها الدول الغربية التي تعتبر متقدمة، وبدرجة أقل من الدول العربية، والسبب يعود لظهور شبكات الانترنت وهو ثورة الاتصال والمعلومات، لكي يتم التغيير في خريطة المنافسة في عالم الصحافة بين صحف ورقية فيما بينها، إلى صحف ورقية وأخرى إلكترونية. وقد اكتسب هذا النوع الذي هو من النوع الجديد من الصحافة أهمية هيه بالغة منذ ظهور الإنترنت في أوائل تسعينات القرن العشرين بعد أن لوحظ تغير في سلوك العادات الاستهلاكية للقراءة وخاصة مع ظهور جيل الانترنت الذي لم يعد يتعامل مع الصحف الورقية بنفس الشغف من خلال تعامله مع الصحف الالكترونية والتي تتميز بالسرعة نقلها إلى المعلومات وإبهارها. إن الصحافة الالكترونية اتاحت للمستخدم فرصة في متابعة الاحداث لحظة بالحظة حدوثها ونقل المعلومات من خلال الصوت والصورة في الوقت الذي تضطر فيه الصحيفة الورقية للانتظار أربعة وعشرين ساعة لطباعة الخبر فتَفْقِد بذلك ال سبق الصحفي الذي ظل لعدة سنوات أحد مؤشرات نجاح الصحيفة.
ومع انتشار الانترنت حيث ارتفع معه أعداد مستخدميه، أدي إلى سعي العديد من المؤسسات الصحفية في العالمين الغربي والعربي إلى القيام بإنشاء مواقع إلكترونيه لصحفها ومطبوعاته الورقية، حيث يعود أول صدور لنسخة إلكترونية في العالم إلى عام 1993 بعد أن أطلقت صحيفة "سان جوزيه ميركوري" الأميركية نسختها الإلكترونية، وتلالها وبعد عام واحد فقط فقد تم تأسيس صحفيتي ) البريطانيتين لنُسْخَتِهما الإلكترونية Times) والتايمز (Daily Telegraph)
كَثُر الحديث في السنوات الأخيرة عن تهديد الصحافة الإلكترونية والإعلام الإلكتروني بشكل عام للصحافة الورقية حيث اعتبر البعض في العالم العربي إن الصحافة الالكترونية ستكون بديلا عن الصحافة الوقية التي تمضي إلى الزوال لا محالة"، تماشيا مع واقع العصر الذي نعيشه، وظهور جيل جديد من الشباب توافق إلى محامل إعلامية تتحدث لغتهم وتفهم تطلعاتهم وتستوعبها.
اقتحمت الصحافة الرقمية عالم الاعلام والمعلومات والاخبار والاتصال، وانتزعت من الصحافة الورقية عددا كبيرا من جماهيرها الذين لديهم عادات الاستهلاك الاتصالية حتى يتجهوا إلى الكمبيوتر والألواح الإلكترونية والهواتف الجوالة لكي يتم الحصول على الاخبار والمعلومات، ولِيَتَغَير بذلك دور الوسيط والتفاعل في البناء الجماعي للموضوع التقنني فني إطار ما يُسمى ب “الاستخدامات والإشباعات “
تعود نشأة الصحافة الإلكترونية إلى بداية السبعينات مع ظهور خدمة التيليتكست (5) عام 1976 كثمرة تعاون بنين مؤسستي "بي بي سي" و"الإندبنندنت برودكاسنتينغ" ثم مع ظهور نظام بريستيل " وولادة خدمة الفيديو تكست (6) عام 1979 على يند مؤسسة (Prestel) البريطانية "وبناء على الجناح الذي أحرزتنه المؤسسات المذكورة British Telecom Authorityفي توفير خدمة النصوص التفاعلية للمستفيدين، دخلت بعض المؤسسات الصحفية الامريكية في منتصف الثمانينات على الخط، وبدأت في العمل على توفير النصوص الصحفية بشكل إلكتروني إلى المستفيدين عبر الاتصال الفوري المباشر.
إذا كانت الصحف الورقية غير قادرة على مجاراة الصحف الإلكترونية كوسيط نقل جديد للمعلومة والاعلان، ومنافسة مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت التي تستقطب مئات الملايين من المستخدمين موفرة سرعة نشر الخبر للقارئ، وقت حدوثه وتحديثه لحظة بلحظة وإتاحة المجال لهم للمشاركة في التعبير عن آرائهم ومناقشتها مع قراء آخرين بكل حرية على نحو لم يسبق له مثيل فإن ذلك لا يعني بأية حال من الأحوال انقراض الصحافة الورقية المطبوعة فني المستقبل المنظور، خاصة بالنسبة للعالم العربي حيث كثر الحديث عن إمكانات تعايش الورقي مع الرقمي.