براقشُ الجماعة وبحصة الحكومة
ممدوح ابودلهوم
07-08-2007 03:00 AM
عبثية النقش على الماء الديموقراطي ؟!مرةً أخرى لعلها تكون الأخيرة في مشوار عقلنة مراهقيّ العمل الإسلامي ، تقوم الدولة الأردنية ممثلةً برئيس الحكومة الدكتور البخيت ببق البحصة و المجاهرة بالقول الفصل ، لا بل أكاد أجزم شخصياً أولاً كمواطن عادي من الأغلبية الصامتة و ثانياً كمراقب سياسي و كرجل وعي بالتالي ، بأن ما قاله دولة الرئيس مساء السبت الماضي و نشرته ( الرأي ) الماجدة صبح الأحد ، و ذلك في المقابلة الجامعة التي أجراها مع دولته الأستاذ رمضان رواشدة مدير عام وكالة الأنباء الأردنية ( بترا ) ، هو بمثابة ترسيخ الشرعية و إرساء النظام و انتهاج روح المؤسسية ، ما يفضي بالمحصلة إلى ديمومة جريان ماء الحياة في شرايين عزموية الدستور الأردني ، جنباً إلى جنب مع تأكيد المرجعية عبر التلويح بعصا القانون ، والتذكير أيضاً بسيادية الأردن من حيث أنه دولة القانون و المؤسسات ، كحلقات في سلسلة إعادة الهيبة للدولة الأردنية في إهاب السلطة التنفيذية ممثلةً برئيس الحكومة ، بعد إذ بق كما سبق و آنفنا بحصة دايلما الجماعة ، وبأنها كانت وما زالت مجرد وهم من مخيالهم المثقل بالعدمي العبثي حتى لا أقول العمائي الخوارجي .
البعض قال بأنها دايلما مؤسطرة ، كقصة بينيلوب التي كانت تنكث بنهارٍ ما كانت تنسجه بليل و ( كلام الليل مدهون بزبدة ) !، بل راح صالوني بارز إلى وصفه بالرتق التاريخي إياه في ثوب الجماعة (!) وجوابنا نحن الأغلبية الصامتة لا بأس لكن مع إعتبار حقيقة أنه من المحال أن يتسع على الراتق الحكومي ، و هي حقيقةٌ تعرفها الحكومةً و الأغلبيةً الصامتةً بل و الأردنيون جميعاً منذ 60 عاماً ، أي منذ استقلال المملكة عام 1946 حيث بداية احتضان الدولة لجماعة الأخوان المسلمين و حتى يوم الناس هذا .
غير أن الحركة التي كنا و ما زلنا نحترم خيار العقل ، في الانحياز للوطن لدى روادها الكبار الأوائل و بناتها الحكماء الموقرين ، قد راحت و منذ ولادة إبنها المدلل حزب جبهة العمل الإسلامي و على أيدي مراهقيه تحديداً ، تواجه كل صبح ما كانت تجنيه براقش في مثلنا القديم ( جنت على نفسها براقش ) ، و بكلمة فصل خطاب – ذلك أن الحكاية معروفة و الإحالة محسومة ، ولو عبر النموذجين الأخيرين الأول طخ الحزب – بني ارِشيد و أبو السكر .. مثالاً ، على جهود الحكومة الخارقة في تحرير وإعادة الأسرى الأردنيين الأربعة ، والثاني الأحبولة الفاشلة الأخيرة في انسحاب بعض مرشحي وناخبي الحزب / الجبهة ، فإن دولة الرئيس معروف البخيت بالإنابة عن الدولة الأردنية بلسان الحكومة ، قد وضع في المقابلة أعلاه النقاط على الحروف و أعاد تبويب الفصول ، قبل أن يسطر كلمة الختام و يضع جانباً كتاب العلاقة بين الحكومة و الجماعة .
عبثية و عدمية أو ربما (مراهقة قرار) انسحاب حزب جبهة العمل ، وبالتالي انصياع (قلة قليلة) من مرشحيهم وبرقم لا يذكر من ناخبيهم توزعوا على جميع محافظات المملكة ، لا يمكن وصفه فقط بالفشل والإفلاس السياسي مع مصادقتي على هذا الوصف وتقديري لواصفيه ، بل هو إلى ذلك أيضاً أقرب رحماً إلى عنونته بالتخبط السياسي ، من حيث هو وضع يترجم بالدليل الساطع حالة قلق أيدلوجية فكرية وإدارية لدى صاحب القرار : رأس الهرم في الحزب ، ما يفصح وبالبرهان القاطع أيضاً عن حالة تراجع في شعبية ما يسمونهم جماهير الحزب (!) نتاجاً طبيعياً لتقاطع عناصر مركب الصورة المثالية لعملية الاتصال بين الطرفين ، وقد شوهها القادة الجدد من أنصاف التابعين الذين يفتقدون عنصريّ الرمز والكاريزما ، وبذات الرؤية أيضاً قد ينسحب على حالة التباعد بين النظرية والتطبيق ، التي عبّر عن بعضها كما سبق وأشرنا عنوان التخبط أو حالة القلق لدى أصحاب القرار الجبهوي !
ومهما يكن من أمر هذا القراءة الابتدائية – فلكل مقام مقال و ( هيك مظبطة بدها هيك ختم ) ! ، والتي جاءت صدىً افرازوياً لضبابية الذهنية التنظيرية لدى مفكريّ الحزب – فمن يحضر السوق يتسوّق و (واللي بدق الباب بلاقي الجواب) ! ، فإن ما حدث لا يمت بصلة من قريب أو من بعيد إلى السياسة ، إن من حيث كونها علماً وبأنها فن الممكن ، أو من حيث وصفها باللعب على طريقة الساسة المصريين ، وأشهرهم في هذا زعيم حزب الوفد المصري الباشا فؤاد سراج الدين – بقولته الشهيرة : ( إزا عاوزين تلعبوا سياسة تعالوا نلعب سياسة ) ! ، و قد يكون و بالمناسبة باشانا معالي المهندس عبد الهادي المجالي رئيس مجلس النواب ، قد أخذ هذه العبارة و استخدمها كلازمة في كثير من حواراته و مداخلاته عن زميله الباشا المصري ! ، بل هو لون أقرب إلى المماحكة الصبيانية منه إلى سلوك الأولاد المشاغبين على طريقة ( يا لعيب يا خريب ) ! ، و باختصار هو مجرد فذلكة قولانية يرونها سياسة و نراها طنّاً أشبه بردح الغجر أو نسوة في حي صقليٍّ قديم ، و في أحسن الأحوال هو نقش على الماء يبقى حبواً عدمياً أو تأتأةً عمائية ، أو قد يكون أي شئ إلا أن يكون عملاً سياسياً أو حراكاً وطنياً ، على أنه .. خلوصاً – وللحديث بقية ، و بأي حال ، لن يجرؤ على الاقتراب من روض الديموقراطية العاطر بكل تلاوين التعددية و الحوار و الفكر الوسطي القويم . ]
Abudalhoum_m@yahoo.com