اتساع نطاق المنادة بالاصلاح السياسي ،وضروراته الموجبة اصبحت الشغل الشاغل للشارع الشعبي الاردني ،سواء الحديث الدائر في الصالونات المغلقة والمفتوحة ،او في المقهى والشارع ،وعلى بوابات المحلات وفي حافلات الركوب .
واتسع نطاق الحديث عن الاصلاح المنشود ،اكثر فاكثر ودخل دور العبادة من اوسع بواباتها حتى استقر في محاريبها ،ليأخذ الاصلاح اهمية الغالبية وتشغلهم اكثر من تفصيلات الحياة اليومية واهتمامتها الاقتصادية وارغفة الخبز ،مما يعني ذلك ان الاصلاح السياسي بكل تبعاته وملحقاته احتل صدارة انشغالات الناس اجمعين باستثناء قلة موتورة تدع الوطنية ويتسع ثراءها على حساب الوطن ومصالحه .
في ضوء المعطيات اعلاه ،وما اعلن وما هو مخفي من احاديث دائرة ،صار لزاما الاتجاه نحو تشكيل جبهة وطنية للاصلاح السياسي ضمن اطار شعبي يمتلك التجربة والوعي والارادة وتوظيف طاقاته بهذا الاتجاه للنفاذ نحو الهدف وانقاض ما يمكن انقاضه دون خسائر وطنية مفترضة او فوضى تقودنا الى غير الهدف المنشود .
التريث في قضية الاصلاح السياسي لا تحمل ايجابيات على كافة الصعد ، وهذا لا يعني ان "الاستعجال" مفيد ، غير ان الرؤية الاصلاحية السياسية وما يحتاجه الناس في هذا الموضوع ،لا يحتاج الى عبقرية خارقة ،ولا يحتاج ايضا الى عصا سحرية ،بقدر ما نحتاج الى قرار سياسي قابل للتنفيذ والتطبيق بعيدا عن قوى "الشد العكسي" التي تسعى بكل ما اوتيت من قوة ومال ونفوذ الى ابطاء حركة الاصلاح السياسي المتناقضة معها ، والكاشفة والفاضحة لامرها .
الحراك الشبابي الدائر الان ،وحراك ممن يمتلكون الحالة الذهنية الشبابية وحكمة التجربة في العمل العام واقصد بذلك ممن تجاوزا سن الستين ويقف بعضهم على مشارف السبعين ،في مختلف انحاء المملكة وضمن مسميات تأطيرية متعددة ومشروعة مطالبة بالاصلاح ،يجب ان تأخذ مكانتها الان في جبهة وطنية واحدة تتجه نحو الاصلاح بعيدا عن اي خلاف او اختلاف ايدولوجي وما شابه ذلك من اشكاليات شكلية .
المهم في الامر جوهر فكرة الاصلاح السياسي عبر جبهة واحدة وموحدة لتكون اداة شعبية ضاغطة في مواجهة قوى "الشد العكسي "،وتفويت الفرصة عليهم في اطالة عمر مشاريعهم واتساع نفوذهم .
في ظني ان تريث الشارع الشعبي وقواه الحية ،والتأخر في تشكيل جبهة وطنية للاصلاح سيؤد بالنتيجة الى اطالة عمر هذه القوى ،بل وسيكون عاملا اساسيا في اتساع نفوذها وتمددها افقيا وعاموديا ،وخير دليل على ذلك قصة "تهريب" خالد شاهين المماثلة لقصة سيء الذكر المدعوق احمد الجلبي بطل فضيحة "بتراغيت" المشهورة ، وغير ذلك من ادلة الفساد التي اصبحت "تمشي على ارجل" وواضحة حتى للمصابين بقصر النظر .!!
ان دفع جوهر الاصلاح السياسي الى الامام ،لا يتناقض بالمطلق مع الولاء والانتماء ،فالجميع على توافق مع هذا الامر ،بل وتدفع القيادة السياسية العليا في البلاد (جلالة الملك) بهذا الاتجاه ضمن رؤية مساندة للشارع الشعبي وقواه ..
ثمة مواقف كثيرة تستحق التوقف عند كل قضية فساد كبيرة ، قضايا فساد تماثل "موارد" وبيع بعض اصول الدولة باثمان لا تعادل 20% من قيمتها الفعلية ـ شركة الكرباء نموذج ـ التي بيعت بنحو 115 مليون دينار ،اي باقل من ثمن "الخردة" المخزن لدى الشركة .!!
الحديث حول هذه القضايا طويل ، غير ان الحاجة الشعبية الماسة تتطلب تقصير الفترة الزمنية لتحقيق الاصلاح السياسي عبر جبهة وطنية للاصلاح لتتمكن من مواجهة "الفساد" الذي يعتبر اصلا رأس الافعى الواجب قطعه بنصل لامع وارادة فولاذية ، لان الشعب بقواه الحية والمنتمية شخل دمه كثيرا جراء نصل الفاسدين عبر سنوات فائتة .
adnandyab@yahoo.com