التعبئة الدينية الطائفية ليست خيارا
جميل النمري
22-01-2007 02:00 AM
اعدام صدّام حسين أيقظ ردّة فعل وطنية و قومية عربية ، لكن على ما نرى هناك من يريد تحويلها الى ردّة فعل طائفية سنّية ، وهذا لعمري ذروة الانجرار الى الخطأ و الخطيئة ، إن تفجير الكراهية و الانقسامات الطائفية يخدم اسرائيل و أنصارها في الادارة الأمريكية و هو ذروة ما يمكن أن يطمح له من يتربص شرا بهذه المنطقة و أهلها.
لقد انزلق العراق الى انقسام طائفي دموي و ليست مهمتنا الانجرار وراء هذا الانقسام و تعميمه وفق ما نرى في خطاب بعض المشايخ و الاوساط الاسلامية. قضيتنا مع ايران ليست طائفية دينية بل وطنية قومية يمكن حلّها و يجب حلّها بالضغط أو بالتفاهم مع ايران لكي ترفع يدها عن الوطن العراقي الذي لا نقبل تقسيمه أو اخراجه من اطاره العربي و كذلك بأن تكفّ مالها و نفوذها عن الشيعة العرب من أجل مصلحتها و مصلحتنا و مصلحة التعايش و التعاون بيننا كجيران تاريخيين و دائمين، يكفينا درس حرب السنوات العشر الكارثية علينا و عليهم.
الصلات الروحية بين الشيعة في كلّ مكان صلات مشروعه لها كل التقدير و المودّة لكن يجب الحذر من توظيفها و تجييرها لمصالح سياسية ، وهذا لا ينطبق على الشيعة فحسب بل على أي طائفة أو فئة أو ملّة، و أن لبنان خير نموذج على ذلك فحين تتبع كل طائفة دولة راعية لها بديلا للولاء الوطني اللبناني و الانتماء العربي فهي الكارثة على لبنان و على العرب ، و حيثما تبرز تنويعات طائفية كم تظهر الحاجة الى الخيار الوطني اللاطائفي و هو بتعبير آخر الخيار العلماني الذي يتبناه الآن رجال دين مخلصين و منزهين عن الهوى السياسي في العراق و أيران و لبنان يريدون انقاذ الدين و الدولة من هذا الاحتكاك فوق برميل البارود . بهذا المعنى أفهم مداخلة النائب د. مصطفى شنيكات و استغرب خضوع رئيس مجلس النواب لأبتزاز بعض ردود الفعل من الاخوان بحيث طلب شطب ما قاله شنيكات من المحضر! و ما قاله شنيكات هو خلاصة عابرة لما كتبه زميلنا الأستاذ محمد أبو رمّان في الغد قبل يومين تحت عنوان العلمانية هي الحلّ ، و هو لم ينطلق من تحليل نزيه للواقع فحسب بل من تجربته الشخصيّة السابقة في التيار الأخواني .
أمّا الحل الذي يقترحه فضيلة الاستاذ يوسف قرضاوي فهو تحريم الأستقطاب للتشيع في البلدان السنّية و هو يريد أن يقنع ايران قائلا ماذا يفيدها تحوّل مئات او ألوف الى المذهب الشيعي من بين ملايين في هذا البلد أو ذاك! و نردّ : ماذا عن حرية الفرد العقيدية في أن يكون شافعيا أو شيعيا ، وماذا عن حق التحوّل الى المذهب السنّي في ايران ؟ و ماذا عن حق كليهما في التحول الى المذهب الآخر في بلد غير مسلم . منطق القرضاوي القسري الذي يفترض الناس أسرى مؤبدين لحوزات مذهبية لا يستوي ، و أسوأ من ذلك الدعوات في ندوة ضيقة في عمّان مؤخرا لدعم الاسلام السياسي السنّي في مواجهة الاسلام السياسي الشيعي حيث يفترض هؤلاء ان لدينا مخزونا استراتيجيا مثل الأخوان المسلمين لزجّه في مواجهة التشيع الذي يجب تعقبه و قمعه. و هكذا يجب الايغال في العصبية الدينية- الطائفية بدل الاستخلاص الصحيح بالتركيز على الإنتماء الوطني و القومي الجامع ، و حيث يكون التدين و فق أي مذهب شأن شخصي خالص لا يسأل عنه المرء و لا يسائل .