يوم السبت الماضي، وهو لا يعتبر في الصحافة يوم ذروة بأي حال، استطعت أن أرصد واحد وأربعين مقالا سياسيا في أربعة صحف أردنية يومية مقابل ما لا يزيد عن خمسة مقالات في الشأن الإجتماعي المحلّي. وفي يوم الأحد، بدون مبالغة، تضاعف العدد بما يخص المقالة السياسية بينما لم يزد حضور المقالة الاجتماعية شيئا ً يذكر.
في الكتابة بالشأن الإجتماعي وسيلة للتضامن، فحين تُطرح ظاهرة اجتماعية أو أخلاقية أو حالة من حالات النفس الإنسانية فإن هناك حتما من يشعر أن مشكلته أو شعوره ليس أمرا ً فردياً بل احساساً يشاطره فيه الناس ومشكلة عامة لها أسبابها وحلولها وهذه كخطوة أولى تشعر القارئ باللُحمة مع مجتمعه وتجذبه ليعرف أكثر. لكن أعداد المقالات المتكاثرة في الشأن السياسي، يقابلها إغفال لأهمية المقالة الإجتماعية التي تخص حياة الناس مع أن الجانبين مرتبطان ببعضهما لا يمكن الحديث عن مشكلة اجتماعية بمعزل عن الواقع السياسي والعكس صحيح.
ما أردت قوله أننا بحاجة لحضور اكبر للمقالة الإجتماعية في صحافتنا والتي تحاكي وتعالج السلوك الإجتماعي، وتأثير المتغيرات والمشاكل الإجتماعية على الشخصية الانسانية والأوضاع الحياتية وعلى الفن والثقافة والسياحة وغير ذلك، وأتوقّع أن عددا كبيرا من المقالات السياسية لا تجذب الكثيرين لقراءتها، لأن الناس ملّت من أي شيء آخر لا يعيد إليها بعضاً من الأمل في حياة أفضل، والمواطن العادي يعيش ضغوطات كثيرة يريد من يشاطره همومه ويعينه في التخفف منها.
حوادث اجتماعية كثيرة تمر دون تعليق من الكتّاب، وفي الحادثة الأخيرة التي اقشعرت لها الأبدان حين أقدم أب على قطع رأس طفلته، مر الخبر دون التفات سوى من مقالتين أو ثلاثة على الأكثر، وانغمست كل الأقلام تحليلا سياسيا ً في الشأن المحلّي والعربي والعالمي بما لا يهم السواد الأعظم من الباحثين عن لقمة العيش المتعَبَة وعمن يحكي عن همومهم والحال من العنف الذي وصل إليه كثيرين من أزمة معنوية وثقافية وفكرية.
الجانب الاجتماعي في الدول العربية عموما ساخن جدا، والمأمول وقفة من أصحاب الأقلام القوية لتعزيز شعور الأفراد بالمسؤولية الوطنية ورفع الوعي الإجتماعي بتخصيص مقالتين أسبوعيا على الأقل ضمن عمودهم اليومي للشؤون الإجتماعية المحلية، كما تتطلب الحالة الإجتماعية استقطاب مختصين اجتماعيين وتربويين وفنانين وأئمة ومن أصحاب الخبرة الذين قضوا جل وقتهم في العمل العام ولهم تماس مباشر مع الناس والقدرة على قراءة أحوالهم وتفكيرهم للحديث في المسؤولية الإجتماعية والأمن الاجتماعي والهم الحياتي والمعيشي، وهذا في الوقت الحالي أجدى وأنفع.
(الرأي)