أين الوفاء؟! .. ما بين "روك" .. والوعود الانتخابية
محمود الدباس - ابو الليث
09-07-2024 11:15 AM
في عالم مليء بالتحديات والتغيرات.. يبقى الوفاء قيمة نادرة تستحق التأمل والاحترام.
يُحكى أن كلبًا يُدعى روك.. عاش في قرية صغيرة.. كان معروفاً بولائه الشديد لصاحبه.. وفي إحدى الأمسيات.. جلس روك تحت شجرة ضخمة وهو يفكر في الظلم الذي يلحقه البشر بأمثاله من الكلاب.. خاصة عندما يشبهون الشخص غير الوفي بالكلب.. جاءه أحد الحكماء في القرية.. فسأله.. "ما بك يا روك؟!.. تبدو حزينًا؟!".
أجاب روك.. "نحن الكلاب نحب أصحابنا بدون شروط.. نحميهم من الأذى بدون أن نتوقع مقابلاً.. ونبقى أوفياء حتى في أصعب الظروف.. نحن لا نخون ولا نكذب ولا ننافق.. ولا نترك أصدقائنا في الأوقات الصعبة.. نتعاون ونساعد بغض النظر عن المصلحة الشخصية.. واذا غضبنا.. يكون غضبنا على قدر السبب".
استمع الحكيم بانتباه وقال.. "أنت محق يا روك.. البشر يمكن أن يتعلموا الكثير منكم".
تُعد قصة روك تجسيداً لصفة الوفاء التي تفتقدها البشرية في كثير من الأحيان.. ففي حياتنا اليومية.. نرى أمثلة كثيرة على الوفاء وعدمه.. سواء في العلاقات الشخصية أو المهنية.. الوفاء هو الالتزام بالعهد والبقاء إلى جانب الآخر في السراء والضراء.. وهو ما يُعطي العلاقات قوتها ومتانتها.
وفي هذا السياق.. وفي خضم التفاعل الانتخابي.. نتذكر سلوك بعض المرشحين الذين يعِدون الناخبين بحلول جذرية لمشاكلهم أثناء الحملات الانتخابية.. وعندما يصلون إلى مقاعد البرلمان.. يلقون بوعودهم خلف ظهورهم.. بل إن البعض يذهب إلى حد إلغاء خطوط هواتفهم.. لتجنب أي تواصل مع من انتخبوهم ووثقوا بهم.
ولكي نعيد ثقة الناس في ممثليهم.. يجب أن نتبنى قيم الوفاء التي يعلمنا إياها روك.
- علينا أن نقترح أن ينشئ نواب كل محافظة مكتبًا لهم في مركز المحافظة وبعض الأماكن التابعة لها، ليكون مآلاً للناس لنقل طلباتهم ومشاكلهم وأفكارهم.
- كما يجب تحديد مواعيد دورية للقاء الناس في هذه المكاتب أو في أماكن عامة كقاعات البلديات.. حيث يمكن للنواب الاستماع لنقد الناخبين.. شكاويهم.. وأي ملاحظات أو اقتراحات لديهم.
- أن يكون هناك تفاعل حقيقي وشفاف حول القوانين التي يتم طرحها في مجلس النواب.. مما يضمن مراجعات مستمرة وتحديثات تلبي تطلعات الشعب.
من خلال هذه الخطوات.. يمكننا أن نعيد بناء جسور الثقة بين النواب والناخبين.. وأن نبرهن على أن الوفاء ليس مجرد كلمة.. بل هو سلوك وأمانة يتحملها كل من يسعى لخدمة الناس.
فكما أظهر روك وفاءه في أشد الأوقات.. يجب على نوابنا أن يظهروا -لا اقول- نفس المستوى فحسب.. بل أعلى وأنقى مستوى من الوفاء والإخلاص تجاه من انتخبوهم.
وأخيراً.. فإن قصة وفاء الكلب.. ليست مجرد حكاية تُروى.. بل هي درسٌ لنا جميعاً في كيفية أن نكون أوفياء لمن هم حولنا.. وأن نتعلم أن الوفاء هو أساس العلاقات الإنسانية الناجحة.. والمجتمعات القوية.