بناء مستقبل واعد .. كيف نواجه الفاقد في الكفايات بين الطلبة
أ.د وفاء عوني الخضراء
07-07-2024 02:15 PM
هذه المقالة لا تناقش جودة خريجي جامعاتنا الذين يتمتعون بالكفاءة في سوق العمل العالمية والإقليمية، في وقت نشهد فيه نزوحا فكريا عاليا إلى الدول المجاورة التي تستفيد من خريجي جامعاتنا وحملة الشهادات العليا لدفع مسارات التنمية في هذه الدول.
هذه المقالة تسعى إلى الوقوف على التحديات التي يواجهها بعض الطلبة عند انتهائهم من المرحلة الثانوية وانتقالهم إلى الجامعات، حيث يعانون من فجوات كبيرة في مهارات التعلم وفي المفاهيم الرئيسية المعرفية والكفايات اللغوية، مما يؤثر سلبا على مسيرتهم التعلمية في جامعاتهم. كما تهدف إلى اقتراح حلول لمشكلة التعطل عن العمل بين هؤلاء الخريجين والخريجات، والتي تتزايد سنويا نظرا لترحيلنا التحديات من عام إلى آخر دون إيجاد حلول فعالة. إن هذه الفجوات تعيق قدرة الطلبة على النجاح في التعليم العالي وما بعده. ما يعني أنه يجب على الأردن، المعروف بموارده البشرية القيمة، اتخاذ خطوات حاسمة وعاجلة لسد هذه الفجوات وتمكين الشباب ليصبح منافسا في السوق المحلية والإقليمية والعالمية.
لمعالجة هذه التحديات بشكل فعال، فإن برنامج الجسر المنظم أصبح حاجة وضرورة استراتيجية. إذ يهدف هذا البرنامج إلى تحديد وتشخيص الفجوات المعرفية والمهاراتية عند الطلبة باستخدام التحليلات الرقمية التعلمية المتقدمة، ويمكن للمؤسسات التعليمية من خلال هذا البرنامج تقييم نقاط ضعف الطلبة في اللغة والمفاهيم الأساسية والمهارات الحياتية، وهذا أمر بالغ الأهمية من أجل تصميم خطط تعلم تتماشى مع احتياجات ومتطلبات الطلبة المتعثرين.
من خلال تطوير مناهج الجسر الشاملة وإستراتيجياتها، تستطيع الجامعات تقديم برنامج منظم تأسيسي مكثف للغة والمفاهيم المعرفية الأساسية والتدريب على المهارات الحياتية والتعلم المستدام. في حين يتجلى الهدف النهائي في إعداد الطلبة بشكل كاف للتعليم العالي وما بعده.
يمكن أن يُعزز استخدام الموارد والخدمات التعلمية الرقمية ذات العلاقة بشكل كبير لضمان كفاءة وفعالية برامج الجسر. توفر المنصات التعليمية التعلمية التي تديرها محركات وأدوات تحليل وتقييم وتقويم التعلم learning analytics المرونة والمتابعة لعمليات تعلم الطلبة وتحليل مخرجات تعلمهم والبناء عليها، ما يسمح للطلبة بالتعلم بالوتيرة التي تناسبهم. توفر هذه الأدوات أيضا بيانات دقيقة يمكن أن تساعد الهيئة التدريسية في مراقبة مدى التقدم في تعلم الطلبة وتعديل إستراتيجيات تعلم الطلبة وفقا لذلك. إضافة إلى أنه يمكن أن تساعد التقييمات المنتظمة من خلال التحليلات للعملية التعلمية في تحديد نقاط ضعف الطلبة والمجالات التي تحتاج إلى تحسين مستمر.
بوسع الجامعات في الأردن قيادة الجهود لتنفيذ برامج الجسر الفعالة، الأمر الذي يتطلب تجميع الموارد والخبرات لتحقيق أقصى قدر من التأثير مما يضمن حصول الطلبة على المتابعة الحثيثة والتعزيز الذي يحتاجونه.
عندما نساعد في بناء الموارد البشرية لتحقيق التعلم الفعال في الجامعات، ومن ثم نساعد هذا الجيل على الالتحاق ببرامج أكاديمية جديدة والأكثر ارتباطا بحاجات السوق المحلي والإقليمي والعالمي في الجامعات، فإننا لا نلبي فقط متطلبات القوى العاملة وسوق العمل والأسواق الاقتصادية الصاعدة فحسب، بل نوسع أيضا السوق لخلق فرص تشغيل جديدة وريادية ونبني مساحات إبداعية لخدمات جديدة تأخذ الأردن وشبابها نحو التنافسية في الكفاءة.
توفير فرص عمل وتجارب النمو الشخصي وتحقيق الذات المنتجة للشباب من شأنه أن يقلل مخاطر التحديات المجتمعية والاقتصادية، ذلك أن تجويد التعليم والتشغيل هما من أبرز العوامل في ضمان مجتمع مستقر ومزدهر، وحيث إنه لا يمكن التأكيد بما فيه الكفاية على الحاجة الملحة لمعالجة الفجوات التعلمية بين الطلبة، إلا أنه من خلال تنفيذ برامج جسر شاملة، يمكن للأردن تجهيز الشباب والشابات بالمهارات والمعرفة والاتجاهات اللازمة.
الاستثمار في الموارد البشرية من خلال التعليم والتعلم ليس مجرد خطوة إستراتيجية لمستقبل البلاد، بل هو أيضاً واجب أخلاقي يجب أن نلتزم به لضمان عدم ترك أي شاب أو شابة في الخلف.
إذا لم نساعد هؤلاء الشباب في تقديم الدعم اللازم لسد فجوات كفاياتهم المعرفية واللغوية وتطوير مهاراتهم الحياتية والتعلمية، فإننا نخذل ثقتهم فينا حكومة وشعبا. ومع ذلك فإنه من خلال العمل المشترك واستحداث الحلول المبتكرة، يمكن للأردن أن يسهم في بناء مستقبل أكثر إشراقا وتنافسية.
الغد