facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




العالم يتبدل .. فماذا ينتظرنا؟


د. صبري ربيحات
07-07-2024 01:42 PM

العالم يتغير في كل مجال والتغير يطال كل شيء .المناخ يتغير والقيم الانسانية تتبدل .علاقة المجتمعات بالدين تشهد تحولا يصل الى مستويات غير مسبوقة من المجاهرة في تحدي القيم والتراث والمعتقدات التي كانت اللحمة الاساسية لبناء المجتمعات وثقافتها ووجدان ابناءها .

التغير الجديد يطال الشرق والغرب ويطال السياسة والاقتصاد والفكر والثقافة والنظرة للانسان والكون . مقومات القوة واشكالها واستخداماتها وملكيتها تتغير .والثروات وكيفية بناءها وتوزيعها واماكن تكدسها وامتلاكها واوجه استخدامها يتغير كما تتعاظم الابتكارات وتتعمق أدوار الذكاء الاصطناعي ليغير كل مفاهيم البشرية حول القدرة والطاقة والفعل والعمل والإنتاج والاجر والممكن واللاممكن .

من الواضح ان النظام الذي صاغه الحلفاء في اعقاب الحرب العالمية الثانية لم يعد فعالا ومؤثرا كما كان قبل عقدين من الزمن . لقد تآكل تأثير المسوغات التي صاغها الحلفاء لبناء عالم مستقر وآمن لا يسمح بنشوب حرب عالمية اخرى فتكشفت للعالم نوايا وممارسات اقطاب الحاكمية التي ولدتها معادلة انشاء النظام الأممي الذي...وبدأ العالم يشكك في مشروعية حصول امريكيا وحلفاءها على سلطة التحكم والضبط لسير الأحداث واثيرت الاسئلة حول فيما اذا كانت تستخدم هذه السلطة لصالح الامن الكوني ام لاخضاع العالم لارادتها وانحيازاتها وبما يخدم مصالحها ومصالح حلفاءها الغربيين .

لقد اصبح واضحا للجميع أن الغرب الاستعماري مطبق ومهيمن على العالم فهو يستخدم شعار الشرعية الدولية ليحذر هنا ويدين هناك ويسمح لهذا ويمنع عن ذاك كل ذلك من خلال مجلس الأمن الذي تتحكم فيه هذه القوى بامتلاكها للعضوية الدائمة وسلطة حق النقض والتعطيل لأي مشروع قرار لا يتفق مع رؤيتها ومصالحها.

على بشاعة الاستبداد الذي يمارسه طغاة العالم الثالث فقد جرى توظيف السلطة الاخلاقية والقانون لمجلس حقوق الإنسان من اجل بث الخوف و خلق حالة من القلق العالمي وجرت الهيمنة عليه وتوظيف الياته انتقائيا لبناء المبررات الاخلاقية المؤدية الى شيطنة كل الانظمة والكيانات التي قد تبدي اي إشارة قد تنتقد او تعارض الهيمنة الراسمالية الغربية ولاشهار التهديد بمخالفة قواعد واتفاقيات وبروتوكولات حقوق الإنسان في وجه كل من يشق عصا الطاعة او يحاول بناء قوة ذاتية تقود الى الاستقلال والتحرر من التبعية او الهيمنة والسيطرة الغربية .

الغرب الذي يقلقه النمو السكاني السريع يحاول ان يفرمل هذا النمو بشتى الوسائل تارة بافتعال الحروب واخرى بخلق المجاعات وثالثه بتفكيك الاسرة ورابعة بدعم انتشار المثلية الجنسية وخامسة بالتشجيع على محو وتجريف الهويات الثقافية للأمم وخلق فوضى بحيث تتقلص اعداد الاسر بالشكل المتعارف عليه لحساب المساكنة وزواج المثليين وتأخير سن الزواج وضرب كل مقومات نشوء اقتصاد معافى وادخال المجتمعات المحافظة والمتدينة في نفق الانفتاح المزعوم وثقافة السلام الصهيو امريكية.

في مختلف بقاع العالم هناك صحوة شبابية وثورة في بواكيرها ضد برامج الهيمنة والتضليل واعلام قلب الحقائق الذي مارسته الصهيونية واعوانها من القوى الاستعمارية عبر قرن من الزمان. أعمال الدمار والقتل والابادة التي نفذتها الصهيونية وذراعها العسكري الاسرائيلي بدعم أمريكي وأوروبي كانت كافية للفت نظر العالم الى ازدواجية المعايير والنظرة الاستعلائية العنصرية التي يمارسها الغرب الاستعماري ضد العرب والمسلمين في الوقت الذي تعمل فيه هذه النظم على دعم واسناد الوحشية التي يمارسها العدوان الاسرائيلي على شعب جرى التآمر عليه وسلبه الارض والحرية وكل الحقوق التي يتشدق فيها الغرب عندما يتعلق الامر باسرائيل وحلفاء الغرب الاخرين.

اغراق الدول الفقيرة بالديون والسماح لها بالاقتراض تحت بنود التصنيفات المصطنعة وشهادات حسن السلوك وسيلة اخرى لسلب ما تبقى من ارادة حرة لدى هذه الدول وإصرار على تعميق شروط تبعيتها واحكام السيطرة على قرارات حكوماتها ومساراتها الإصلاحية.

الحديث المتكرر عن الإرهاب وملاحقة الارهابين وصياغة تشريعات ونشوء احلاف لملاحقة نفس التنظيمات التي اوجدها الغرب ومولها عبر عقود طريقة اخرى لخلط الأوراق وتبديد المواقف ووضع المجتمعات العربية والإسلامية في مواجهة نفسها بدلا من الالتفات الى محاولات النهب الذي تتعرض له الموارد وتبني الانظمة لسياسات خلافية وقرارات يصعب الدفاع عنها وتقديمها للجماهير...

في بريطانيا يتعثر حزب المحافظين و يفوز حزب العمال باغلبية ساحقة وفي فرنسا ينقلب اليمين على ائتلاف الاحزاب المعتدلة وفي امريكيا يتسابق الكهول في المعسكرين الجمهوري والديمقراطي ولا قضية تتصدر مناظراتهم اكثر من قضية الدعم الامريكي لإسرائيل.

وسط صرعات التغيير وتقلص فرص النهوض حسب المعايير والمباديء التقليدية وفي اجواء المراهنة على قوة ونفوذ الذكاء الاصطناعي وتزايد المخاوف من بروز قوى وتحالفات جديدة وتعاظم الخوف والقلق من ان تطال أيادي القادة الجدد ازرار استخدام قوة الردع النووي..ومع انقلاب العديد من قادة الشرق على التراث والازاحة المرعبة في مواقف بلدانهم التاريخية من قضايا الامة وتبديلهم لنهج التنسيق والتعاون والمشاركة العربية ومع تزايد الضغوط الغربية وتكثيف الطلب من الدول استكمال برامج طمس الهوية وتنقيتها من كل ما قد يزعج الخصوم والطامعين يزداد قلق وخوف الإنسان العربي وتتسع الهوة بين الانظمة والشعوب بشكل لم يسبق له مثيل.

العالم العربي في حالة من الفوضى فمن الصعب تحديد اتجاهات او امال عربية موحدة ..بعض القيادات والأنظمة خلطت الأوراق بشكل يصعب معه المجاهرة في ما كان طموحا عربيا والأصوات التي تظهر في بعض ارجاء الشرق صادمة لدرجة انها تشككنا في كل شيء .

لا أحد يعرف فيما اذا كان ذلك بسبب المصالح ام ان هناك من عبث في جوهر الهوية والذات القومية .اثار الفوضى القيمية والايدلوجية وحتى العقائدية بادية في كل مكان وعلى كل وجه من اوجه علاقتنا.

في الغرب اصوات تنصف العرب اكثر من العرب انفسهم وفي كل يوم تشعر بأن بيننا من انقلب على ما اعتقدنا انها مسلمات....

هذه التحولات تتزامن مع تضاءل تأثير الايدلوجيات التي حددت الاصطفافات العالمية وتظهر مجموعات تنتظم حول المصالح التي قد لا تكون مرتهنة للتاريخ ولا الجغرافيا والعقيدة ...
في العالم اليوم تفاعلات معقدة ومتنوعة وغير متسقة او منسجمة تدور معظمها حول الإنسان والارض والمستقبل ويصل بعضها الى معنى الانسانية والبشرية والظلم والاخلاق وتناقش جميعها كل ما قامت به البشرية عبر رحلتها الطويلة وتستعرض كل الأخطاء والكبوات والنجاحات. وتسأل عن مدى جدوى الاستمرار في الانحدار نحو الدمار.

من المؤكد ان البشرية مقبلة على فصل جديد قد تختفي فيه الكثير من مظاهر النظم والتنظيمات التي اعتدنا عليها فالدول بشكلها الحالي قد تستبدل بصيغ اخرى والمنظمات التي حكمت العالم ستغيب والقوة المؤثرة في كل شيء قد تتبدل وربما ان الإنسان والإنسانية بمعناها التقليدي تستعرض الى تحولات تتماشى مع منتجات الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا التخصيب والتكاثر ...وخرائط الجينات والانساب الجديدة.... سيحاول ملاك الثروات الهائلة ما استطاعوا ان يعملوا على عرقلة وابطاء سرعة التحول ويحاولوا توجيه واستغلال ما يحدث لحسابهم والبعض سيكون خارج هذه المعادلة ..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :