الشخصية الأردنية .. تفاعلاتها مع الأحداث!
د. ذوقان عبيدات
06-07-2024 10:52 AM
تناولت هذه الورقة الأبعاد الآتية:
أولًا: عوامل تاريخية.
ثانيًا: قيم أردنية.
ثالثًا: الشخصيّة الأردنية: الواقعية والرقمية.
رابعًا: ماذا يمكن للشخصية الأردنية أن تكسبه من أحداث غزة؟
وفيما يأتي أفكار رئيسة في هذه الأبعاد:
أولًا- عوامل تاريخية:
- المجتمع الأردني والشخصية الأردنية موجودان قبل نشوء الدولة، وكأي مجتمع يتشكل كل منهما عبر سلسلة من الأحداث التاريخية، والثقافية، والاجتماعية، والاقتصادية، وغيرها.
- فالمجتمع الأردني مجتمع بدوي النشأة، والقيم المتمثلة بالأصالة، والكرم، والنخوة، والنجدة، إلى جانب قيم سلبية أخرى كالعدوان، وسرعة اتخاذ القرار، وغير ذلك.
- وهناك فلاحون قرويون أكثر استقرارًا، تمثلت قيمهم بالصبر، والتخطيط، والثقة بالمستقبل، والجد، والعمل، إلى جانب قيم أخرى، كالتنافس والعشائرية، والغيرة. وقديمًا كان في الناس الحسد!
- تضاءلت البداوة والقرية، وتمدّن السكان إلى الدرجة التي يمكن أن نقول:
لدينا بادية، وليس لدينا بدو، أو لدينا قرى، وليس لدينا قرويون.
- فالسلوكات الأردنية الحالية هي سلوكات مدنية بكل ما فيها من قيم إيجابية، كالعلم، والفن، والفكر، والإنتاج المعقد، وبعض سيادة قانون، إلى جانب سلبيات المدينة المتمثلة بالطبقية الأرستقراطية، والخداع والوساطة، وغياب تكافؤ الفرص.
ولذلك، نقول: لدينا مجتمع متجانس ولكنه متعدد الأصول الثقافية، ولكي تفهم المواطن، فقد تحتاج لمعرفة بعض أصوله.
ثانيًا- القيم الأردنية:
تتنوع القيم الأردنية بتنوع الفئات وثقافاتها، وبما اكتسبته الشخصية الأردنية عبر التاريخ:
- لدينا قيم عربية قبل الإسلام مثل: الأخلاق الفاضلة، والوفاء، والكرم، والشعر، والعبادات. والقانون.
- لدينا قيم إسلامية مثل: الجهاد، والهداية، والإيمان، والقدرية، وعبادة إله واحد، واحترام التنوع.
- ولدينا قيم تركية عثمانية مثل: حب السلطة، والوظيفة، والنفاق للمسؤول.
- ولدينا قيم فارسية كالترف، والترفع، والفخفخة، والاستهلاك، والتفاخر.
- ولدينا قيم غربية، كالملابس، والعلم، والثقافة، والإتيكيت، والفردية.
- وهناك قيم فئوية تختلف من مهنة إلى أخرى، أو قيم مناطقية، أو عشائرية، أو دينية.
- وهناك قيم فردية خاصة بكل فرد.
فالقيم الأردنية الحالية هي ما نتج من تفاعلات هذه القيم المختلفة.
ثالثًا- الشخصية الأردنية: النتزن، والسيتزن.
- الشخصية الأردنية "السيتزن" هي الشخصية الواقعية التي تشكلت قبل العصر الرقمي، المتمثلة بالسلوكات التي يسلكها الأهل مع أبنائهم، والتي يسلكها الموظفون مع المواطن، والمعلمون مع طلابهم.
وهذه الشخصية هي شخصية حقيقية، تتصرف بموجب القيم السابقة؛ لأنها دائمة الظهور والتفاعل اليومي مع الأحداث.
هذه شخصية عادية محترمة، خجولة، لطيفة، نزيهة، تخشى على سمعتها، وتتصرف بموجب قواعد العشيرة، والقانون، والعادات، والدين، والتقاليد. شخصية منضبطة، مسؤولة.
- أما الشخصية الافتراضية "النتزن"، فهي الشخصية الأردنية الافتراضية، التي تمارس دورها عبر شبكات الإنترنت.
تتسم هذه الشخصية بما يأتي:
ضعف الالتزام بالضوابط بأنواعها، ولذلك تتفاخر، وتدّعي، وتتفاعل بقوة مع الأخبار الصادقة والكاذبة، عدوانية، جريئة، تعبر عن رأيها وكأنه حقيقة.
وقد وصِفت هذه الشخصية بشخصية حامل نوبل للمعرفة، والحقيقة.
ما هي شخصية حامل نوبل؟
هذه شخصية مبدعة في مجال علمي معين، حصلت على جائزة رفيعة، تتيح لحاملها فرصة تقديم
آراء قد تكون حاسمة في مجال إنجازها العلمي. وتتمتع هذه الشخصية بالتأثير والمصداقية العلمية، والاجتماعية، والأدبية والأخلاقية. ونادرًا ما يتدخل حامل نوبل في تقديم آراء في قضايًا ليست من اختصاصاته.
وخلافًا لهذه الشخصية، فإن حامل النوبل الأردني، يتمتع بمزايا حامل نوبل العلمية نفسها، لكن من دون توافر أي معرفة بموضوع! فحامل نوبل الأردني، شخصية غير مختصة تفتي بكل الشؤون الفنية، والتربوية، والعلمية، والاجتماعية، والسياسية، والثقافية وغيرها. وخلافًا للواقع، فإن في الأردن من حملة نوبل ما يفوق مئات المرات مجموع حملة نوبل في العالم!!
هذه هي نوبل الأردنية "النتزن"!
كيف تشكلت هذه الشخصية؟
هناك من الباحثين من يرى أن الشخصية النتزن؛ تحللت من الرقابة والمواجهة المباشرة، وشعرت بالأمن، فهي غالبًا تتحدث من غرفة نوم مغلقة النوافذ، بعيدة عن أي تهديدات؛ فيرى الشخص نفسه عسكريّا محترفًا، وسياسيّا بارعًا، ومثقفًا فريدًا!
وغالبًا ما يتحدث الأردني باستعلاء الواثق، ولا يهمه إن كان عدوانيّا أو غير اجتماعي!!
يقول علماء النفس: إن حامل نوبل النتزن، يعبر عن مشاعر مكبوتة، لم يستطع إظهارها مباشرة، ولذلك يرون أنها حقيقة الشخص الذي تخلص من رقابة القانون ، فانفلت شاتمًا مقاتلًا مقتحمًا؛ ولذلك يتحدث من دون إحساس بالمسؤولية، وقد يعتذر لاحقًا عما كتبه بحق الآخر.
وعلى هذا، فإن الفرق بين "الستزن"، و"النتزن" هو فرق في مدى الإحساس برقابة العادات، والأخلاق، والقيم؛ فهي الشخصية نفسها لدى الكثيرين.
رابعًا- الشخصية الأردنية: ماذا يمكن أن تأخذ من أحداث غزة؟
في دراسة لي عن انعكاسات النضال الفلسطيني في غزة ٧ أكتوبر على قيم النظام التربوي، رصدت ما يأتي:
١- ما معنى الرقم ٧ في الحياة العربية: السماوات، الطواف.
٢- ما معنى اكتوبر؟ حيث دخل الجيش المصري أكبر عائق إسرائيلي في قناة السويس، واقتحم الجيش السوري الجولان المحتل.
٣- ما معنى الطوفان في التاريخ العربي؟
٤- الأقصى، وماذا يعني للحياة العربية والإسلامية؟
٥- ماذا يعنى النجاح الهائل في مقدمة الحرب؟
٦- كيف سقطت نظرية الكف والمخرز؟
٧- ماذا تعني مسافة الصفر؟
٨- ماذا تعني الأنفاق في زيادة مساحة الجغرافيا؟
٩- ماذا تعني مناهج تكنولوجيا النصر؟
١٠- ماذا تعني إطالة مدة الحرب؟
١١- ماذا تعني المقاومة والمساندة؟
هذه قيم يمكن أن تؤسّس لبناء شخصية عربية، ونظام تربوي ناجح!!