facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الرئيس الصيني والمبادئ الخمسة للتعايش السلمي العالمي


السفير الدكتور موفق العجلوني
05-07-2024 07:00 PM

في ضوء التردي الذي يشهده العالم من التجاوز على القانون الدولي، خاطب الرئيس الصيني شي جين بينغ يوم الجمعة الماضي الموافق ٢٨/٦/٢٠٢٤ العالم مؤكداً على المبادئ الخمسة التي شكلت الأساس في بنيان العلاقات الدولية. والمتمثلة: بالاحترام المتبادل لسيادة الدول وسلامة أراضيها، وعدم الاعتداء المتبادل بين الدول، وعدم التدخل في شؤون الداخلية للآخر، والمساواة والمنفعة المتبادلة، والتعايش السلمي. وجاءت تصريحات الرئيس شي جين بينغ جفي كلمة مطولة ألقاها أمام احتفال بالذكرى السبعين لإطلاق «المبادئ الخمسة للتعايش السلمي»، حضره مسؤولون سابقون، بينهم رؤساء وقادة حكومات من دول حليفة للصين، اكتظت بهم قاعة الشعب الكبرى في وسط بكين، أمس

حيث آكد الرئيس الصيني شي أن القيادة الصينية أدرجت هذه المبادئ الخمسة في البيان المشترك بين الصين والهند والبيان المشترك بين الصين وميانمار، من أجل دعوة مشتركة إلى اعتبار هذه المبادئ أعراف أساسية حاكمة للعلاقات بين الدول. وأضاف الرئيس شي جين بينغ أنه على مدار السبعين عاما الماضية، تجاوزت المبادئ الخمسة للتعايش السلمي الزمان والمكان وتغلبت على التباعد والجفاء، وأظهرت قوة صمود شديدة وأهمية أبدية. وأصبحت أعرافا أساسية مفتوحة وشاملة وقابلة للتطبيق على مستوى العلاقات الدولية والمبادئ الأساسية للقانون الدولي. وقد وضعت هذه المبادئ معيارا تاريخيا للعلاقات الدولية وسيادة القانون الدولي، وأصبحت الدليل الرئيسي لإنشاء وتطوير العلاقات بين البلدان ذات النظم الاجتماعية المختلفة، وقوة حاشدة قوية وراء الجهود التي تبذلها البلدان النامية لتحقيق التعاون والقوة الذاتية من خلال الوحدة، وساهمت بالحكمة التاريخية في إصلاح وتحسين النظام الدولي، وقدمت مساهمات تاريخية لا تمحى في قضية التقدم البشري.

وأكد الرئيس شي أن الصين اليوم في مواجهة التحدي المتمثل في السؤال التاريخي: "أي نوع من العالم يتعين بناؤه وكيف يمكن بناؤه"، استجابة لنداء العصر من خلال اقتراح مجتمع مشترك للبشرية. وان هدف هذه المبادئ هو رؤية بناء مجتمع مشترك للبشرية وهي الخطوة الأكثر فعالية للحفاظ على المبادئ الخمسة للتعايش السلمي وتعزيزها والارتقاء بها في الظروف التي يواجهها العالم الان.

هذه الرؤية تضع نموذجا جديدا للمساواة والتعايش في العلاقات الدولية، وتستجيب للاتجاه السائد في العالم المتمثل في التطلع إلى تحقيق السلام والتنمية والتعاون والربح المشترك، وتلهم بطرق جديدة لتحقيق التنمية والأمن. في ضؤ ذلك يتعين على البشرية الاختيار بين السلام والحرب، والرخاء والركود، والوحدة والمواجهة، بنفس الوقت يجب الدفاع أكثر من أي وقت مضى عن جوهر المبادئ الخمسة للتعايش السلمي، وتحقيق الهدف النبيل المتمثل في بناء مجتمع مشترك للبشرية"

من جهة أخرى دعا الرئيس شي العالم إلى التمسك بمبدأ المساواة في السيادة، وترسيخ أساس الاحترام المتبادل، وترجمة رؤية السلام والأمن إلى واقع، وتوحيد جميع القوى لتحقيق الرخاء، والالتزام بالنزاهة والعدالة، وتبني عقلية منفتحة وشاملة لا تستثني أحدا

و في هذا السياق أشار الرئيس شي، انه من بين جميع القوى في العالم، يبرز الجنوب العالمي/ الدول النامية كقوة تتمتع بزخم قوي، ويلعب دورا حيويا في تعزيز التقدم البشري، مضيفا أنه عند نقطة بداية تاريخية جديدة تلوح الآن، يتعين على الجنوب العالمي أن يكون أكثر انفتاحا وأكثر شمولا وأن يتكاتف معا لأخذ زمام المبادرة في بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية.

ودعا الرئيس شي الجنوب العالمي إلى أن يكون القوة المتينة للسلام، والقوة الدافعة الأساسية للتنمية المفتوحة، وفريقا لبناء الحوكمة العالمية، والداعي إلى التبادل بين الحضارات. ومن أجل دعم التعاون في الجنوب العالمي بشكل أفضل.

هذا وقد اعلن الرئيس شي أن الصين ستنشئ مركزا لأبحاث الجنوب العالمي، وستقدم ١٠٠٠ منحة دراسية في إطار منحة التميز للمبادئ الخمسة للتعايش السلمي و١٠٠ ألف فرصة تدريب لدول الجنوب العالمي في الأعوام الخمسة المقبلة، وستطلق أيضا برنامجا لقادة شباب الجنوب العالمي.

علاوة على ذلك فأن المبادئ الخمسة للتعايش السلمي قد نص عليها دستور الصين منذ فترة طويلة، والتي تعتبر حجر الأساس لسياسة الصين الخارجية المستقلة السلمية، وسوف تواصل الصين الدفاع عن المبادئ الخمسة للتعايش السلمي، والعمل مع جميع الدول لبناء مجتمع مصير مشترك للبشرية، وتقديم مساهمات جديدة وأكبر في حماية السلام العالمي وتعزيز التنمية المشتركة.

في ضؤ خطاب الرئيس شي، تدرك دول الجنوب العالمي لهذا الخطاب التاريخي والذي جاء في وقته ومكانه، ان تلتف حول مضامين هذه الدعوة الصادقة من زعيم عالمي، حيث يأتي مضمون هذا الخطاب كطوق نجاه من الهيمنة الاستعمارية والانفراد بالقطبية المتغطرسة. وبالتالي جاءت مبادرة الحزام والطريق حدثا بارزاً في تاريخ التعايش السلمي بين الدول. وتبعتها مبادرة المبادئ الخمسة كتكملة لطروحات الرئيس شي الذي سوف يخلد اسمه في التاريخ العالمي.

وهذه المبادئ في نظري تنسجم مع قوله تعالى في القران الكريم في الآية ٦٤ من سورة ال عمران:

بسم الله الرحمن الرحيم: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُون.

وهنا يطرح الرئيس الصيني شي فكرة بناء مجتمع صاحب مصير مشترك للبشرية، مع التركيز على التعاون العالمي والتنمية المشتركة. و يعدل مفهوم القيادة العالمية السابقة بمفهوم جديد يركز على المساواة والشمولية، مما يمثل تحولاً عن التقاليد الغربية السابقة في هذا الصدد.

يبدوا ان خطاب الرئيس الصيني يعكس محاولة الصين تحديد دورها الجديد في النظام الدولي، ولفت الانتباه إلى مساهمتها المحتملة في تحقيق السلام والاستقرار العالمي. بنفس الوقت يتأكد من أن التاريخ سيقيّم الأثر الفعلي لمثل هذه المبادرات والخطابات في تحقيق التقدم البشري والسلام العالمي.

وبشكل عام، يمكن اعتبار هذا الخطاب جزءاً من استراتيجية الصين لزيادة نفوذها الدولي والتأكيد على مبادئها الخاصة بالتعايش السلمي. لكن، يجب أن يتم مواجهته بالتحليل النقدي المستنير لفهم الدوافع الحقيقية وتأثيرات هذه السياسات على المستوى العالمي والإقليمي.

و في نظرة مقارنة للمبادئ المشابهة للرؤساء الأمريكيين ان وجدت و انعكاسها على ما يجري في العالم الان من حروب، يلاحظ ان الرؤساء الأميركيين عبر التاريخ قد تبنوا مبادئ وسياسات تعكس مثل ما ذكره الرئيس الصيني في خطابه بشأن التعايش السلمي والعلاقات الدولية. لا ان ما تقوم به الولايات المتحدة الأميركية وعدد من حلفائها يتناقض كلياٍ مع هذه المبادئ وخاصة العدوان الأخير على قطاع غزة والذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية من خلال الدعم العسكري والمادي والسياسي المتواصل لإسرائيل. و من بين هذه المبادئ النظرية :

1.مبدأ السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية:

oهذا المبدأ يُشكل جزءًا أساسيًا من سياسة العزلة التي اعتمدتها الولايات المتحدة في بعض الفترات التاريخية، حيث تم التركيز على احترام سيادة الدول الأخرى وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.

2.البحث عن التعاون والتسوية السلمية للنزاعات:

oالرؤساء الأميركيين تبنوا مبادئ تعزيز التعاون الدولي والبحث عن حلول دبلوماسية للنزاعات، مثل جهود التوسط في النزاعات والدعم لعمليات السلام الدولية.
3.المساواة وحقوق الإنسان:

oتاريخياً، اعتبرت الولايات المتحدة المساواة وحقوق الإنسان أسساً لعلاقاتها الدولية، وقد تم التركيز على دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان في العديد من السياسات الخارجية.
4.التعايش السلمي والتنمية المشتركة:

رغم التحديات، فإن الولايات المتحدة تبنت أحياناً سياسات تعزز التعايش السلمي والتنمية المشتركة، من خلال الدعم للمؤسسات الدولية والتعاون الاقتصادي والتنموي.
5.البحث عن الحلول العادلة والمستدامة:

oالرؤساء الأميركيين أيضاً تحدثوا عن ضرورة إيجاد حلول عادلة ومستدامة للقضايا العالمية المعقدة، مثل قضايا اللاجئين، والتغير المناخي، والتنمية الاقتصادية العادلة.
حالياً، يشهد العالم تحديات عديدة تتعلق بالنزاعات الدولية، والتوترات الجيوسياسية، والتحديات الاقتصادية والبيئية. من بعض الانعكاسات التي يمكن أن ترتبط بالمبادئ المشابهة:

النزاعات الدولية والحروب: رغم التزام العديد من الدول بمبادئ التعايش السلمي، إلا أن هناك تزايداً في النزاعات المسلحة والتوترات الجيوسياسية، مما يعكس صعوبة تطبيق المبادئ بشكل فعال في الواقع الدولي المعاصر.

التحديات البيئية والتغير المناخي: تتطلب هذه التحديات تعاوناً دولياً قوياً وجهوداً مشتركة للتصدي لها، وهو ما يستدعي استجابة دولية تتماشى مع مبادئ التعايش السلمي والتنمية المستدامة.

التحديات الاقتصادية والتجارية: تشهد العلاقات الدولية توترات ناتجة عن الصراعات التجارية والاقتصادية، مما يمثل انعكاساً لعدم التوافق في تطبيق مبادئ التعايش السلمي والمساواة الاقتصادية.

بشكل عام، يمكن أن تكون المبادئ التي تبنتها الولايات المتحدة عبر التاريخ مشابهة لتلك التي تناولها الرئيس الصيني في خطابه، ولكن على ارض الواقع تتصرف الولايات عكس مضمون هذه الاهداف و تكيل بمكيالين، والقضية الفلسطينية والازمة الاكرانية و قضية تايوان اكبر شاهد على هذه الازدواجية في السياسة الأميركية.

في ضوء التردي الذي يشهده العالم من التجاوز على القانون الدولي، كما أشار الرئيس شي في بداية خطابه، بات من الضروري ضرورة عدم السماح لصاحب العضلات باحتكار القرار العالمي، في إشارة إلى الولايات المتحدة. وندّد بسياسة المواجهة بين المعسكرات والتكتلات الضيقة، داعياً إلى المساواة في السيادة بين الدول. وأطلق عدداً من المبادرات لتوسيع تحالف الدول النامية أو الجنوب العالمي الذي بدا أنَّ بكين تراهن عليه في مواجهة جهود واشنطن لتطويقها.

بنفس الوقت ، كرَّر الرئيس شي حين بينغ بعبارات مختلفة تمسك بلاده بـالعولمة الاقتصادية المتسمة بالمنفعة للجميع وخيار التنمية، مشيراً إلى أنَّ بناء فناء صغير محاط بالأسوار يعاكس تيار التاريخ ويضرُّ بالمصالح. وفي ظلّ عصر العولمة الاقتصادية، ما نحتاج إليه هو بناء جسر التواصل وتمهيد طريق التعاون بدلاً من خلق هوة الانقسام وإسدال الستار الحديدي للمواجهة. وأعلن الرئيس شي العمل على مجموعة من الإصلاحات لزيادة انفتاح بلاده على العالم أكثر فأكثر، متعهداً بألا تغلق الصين أبوابها أبداً. كما أطلق عدداً من المبادرات لتوسيع تحالف الدول النامية أو «الجنوب العالمي» الذي بدا أن بكين تراهن عليه في مواجهة جهود واشنطن لتطويقها.

وأكد أنه يمكن للدول، حتى ولو كانت تختلف من حيث النظام الاجتماعي والآيديولوجيا والتاريخ والثقافة والدين والمعتقدات ومستوى التنمية والحجم، أن تقيم وتطور علاقات من الثقة المتبادلة والصداقة والتعاون، بعيداً عن المفاهيم العتيقة والضيقة مثل سياسة التكتلات ونطاق النفوذ وعقلية الاستقطاب والمواجه.

ودعا الرئيس شي إلى الالتزام بمبدأ المساواة في السيادة لجميع الدول، ولا يجوز استئساد الدول الكبيرة والقوية والغنية على الدول الصغيرة والضعيفة والفقيرة. وشدد على رفض اللجوء إلى المواجهة بين المعسكرات أو تشكيل الدوائر الضيقة بمختلف أنواعها، ورفض إجبار الدول الأخرى على الاصطفاف في محاور.

وطالب بـتعزيز مصداقية الأمم المتحدة ومكانتها الجوهرية بدلاً من إضعافها (عبر) مشاركة جميع الدول في صياغة القواعد الدولية والحفاظ عليها، والتعامل مع شؤون العالم عبر التشاور بين الدول، ولا يمكن السماح لصاحب العضلات باحتكار القرار. ورأى أن السعي إلى الانفراد بالأمن طريق مسدود.

واستغل الرئيس الصيني المناسبة لإعلان تخطيط وتنفيذ إجراءات مهمة لزيادة تعميق الإصلاح على نحو شامل، لمواصلة توسيع الانفتاح المؤسسي، وخلق بيئة أعمال تحكمها بشكل أكثر قواعد السوق وسيادة القانون والمعايير الدولية.

وأشار الرئيس الصيني إلى أن زخم الجنوب العالمي يتعاظم اليوم بشكل ملحوظ... وعند نقطة انطلاق جديدة من التاريخ، ينبغي أن يمضي الجنوب العالمي قدماً يداً بيد بموقف أكثر انفتاحاً وشمولاً، وأن نكون قوة مستقرة تسهم في الحفاظ على السلام والانفتاح والتنمية، وقوة فعالة في جعل الحوكمة العالمية أكثر توازناً.

ووعد بأن بلاده لن تسلك أبداً الطريق القديم من الاستعمار والنهب، أو الطريق المنحرف من حتمية الهيمنة للدول التي أصبحت قوية، بل سنسلك الطريق المستقيم من التنمية السلمية، مطمئناً إلى أن ازدياد القوة الصينية يعني زيادة الأمل للسلام في العالم.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :