يا للعجب في مثل هذا اليوم الرابع من تموز/ يوليو وفي عز الحرب العدوانية على غزة، سجل العالم انتصاراً هز مشارق الأرض ومغاربها، انتصر القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي على جحافل الصليبيين في معركة خلدها التاريخ العربي الإسلامي، ودق ناقوس الخطر في أرجاء أوروبا الغارقة في ظلمات العصور الوسطى، شنت هجمة حاقدة رافعة راية الحقد الصليبي بحجة الحرب المقدسة على (الكفار)، وتداعت لحملة شرسة على بيت المقدس، تصدى لها صلاح الدين بجيش لم يتجاوز تعداده ٢٥ ألف مقاتل مقابل ٦٣ ألفاً من الفرنجة، رغم الفارق العددي بينهما إلا أن جيش المسلمين بقيادة صلاح الدين الأيوبي قد حقق نصراً ساحقاً عليهم.
أتدرون لو كان في زماننا صلاح الدين لقال القائلون وزعم الزاعمون أن صلاح الدين قد جر المسلمين إلى الهلاك، فما له ومال الصليبيين الذين يفوقوننا عدداً وعدة؟! ولضجت مواقع التواصل الاجتماعي ببعض المثبطين والذباب الالكتروني منضوين تحت هاشتاج #لماذا يا صلاح الدين؟! فلو كان في قلب هذا القائد ذرة شك بنصر الله لما وقف في وجه العدو الصليبي، وإن لم ينتصر يكفيه التصدي لتلك الهجمة المسعورة، قام بما استطاع حتى لا يسأله الله عن أمانة حماية حياض الإسلام والمسلمين. فقط دعونا نتصور لو لم يدفع عن الأمة انقضاض الأعداء عليها، كيف سيكون الوضع؟! آنذاك صلاح الدين كان في موقف لا يحسد عليه فلم يستطع أن يجمع سوى ٢٥ ألف رغم أن الدولة الإسلامية كانت مترامية الأطراف، سبحان الله كأن الوضع يترجم نفس الخذلان في وقتنا الحاضر! لكنه أخذ على عاتقه الدفاع عن القدس والأقصى، لأنه يرى أن ميزان النصر والخسارة يحسب بالاجتهاد قدر المستطاع والنية خالصة لله.
أمل الانتصار ليس وهماً ولن يخبو بريقه في قلوب وأفئدة المؤمنين بأن وعد الله حق في نصرة عباده المستضعفين في القدس وفلسطين وجميع بقاع الأرض، يجادلنا البعض بالقول: أي انتصار هذا الذي يسقط فيه أكثر من ٣٨ ألف شهيد وأكثر من ٨٠ ألف جريح، نقول: من قتلهم؟! من جرحهم؟! قولوا ماذا يفعل أهل فلسطين؟! هل يصمتون والاحتلال يعتقل ويقتل ويهدم المنازل، ويتوسع في بناء المستوطنات يوماً بعد يوم؟! حتى يشعر المعترض براحة الضمير!! وإذا ما على صوت الفلسطيني من وجع ظلم الاحتلال ودافع عن نفسه وأهله وبيته، تكال له تهمة جر الشعب الفلسطيني إلى الموت والخراب، وكأننا لا نرى الجرائم الإسرائيلية في كل لحظة والتي حولت حياة الإنسان الفلسطيني إلى جحيم لا يطاق، ما يدفعنا للقول أن أمل الانتصار قائم ولليائسين منه نحاججهم من تاريخنا الحديث، ألم ينتصر رجال الأردن الأبطال في معركة الكرامة، فكانت أول دولة عربية تنتصر انتصاراً حقيقياً على الجيش الذي لا يقهر، وقبل ذلك ألم تنتصر المقاومة الجزائرية على الاحتلال الفرنسي؟! ألم ينتصر الجيش المصري في العاشر من أكتوبر ؟! وإذا كفرنا بكل تلك الانتصارات والعديد منها، فلنكتف أيدينا وننتظر المصير الذي يخطه لنا الآخرين.