الرئيس الصيني يعيد طرح المبادئ الخمسة للتعايش السلمي
د. جمال الضمور
03-07-2024 02:17 PM
شهدت العاصمة الصينية بكين يوم الجمعة (٢٨ يونيو ) حدثاً تاريخياً، حيث خاطب الرئيس الصيني العالم من موقع القوة والاقتدار في ضوء التردي الذي يشهده العالم من التجاوز على القانون الدولي، مؤكداً على المبادئ الخمسة التي شكلت الأساس في بنيان العلاقات الدولية. والمتمثلة و الاحترام المتبادل لسيادة الدول وسلامة أراضيها، وعدم الاعتداء المتبادل بين الدول، وعدم التدخل في شؤون الداخلية للآخر، والمساواة والمنفعة المتبادلة، والتعايش السلمي. وأضاف أن القيادة الصينية أدرجت المبادئ الخمسة في البيان المشترك بين الصين والهند والبيان المشترك بين الصين وميانمار، وذلك من أجل دعوة مشتركة إلى اتخاذ هذه المبادئ أعرافها أساسية حاكمة للعلاقات بين الدول.
وقال شي "على مدار السبعين عاما الماضية، تجاوزت المبادئ الخمسة للتعايش السلمي الزمان والمكان وتغلبت على التباعد والجفاء، وأظهرت قوة صمود شديدة وأهمية أبدية. لقد صارت أعرافا أساسية مفتوحة وشاملة وقابلة للتطبيق عالميا في العلاقات الدولية والمبادئ الأساسية للقانون الدولي".
وأضاف أن تلك المبادئ وضعت معيارا تاريخيا للعلاقات الدولية وسيادة القانون الدولي، وكانت الموجّه الرئيسي لإنشاء وتطوير العلاقات بين البلدان ذات النظم الاجتماعية المختلفة، وقوة حاشدة قوية وراء الجهود التي تبذلها البلدان النامية لتحقيق التعاون والقوة الذاتية من خلال الوحدة، وساهمت بالحكمة التاريخية في إصلاح وتحسين النظام الدولي، وقدمت مساهمات تاريخية لا تمحى في قضية التقدم البشري.
وشدد شي على أن الصين اليوم، في مواجهة التحدي المتمثل في السؤال التاريخي: "أي نوع من العالم يتعين بناؤه وكيف يمكن بناؤه"، استجابت لنداء العصر من خلال اقتراح مجتمع مصير مشترك للبشرية.
وفي سياق إشارته إلى أن رؤية بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية تمضي قدما بالروح ذاتها المتجسدة في المبادئ الخمسة للتعايش السلمي، قال شي إن رؤية بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية هي الخطوة الأكثر فعالية للحفاظ على المبادئ الخمسة للتعايش السلمي وتعزيزها والارتقاء بها في الظروف الجديدة.
وأضاف أن الرؤية تضع نموذجا جديدا للمساواة والتعايش في العلاقات الدولية، وتستجيب للاتجاه السائد في العالم المتمثل في التطلع إلى تحقيق السلام والتنمية والتعاون والربح المشترك، وتلهم بطرق جديدة لتحقيق التنمية والأمن.
وقال "في هذه اللحظة التاريخية حيث يتعين على البشرية الاختيار بين السلام والحرب، والرخاء والركود، والوحدة والمواجهة، يجب علينا أن ندافع أكثر من أي وقت مضى عن جوهر المبادئ الخمسة للتعايش السلمي، ويجب علينا أن نناضل دائما بلا كلل لتحقيق الهدف النبيل المتمثل في بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية".
ودعا شي العالم إلى التمسك بمبدأ المساواة في السيادة، وترسيخ أساس الاحترام المتبادل، وترجمة رؤية السلام والأمن إلى واقع، وتوحيد جميع القوى لتحقيق الرخاء، والالتزام بالنزاهة والعدالة، وتبني عقلية منفتحة وشاملة لا تستثني احدا.
وقال شي إنه من بين جميع القوى في العالم، يبرز الجنوب العالمي كقوة تتمتع بزخم قوي، ويلعب دورا حيويا في تعزيز التقدم البشري، مضيفا أنه عند نقطة بداية تاريخية جديدة تلوح الآن، يتعين على الجنوب العالمي أن يكون أكثر انفتاحا وأكثر شمولا وأن يتكاتف معا لأخذ زمام المبادرة في بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية.
ودعا الجنوب العالمي إلى أن يكون القوة المتينة للسلام، والقوة الدافعة الأساسية للتنمية المفتوحة، وفريقا لبناء الحوكمة العالمية، والداعي إلى التبادل بين الحضارات.
ومن أجل دعم التعاون في الجنوب العالمي بشكل أفضل، أعلن شي أن الصين ستنشئ مركزا لأبحاث الجنوب العالمي، وستقدم 1000 منحة دراسية في إطار منحة التميز للمبادئ الخمسة للتعايش السلمي و100 ألف فرصة تدريب لدول الجنوب العالمي في الأعوام الخمسة المقبلة، وستطلق أيضا برنامجا لقادة شباب الجنوب العالمي.
وفي سياق إشارته إلى أن المبادئ الخمسة للتعايش السلمي قد سُطرت في دستور الصين منذ فترة طويلة، وهي حجر الأساس لسياسة الصين الخارجية المستقلة السلمية، قال شي إن الصين ستواصل الدفاع عن المبادئ الخمسة للتعايش السلمي، والعمل مع جميع الدول لبناء مجتمع مصير مشترك للبشرية، وتقديم مساهمات جديدة وأكبر في حماية السلام العالمي وتعزيز التنمية المشتركة.
وعلى ضوء ما سبق هل تعي دول الجنوب العالمي لهذا الخطاب التاريخي والذي جاء في وقته ومكانه، ان تلتف حول مضامين هذه الدعوة الصادقة من زعيم عالمي، تأتي مبادراته، أنقاذ و طوق نجاه من الهيمنة الاستعمارية و الانفراد بالقطبية المتغطرسة، فكانت مبادرة الحزام والطريق حدثا بارزاً في تاريخ التعايش السلمي بين الدول. لتأتي طرح المبادئ الخمسة مكملة لطروحات هذا الزعيم العالمي الذي سوف يخلد اسمه في التاريخ العالمي، كما خلدة طروحات المعلم كونفوشيوس مبادئ الأخلاق إلى يومنا هذا.