مهرجان جرش هل ياتي على مستوى الحدث ويخدم القضية؟
د. محمد حيدر محيلان
02-07-2024 06:06 PM
مهرجان جرش في الأردن يُعتبر من أهم المهرجانات الثقافية والفنية في المنطقة. يُقام سنوياً ويجمع بين الفعاليات الثقافية والفنية المتنوعة، مثل العروض الموسيقية، والعروض الفلكلورية، والمعارض الفنية والحرفية. يعكس مهرجان جرش التراث الأردني والثقافة العربية بشكل عام، كما يساهم في تعزيز السياحة الثقافية في الأردن وتعزيز التواصل الثقافي بين الشعوب . والمهرجان يدر على الاردن دخلا اقتصاديا نحن بحاجته، لست مع الغاء المهرجان ولا تعطيل الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في الاردن، كما يطالب بعض اهلنا واخوتنا بعاطفة واندفاع نحترمه ونجله، ولكنه يخلو من الواقعية، بل لا بد من استمرارية المهرجان والحياة بشكل طبيعي وبقوة وحيوية ونشاط، بكل اليات وادوات العمل والتشغيل والهمة العالية والمعنويات الابية، فبالجد والعمل والانتاج ننتصر، وبالكسل والجلوس والركون لاجترار الاحزان والنواح والحداد على المآسي والمجازر في فلسطين وغيرها ننهزم ونندثر، لان في قوة الاردن ومنعته قوة للامة وبالذات فلسطين ، ولا بد من الاعداد والتجهز والتمكين ما استطعنا من قوة لنهزم اعداء الامة والمتربصين بنا وبأمتنا شرا .
فلن ينتصر اردن ضعيف ومتهالك ومنغلق على نفسه جالساً يندب قلة موارده وقلة حيلته ويبكي شهداء غزة وفلسطين، وينتظر ان تتنزل عليه آيات ومعجزات من السماء لتنهض بالاقتصاد وتفتح فرص العمل وتسد العجز في الميزانية، بل بالعمل والنشاط واستغلال الموارد المتاحة هو من يخرجنا من حالة الفقر وقلة الموارد.
ان مهرجان جرش وغيره من المهرجانات والفعاليات مورد اقتصادي سياحي لا يجوز ان نعطله من اجل اننا نقتسم الجرح الحزن مع الثكالى اخواتنا واخواننا الفلسطينيين ، بل اقتسام الجرح والحزن والتعاضد والدعم يكون في ان نقوى اولا ماديا ومعنويا وتسليحا، وندعم اقتصادنا ونخرج من قمقم الفقر والحاجة، لنعد لهم ما استطعنا من قوة ، وهذا ما امرنا به الاسلام وربه جل وتعالى ورسوله الكريم، فماذا أعددنا ومتى سنعد لمواجهة اي غاشم ، عنا او عن جيراننا اذا قعدنا نلطم الواقع ونبكي مآسينا، ونعطل مؤسساتنا واعمالنا واقتصادنا المنهك ، بحجة الحزن والحداد الذي هو منهيٌ عنه زيادة عن ثلاثة ايام ، وأُسْتُثْنِيَتْ المرأة عند وفاة زوجها، وفقط زوجها، ووجب عليها ان تحد فقط (4 أشهر وعشرة أيام ) ، على زوجها وليس أبيها او أخيها أو ابنها ولغايات تشريعية تتعلق ببراءة الرحم.
الاسلام لا يجيز التعطل بحجة الحداد والحزن، بل يحب المسلم القوي الذي ينهض بعد كل مصيبة او كارثة او حزن، ليعاود النشاط من جديد بهمة وعزة وكبرياء، وهذا حالنا في الاردن ، نحن لا ننسلخ عن هم الامة وقضاياها، بل ننتصر لها ونعاضدها وقد فعل الاردن ويفعل هذا كل يوم ، فهذا جلالة الملك يجوب العالم مطالبا بوقف الحرب على غزة، ويطالب فورا بحل الدولتين، واعطاء الفلسطينيبن حقوقهم غير منقصوة عادلة وشاملة ، فقد مد وا مازال الاردن جسورا جوية وارضية من المساعدات التغذوية والطبية، وهذه مستشفياتنا ترفد الاهل هناك طبيا وعلاجيا في غزة ونابلس وجنين، وما زلنا في الاردن نقتسم الهم والغم والألم مع الأمة اجمع ، وفي بيوتنا ايضا ورزق ابنائنا، لكننا نمارس حياتنا اليومية وواجباتنا ومسؤولياتنا لنتغلب على مصائبنا ومشكلاتنا ومشكلات الامة .
نحن مع أقامة مهرجان جرش وكل الفعاليات السياحية في كل وقت وحين ، ولكن نطالب ان يأتي المهرجان هذه السنة على مستوى الحدث فتترجم فعالياته من مسرحيات وأغنيات وندوات معاناة ومأساة اخوتنا الفلسطينيين والغزيين، ويزيد من استنهاض الامة والعالم انتصارا لغزة وفلسطين، مع انه لم يتجاوزها في كل عام، الا ان هذا العام يتطلب أن تُضاعف الفعاليات وتكون موجهة وواضحة للانتصار لاهلنا ونشر مظالمهم وقهرهم ومعاناتهم المستمرة ، وفضح سياسة العدو الغاصب وجرائمه الممنهجة لابادة الشعب الفلسطيني وتطهيره عرقياً، بكل ما أوتيت ادارة المهرجان والقائمين عليه من قوة وامكانيات، وكذلك المشاركين، فيستحق اهل غزة وفلسطين في بداية كل فعالية اذا لم تكن موجهة لهم الفعالية مباشرة، ان يتم الاشارة للحرب على غزة وفلسطين بالكلمة او اللبس او ما يعني ويترجم ذلك من قبل المنفذين والمشاركين والفنانين والنجوم ،لان ذلك يعتبر اعلام مؤثر ضد الغاصب والمعتدي وكل من والاهم ويفت في عضدهم ، وينتصر لاهلنا في غزة وفلسطين.
نامل ذلك ، واضن انه في اعتبار وذاكرة المشرفين على المهرجان وادارته، ممثلة بوزيرة الثقافة التي ما برحت تنتصر للاهل في فلسطين وغزة ولم تتوان في ترجمة ذلك من خلال منشوراتها ومؤلفاتها كمفكرة ومثقفة اردنية تقتسم الوجع مع الاهل والاخوة هناك.
* الكاتب استاذ ادارة في معهد الادارة العامة / الرياض