facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




عندي عزومة


د. صبري ربيحات
02-07-2024 04:56 PM

يخلط البعض بين مفهوم العزيمة والعزومة ويستخدم البعض المفردتين للدلالة على نفس الشيء مع ان العزيمة تعني النية والاصرار على عمل ما، في حين يقصد بالعزومة الوليمة التي نعدها في مناسبات مختلفة وندعو الاخرين لحضورها.

من المهم التمييز بين الولائم التي تحمل رمزية ودلالات تراثية ومعان مجتمعية والاخرى التي يصعب ان تجد لها مناسبة او سياق. ففي النوع الأول تلتزم الوليمة بالطقوس المتجذرة في التراث وتؤدي وظائف اجتماعية مفهومة في حين تأتي الثانية على شكل مبادرات لا ترتبط بغير المجاملة والتقرب والتزلف واستعراض الثروة او المناكفة والاستمالة والنفاق والعلاقات العامة.

في الثقافة العربية يوجد عشرات المناسبات التي يمكن ان تكون سببا لاقامة الولائم وعزومة المعنيين والاجتماع على موائد اصحابها اما في الاردن فيصل عدد مثل هذه المناسبات الى عشرين مناسبة منها الزواج، والخطوبة، والصلح. وختان الذكور، وعودة الحجاج، ونجاح الابناء، والترقية في العمل، وبناء بيت جديد، والترحيب بالجيران الجدد، وعودة المسافر، وعقيقة الابناء، وموالد الذكر او التهاليل، ووليمة المصيبة، ووليمة الحذاقة، ووليمة التحلية، ووليمة شراء السيارة، وولائم الاصدقاء، ودعوات الزملاء، والترفيع والترقية، وعزومة الاخوة، ووليمة رمضان، والاحتفاء بنزول المطر، وانتهاء الموسم الزراعي، وجمع الغلة، وحلاوة البذار، والنجاة من الموت وغيرها من المناسبات.

لكل وليمة فئة او طبقة خاصة من المدعوين فهناك من يدعى على ولائم الخطوبة ولا يدعى على وليمة الجورعة او حلاوة البذار. وهناك من يستثنى من كل الدعوات.

خلال ايام الصيف تكثر المناسبات والدعوات فلا تصادف صديقا او قريبا الا وقال لك "كنت معزوم او عندي عزومة" ويشكو الكثيرون منا كثرة الدعوات التي تتضارب مواعيدها فتسبب لنا حرجا كبيرا.

احيانا كثيرة اتوقف عند ملاحظتي للاردنيين وهم يتعاركون فيما يشبه الشجار من اجل ان يحظى احدهم بشرف إكرام الضيوف او منع الاخرين من ان ينافسون على هذا الشرف.. في بعض اللقاءات العامة ما ان يصادفك اردني حتى يباشر بتوجيه الدعوة لك لتناول الغداء او العشاء. "جيرة الله عليك تعطيني يوم" هي الجملة التي يعرف كل اردني متى وكيف يستخدمها ويعرف انها احد اهم عناصر تشحيم وتزييت العلاقات الاجتماعية.

ذات مرة كنت في الولايات المتحدة جالسا في احد المقاهي مع مجموعة من الاخوة العرب من الخليج وشمال افريقيا وقد لمحنا شابان بملامح عربية مشتبكان بحيث ان كل واحد منهما يحاول ان يمنع الاخر من ان يدفع فاتورة القهوة ليدفعها هو.. بلا تفكير التفتت اللي السيدة الخليجية الجالسة معنا قائلة "طل طل هذول ربعك يا دكتور" نعم وحدهم الاردنيون يتعازمون على إكرام الغير حتى وان لم يكونوا مقتدرين ماليا..

هناك فرق في شدة وإصرار الداعي فبعض المدعوين لا يقبل منهم اعذار، والبعض الاخر لا يهم ان حضروا او غابوا. هذا التباين يذكرني بمقطع اغنية فيروز "تعا ولا تجي " ...

في ثقافتنا ومع الضغوط الاقتصادية وتبدل احوال الناس تغيرت طبيعة الولائم كما تغير طعم التفاح فهناك عزيمة المراكبية اي الدعوة التي يعرف الداعي بأنك لا ولن تلبيها ومع ذلك يتشدد في اصراره. تماما مثل دعوات بحارة المراكب لمن هم في المراكب الأخرى فلا احد يستطيع أن يلتحق بالاخر ولكن في الدعوة

اليوم انا معزوم في مكانين على العشاء ولا أستطيع أن أرفض اي من الدعوتين والخميس والجمعة والسبت معزوم أيضا.. كل هذا الشهر باستثناء ايام قليلة هناك عزومة استغرب من أين للاردنيين كل هذا العزم وكل هذه العزيمة ليقوموا بكل هذه العزائم.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :