facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الجيش الذي تقهقر


صلاح عجاوي
02-07-2024 03:36 PM

"الحديث عن تدمير حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ذر للرماد، وطالما لم تجد الحكومة بديلا لحماس فالحركة ستبقى"، هكذا قال المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي دانيال هغاري.

أخيرًا نطق حقًا وصدقًا مع أن كل أحاديثه السابقة ومؤتمراته لا تمت للواقع والمصداقية بأي صلة، على الرغم من أن حماس تواجه أعتى قِوى الأرض شراسةً وإجرامًا بأسلحتها التقنية وطائرتها بمختلف أنواعها، وروبوتات حساسة ذات الجودة العالية، وكل ما أُوتيت من قوة، إلا أن النتائج تعود على جيش الاحتلال بهزيمة تاريخية مدوية لم يسبق لها مثيل على جميع الأصعدة أهمها على الصعيدين العسكري والسياسي.

أما على الصعيد العسكري فمنذ بداية الحرب البرية المجنونة على قطاع غزة أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي عن أربعة أهداف، وهي القضاء على قيادة حركة حماس وإنهاء حكمها لقطاع غزة، وتحرير الأسرى الإسرائيليين، وتهجير سكان غزة إلى سيناء، حتى هذه اللحظة التي أكتب المقال لم، ولن يتحقق أي من الأهداف المعلن عنها والميدان اليوم يحكم لمن الغلبة، أما القضاء على حركة حماس فهو بعيد المنال والآمال فجميع الفصائل في غزة تقاتل بذكاء، وتفهم جيدًا متى تضع الكمائن، وما هو الوقت المناسب لإطلاق الرشقات الصاروخية على تل أبيب وغلاف غزة، ومع كل هذه التكتيكات العسكرية العالية يقاتل المقاوم مصطحبًا معه عقيدة راسخة إما نصرًا وإما استشهادًا والنتيجة بكلا الحالتين نصرٌ عظيم له، ويسألونك عن اليوم التالي لحكم قطاع غزة، وكل المعطيات اليوم تشير إلى أن اليوم التالي سيكون لنتنياهو وحكومته الفاشية، وأحلام نتنياهو الوردية بتنحية حكم حماس لقطاع غزة والقضاء عليها تُفسر بأضغاث الأحلام، والحديث عن تحرير الأسرى بعد تسعة أشهر من حرب طاحنة أمر سخيف للغاية، ومن المضحك جدًا وبعد ثمانية أشهر التحدث عن تحرير أربعة أسرى وقتل ثلاثة آخرين، أي عاقل يسمع؟ وبمساعدة من؟ الولايات المتحدة وفضيحة إنسانية راح ضحيتها أكثر من 300 شهيد، جيش الاحتلال غارق بالفشل بهذا الهدف، ومسألة التطهير العرقي وترحيل الغزيين إلى سيناء أمر محسوم، حسمه أهالي القطاع منذ اليوم الأول من الحرب، فصمودهم وإرادتهم أدهشت العالم، اليوم أصبحت غزة برجالها ونسائها وأطفالها أنموذجًا في الصبر، وما النصر إلا صبرُ ساعة، والمعادلة بهذا الهدف مقلوبة رأسًا على عقب فخلال الشهور الستة الأولى غادر أكثر من نصف مليون إسرائيلي البلاد، ولم يعودوا منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول وفقًا للإعلام العبري.

دعونا نتفق أن ضربة 7 أكتوبر / تشرين الأول سحقت كل المساحيق التجميلية لوجه هذا الكيان وأظهرت كمية بشاعته للعالم، وإلى اليوم يحاول جيش الاحتلال أن يستعيد صورته كالثور الهائج باستخدام أعتى أسلحته على الشيوخ والنساء والأطفال، ولكنه كل يوم يمر يخسر أكثر من سمعته ومكانته، كما خسر سرديته الكاذبة الذي يدعي فيها بأنه الجيش الأكثر أخلاقيةً والدولة الأكثر إنسانيةً وديمقراطية، كل هذه الادعاءات نُسفت أمام العالم، وأصبحت لا معنى، ولا قيمة لها، وكلما استمر جيش الاحتلال بخوض حربه العبثية على غزة زادت عزلته عن العالم.

وعلى الصعيد السياسي أصبحت الحرب في غزة حرب عبثية ولا فائدة منها ولم يتحقق أي من الأهداف المعلن عنها منذ بداية الحرب وعلى إثر هذا تتزايد الانقسامات والانشقاقات في المنظومة السياسية والعسكرية داخل مجلس الحرب والذي فقد توازنه بعد استقالة غانتس وأيزنكوت، ولم يبقَ في السفينة سوى نتنياهو والمتطرفيْين بن غفير وسموترتش والذهاب بالسفينة إلى المجهول، واتهم رئيس الشاباك السابق يوفال ديسكين الوزيرين المتتطرفين "بأنهما يقودان إسرائيل إلى “انحدار وفقدان للسيطرة كل يوم، الدولة أصبحت غير قادرة على التعامل مع التهديدات الأمنية، ما الذي يمكننا فعله أمام هذا الانحطاط، ورئيس الحكومة هو الأكثر فشلًا في تاريخ الدولة؟"”
ووصل الشارع الإسرائيلي وشخصيات سياسية وعسكرية مهمة إلى قناعة بعدة أسباب جوهرية أهمها بأن نتنياهو يواصل عدوانه على غزة بالرغم من استبعاد تحقيق أهدافه، وإصراره على صفقة جزئية لعرقلة المقترح الذي أعلن عنه جو بايدن ، وفشله في تحرير الرهائن الإسرائيليين كل هذا يُفسر على أن نتنياهو يماطل بالحرب من أجل بقائه السياسي وإطالتها لحين فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية القادمة لدعمه وتثبيته من جديد، متناسيًا الحالة النفسية في صفوف جيشه، بالإضافة إلى ضعف الروح المعنوية والقتالية للجندي إذ يؤثر سلبًا على مواصلة الحرب في قطاع غزة، وبحسب استطلاع أجرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" ظهر أن 58% منهم أبدوا بعدم رغبتهم في مواصلة الخدمة العسكرية، وأن الروح المعنوية تشهد تدهورًا ملحوظًا لدى الضباط.

وبالرغم من غرق نتنياهو في وحل غزة وتكبده خسائر فادحة على جميع الأصعدة، إلا أنه يحاول أن يجر دولة الاحتلال إلى فتح جبهة ساخنة لا نظير لها مع حزب الله بعد مقتل القيادي طالب سامي عبد الله "الحاج أبو طالب" حيث تصاعدت حدة الاستهدافات بين الطرفين وخلال الأسبوعين الماضيين أطلق حزب الله مئات الصواريخ، الأمر الذي قد يؤدي الى الانزلاق التدريجي نحو حرب إقليمية شاملة، ولا شك أن ذهاب جيش الاحتلال إلى الحرب مع حزب الله سيكون باهظًا أولًا على المجتمع الإسرائيلي الذي أُثقلَ من تبعات الحرب على غزة، وحتى إن حكومته المتطرفة لم تنتهِ بعد من هذه الورطة التاريخية في غزة، وثانيًا أن حزب الله له قدرات قتالية أوسع وأكبر، وشاهدنا كيف اخترق حزب الله مدينة حيفا من إحدى طائراته المسّيرة، التي أطلق عليها اسم الهدهد، حيث أظهر الفيديو مواقع إسرائيلية حساسة وقواعد عسكرية ومخازن أسلحة وصواريخ وموانئ بحرية ومطارات، وهذه سابقة لم تحدث، وإن نشبت الحرب، فكلا الطرفين سيعرض قوة عضلاته العسكرية، وستكون الخسائر باهظة على الطرفين، وحذر رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة تشارلز براون " من أن الولايات المتحدة ستواجه صعوبة في مساعدة إسرائيل في حالة نشوب حرب واسعة النطاق ضد حزب الله، وأن أي امتداد للصراع بين إسرائيل وحزب الله على الحدود الشمالية سيهدد المنطقة برمتها بحرب كبيرة وواسعة، بمشاركة إيران أيضا.

منذ 7 أكتوبر / تشرين الأول ودولة الاحتلال تُرمم مظهر قناعها الذي كان مزركشًا بالجمال، بعد أن حطمته فصائل المقاومة في غزة، وضربت المنظومة الدفاعية، وأظهرت مدى هشاشتها، كما أفشلت مخططات المنظومة السياسية، وكان أبرزها تصفية القضية الفلسطينية، والسيادة الكاملة على المسجد الأقصى، والمضي قدمًا بتوسعة مشروعها التطبيعي في السعودية والمنطقة، وحتى يومنا هذا تحاول دولة الاحتلال استعادة ملامح صورتها أمام العالم، وكل يوم تبقى في غزة تفقد وزنها العسكري والسياسي والإستراتيجي في العالم، وتزيد من عزلتها جراء الإبادة الجماعية المستمرة وإطالة الحرب على قطاع غزة، حيث قدمت جنوب أفريقيا شكوى في محكمة العدل الدولية تتّهم فيها إسرائيل، لانتهاكها المواثيق الدولية، ولاقت الدعوة انضمامًا دوليًا، وكان آخرها كوبا، وفي خطوة أوروبية لافتة اعترفت اسبانيا وايرلندا والنرويج بالدولة الفلسطينية وهذا مؤشر على تفكك الموقف الأوروبي إزاء القضية الفلسطينية، والاعتراف مرشح للزيادة، كما شهدنا طوفان بشري هائل بالوقفات الاحتجاجية، وحتى أيضًا في الجامعات الأمريكية والبريطانية والفرنسية، وهذه أيضًا سابقة لم تحدث، كل هذه المتغيرات أكسبت القضية الفلسطينية الصدارة العالمية مجددًا، وأيقظت الوعي الغارق بسردية الاحتلال الكاذبة، كسردية الجيش الأكثر أخلاقيةً وإنسانية، هذا التلميع الزائف لن، ولن يغطي على الجرائم والمجازر وارتكاب أبشع الانتهاكات الإنسانية بحق الشيوخ والنساء والأطفال، بل يكشف حقيقة وحشيته الخاسرة وتخبطه على كافة الأصعدة، وذلك بقوة صمود وثبات أهل غزة في أرضهم وبسالة مجاهديها الأشاوس، لنشهد معًا أن الجيش الذي لا يقهر، تقهقر.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :