إنسان المستقبل .. أنماط متوقعة!
يزن عيد الحراحشة
02-07-2024 12:41 PM
يضج الفضاء العام في أيامنا هذه بأخبار تطورات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته والمجالات التي يتداخل ويحل فيها محل الإنسان الذي يبدو أنه سيقاسم أدواره مع الزائر الحديدي الجديد، ولكن ماذا عن الإنسان نفسه؟
مكمن القلق هنا، أو قلقي الشخصي على أقل تقدير، هو دمج هذا الذكاء مع الإنسان نفسه، فحتى لو رأينا فكرة مساعد الحركة أو الحقيبة النفاثة تطورا لطيفا، فكيف سننظر إلى دمج التقنية متصاعدة القدرات مع الإنسان نفسه؟ كيف سيكون الإنسان الجديد نصف الآلي؟
الأمر بدأ..!
نظارات شرطية لتحديد المجرمين، مترجم صوتي فوري بين أجنبيين، عشرات التطبيقات التي تنصحك كيف تتكلم، كيف تتصرف، وكيف تشعر وتحب! ولكن، أين ستذهب؟ وإلى أي درجة سيحافظ الإنسان على كينونته البشرية، العقلية في ظل توحيد أنماط التفكير مع هذه البرمجية، هذه الخوارزمية الخارقة التي لا نملك خيوطها العليا؟ بل مع هذا الوحش الذي إن عمم سيحول البشرية القادمة إلى مستنسخين كثر، ملايين الأمساخ قد تنتج في حال التسليم، الملايين نحو النموذج الموحد!
ميزات محدودة.. ومقلقة!
نعم، قد تستطيع بسهولة التحدث مع الأجانب، وقد تملك القدرات على الوصول إلى أي معرفة مرفوعة على الإنترنت مترابطة في ثواني، وقد يساعدك الذكاء الاصطناعي هذا على التعرف على الأشياء والأماكن وإعطاء المعلومات عنها، وسيخبرك كيف تحب وتكره وتبني شخصيتك، وسيتوسع معك إلى كل شيء، ولكن، إن سمح لي هو بها: ماذا ستفعل يا ولدي وقد وضعت خلدك على يديه؟ ماذا سيدور في رأسك بعد كل دوراته؟ وأين ستكون شخصيتك؟
مستقبل الناس النفسي، ضباب!
ما هي التطورات النفسية المتوقعة؟ نفسية الإنسان المرتبط عاطفيا مع آلة؟ ونفسية الذي يُعمل 3% من دماغه؟ والذي قريبا سيشاور الآلة حول طريقة دخول الحمام وشرب كأس الماء؟ وهل ستتحول البشرية الحضرية بكليتها إلى طفل مدلل عاجز عن اتخاذ قرار بمفرده؟ وهل سيستطيع هذا الطفل البقاء في الدنيا؟ وإلى أي درجة سيقدر على مفارقة فراشه المظلم وشاشته المضيئة، وإلى أين سيذهبان به!
فرصة للنجاة، بصيص أمل..
تمركز حولك، حول ما تعرفه عن الإنسان، وأنصحك مرة أخرى بطرق باب روحك، عليك أن تصلي لله، لما تؤمن به، وعليك قراءة الشعر وسماع الموسيقى ومطالعة الفنون، عليك الرقص، الرقص على الربيع وفي الشوارع الخالية، وحاول أن تضيع هذا الشهر في مزارات أثرية، وادفن نفسك، ادفن نفسك مع أشتال العدس والبصل، تصرف إنسانيا، لتبقى أنت..
مستقبل أحادي الجانب..
لا أرى المستقبل لأصحاب المعرفة المجردة، ولن يكون بطبيعة الحال لمسلمي أنفسهم إلى الآلة، ولن يكون أيضا للمنفصلين عن الآلة الذكية تماما، وسيقصر التقدم والتفوق على البشريين الأكثر إبداعا، والأكثر قدرة على الخلق، والموظفين للتقنية، الموظفين لها اقتصارا على الانتعال لبناء النفس، وتطوير الجوهر، مع الحذر الشديد.