facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




هالة اليقين .. رحلة في عقول الذين لا يعرفون الخطأ


محمود الدباس - ابو الليث
01-07-2024 09:52 PM

في زوايا المجتمع.. تتأرجح شخصيات تأبى إلا أن تكون على حق.. فتعتلي منصة الجزم والثقة المطلقة.. فتنبثق من أعماقها قناعة لا تتزعزع بأنها وحدها مَن تملك وتحتكر مفاتيح الحقيقة..
هذه الشخصيات تمضي في دروب الحياة.. موقنة بأن نظرتها للعالم هي النبراس الذي ينبغي أن يهتدي به الآخرون.. وأنها هي المسطرة التي يجب على الجميع اتباعها..

وعلينا ان نعلم ان هالة اليقين تعني الشعور العميق والراسخ بالثقة والإيمان بصحة المعتقدات أو الآراء الشخصية.. فالشخص الذي يمتلك هالة من اليقين يكون واثقاً تماماً بمعتقداته.. وغالبا لا يقبل بسهولة الأفكار أو الآراء المخالفة..
والتوازن بين الثقة بالنفس.. والمرونة الفكرية.. هو المفتاح للاستفادة من هالة اليقين بشكل إيجابي..

تبدأ القصة عادة مع نشأة الإنسان.. حيث تنمو بذور الثقة بالنفس في تربة خصبة من التجارب والخبرات.. لكن ما إن يشتد عوده حتى يتحول هذا الإيمان الذاتي إلى جدار صلب.. يحيط بهالة من الاستعلاء.. من هؤلاء من تربى على يد والدين يكرسان له هذه الثقة المفرطة.. وآخرون أكتسبوها من نجاحات متتالية جعلتهم يظنون أن الفشل أمر بعيد المنال عنهم..

فعلى سبيل المثال في العمل.. تجد هؤلاء الأفراد في الاجتماعات يحتلون مقدمة الطاولة.. يتحدثون بثقة تنبثق من كل كلمة يتلفظون بها.. يتخذون القرارات دون تردد.. متجاهلين أصوات النقد أو الآراء المخالفة.. فهم لا يرون في النقاش مجالاً لتبادل الأفكار.. بل ساحة لإثبات صحة آرائهم.. وكأنهم في معركة حربية لا تقبل الهزيمة..

وفي العلاقات الاجتماعية.. فهؤلاء الأشخاص يُعتَبَرون تحدياً كبيراً.. فهم يجادلون في كل صغيرة وكبيرة.. لا يتركون مجالاً للآخرين للتعبير عن آرائهم دون أن يتدخلوا لتصحيح الأخطاء.. فيمكن أن يتسبب ذلك في نشوب خلافات عديدة.. حيث يشعر الطرف الآخر بأنه غير مسموع أو غير مُقدَّر.. وفي النهاية.. تجد أن العلاقات معهم مشوبة بالتوتر والاحتقان..

من هنا نجد ان وراء هذه الثقة الظاهرة.. يكمن في الغالب خوف دفين من الخطأ.. ورغبة عارمة في البقاء على قمة التقدير والاحترام.. إنهم يختبئون وراء ستار الثقة المطلقة لأنهم يعتقدون أن الخطأ سيجعلهم عرضة للنقد.. وسيكسر تلك الصورة المثالية التي نسجوها لأنفسهم أمام الآخرين..

في الحقيقة.. الحياة أعقد وأعمق من أن يتم اختزالها في منظور واحد.. وزاوية محددة.. ولا يوجد إنسان يمتلك الحقيقة المطلقة.. فالجميع يرتكب الأخطاء ويتعلم منها.. وكل رأي يحمل قدراً من الصحة والخطأ.. لذا.. فإن الانفتاح على الآراء الأخرى والاستماع إلى وجهات النظر المختلفة هو السبيل لبناء مجتمع متفهم ومتناغم..

وما يضيرنا إن نتعرف على صحة ومتانة هالة اليقين لدينا.. أكانت إيجابية أو سلبية.. مع ان ذلك يمكن أن يكون تحدياً ذاتيا كبيراً.. ولكن يمكن للشخص الوصول إلى تقييم ذاتي موضوعي.. ويحدد مسلكه وطريقة تعاطيه مع الآخرين..
فتحليل معتقداتك بعناية والتساؤل عن الأسس التي تعتمد عليها.. واسأل نفسك.. هل لدي أدلة قوية تدعم معتقداتي؟!.. وهل هناك احتمالية أن أكون مخطئاً؟!..

وإن استماعك إلى وجهات النظر والآراء المختلفة.. حتى تلك التي تتعارض مع معتقداتك.. قد تفتح لك هذه الآراء آفاقاً جديدة وتساعدك على رؤية الأمور من زوايا مختلفة..
وما بالك لو شاركت أفكارك مع أشخاص تثق بهم ولديهم خبرة ومعرفة واسعة.. قد يقدمون لك رؤى جديدة أو تحديات لمعتقداتك تساعدك على تقييمها بشكل أكثر دقة..
وكن مستعداً لتعديل معتقداتك إذا واجهت أدلة قوية تناقضها.. فإن الاعتراف بالخطأ ليس ضعفاً.. بل هو علامة على النضج الفكري والقدرة على النمو..

في الختام اقول.. علينا أن ندرك أن القوة الحقيقية تكمن بالاعتراف بحدود معرفتنا.. وفي قبول فكرة أننا قد نكون مخطئين أحياناً.. وهذا ليس ضعفاً.. بل هو علامة على النضج والحكمة..
دعونا نتعلم من بعضنا البعض.. ونتقبل اختلافاتنا.. فالحياة ألوان متعددة.. وليست لوناً واحداً يرسمه من يظن نفسه دوماً على حق..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :