facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




محكومون بالأمل دوما


مالك العثامنة
01-07-2024 12:34 AM

رغم كل الظروف الإقليمية الصعبة، والتي تلقي بظلالها الثقيلة على المشهد الأردني بكل مستوياته، إلا أنني أجد الأردن محكوما بالأمل على حد عبارة الراحل "سعد الله ونوس".

الحسابات الخارجية "الدقيقة والمعقدة" مرتبطة بالضرورة دوما بالحسابات الداخلية، والعكس صحيح. والأردن اليوم في عده التنازلي أمام استحقاق انتخابات وشيكة قادمة في سبتمبر المقبل، وقد تأثرت كل الحسابات التي تم العمل عليها بجهد هائل بما حدث في السابع من أكتوبر، وأخطر ما حدث هو استهداف المزاج العام الأردني والتغيرات التي طرأت عليه.

لكن الدولة هي الدولة، والعقل السياسي للدولة مصمم على خوض الانتخابات بثقة كاملة، لا بحثا عن نتائج مرضية للسلطة بقدر ما هنالك إرادة بإحداث التغيير ولو على مراحل.
الانتخابات استحقاق في وقته تماما، ونتائجها في المرحلة الأولى من عملية التحديث السياسي ستكون مؤشرا على متانة الدولة وعافية مؤسساتها، وهي ضرورة ضمن ضرورات كثيرة في عملية التحديث لإنتاج طبقة "السياسيين" المفقودة تقريبا في الدولة الأردنية.
ما عانت وتعاني منه الدولة الأردنية هو تضخم أفقي في طبقة البيروقراط التي ترهلت، وتوسع عمودي في طبقة التكنوقراط التي تغولت، وما بينهما تلاشت طبقة السياسيين المحترفين.
البيروقراط، ضرورة في أي دولة، شرط أساسي لمؤسساتها وأجهزتها، لكن البيروقراط بطبيعته لا يجترح الحلول، هو يطبق التعليمات واللوائح ويتلقى الأوامر في إطار القوانين والتشريعات التي يتزمت في تطبيقها، حركته مثل تمدده أفقيا وهو ما يخلق أزمة ترهل يعاني منها الأردن في مخزون بشري من الطاقات الموزعة والمحشورة في المؤسسات والدوائر الرسمية.
التكنوقراط، حركته عمودية ويتلقى الأوامر من أعلى إلى أسفل، ليس هناك مرونة عند التكنوقراط لخلق تغذية راجعة أو الرد على الأسئلة الموجهة إليه إلا بأسئلة يعيد توجيهها إلى الأسفل. التكنوقراط لا يقدرون بطبيعتهم على ابتكار الحلول، لكنهم مهرة في تصميم وهندسة الأسئلة المطروحة عليهم من الأعلى ولا يملكون الإجابات وليست لديهم القدرة على الإجابة الحاسمة والمباشرة أساسا.
السياسي، بالمعنى الاحترافي للمهنة والمفهوم، هو الوحيد القادر على التحرك في كل الاتجاهات، والسياسي يدرك ما يريده البيروقراط، ويتفهم ضرورة حضور التكنوقراط، ويستطيع دوما أن يجيب على الأسئلة المطروحة عليه من أعلى ومن أسفل ومن كل الجوانب، وظيفته الأساسية أن يخلق الأجوبة والحلول.
طبقة السياسيين تكاد تختفي في الدولة الأردنية، الفراغ الذي نشأ تمت تعبئته بالتكنوقراط والبيروقراط، وهما في حالة مواجهة دائمة وحاصل الفرق في كل تلك المواجهات ما نراه في الدولة الأردنية اليوم من تشوه في طريقة العمل السياسي برمته.
الاستحقاق الانتخابي القادم، لن يخلق طبقة سياسيين سنجدها جاهزة صباح اليوم التالي للفرز، لكنها ستزرع قواعد عمل جديدة وربما تدفع بنواة شخوص سياسية قادمة قابلة للنمو في العمل العام الذي سينضج وعيهم السياسي.
حين نقرأ يوميات ومذكرات المائة عام الأولى من الدولة الأردنية، ونسمع شهادات حية عن تلك المرحلة فإننا ندرك أن الحنين الذي يتجلى أحيانا إلى الماضي هو استغاثة الوعي الجمعي للخروج من الحالة الراهنة بكل ما فيها من شلل، وابتكار طبقة سياسية حقيقية تتحرك بكل الاتجاهات وتؤمن بالدستور والدولة والعرش.
وإلا، فإن هذا الحنين سيكبر في فقاعات الوهم ويتحول إلى انكفاءات تنظر إلى الخلف بحسرة ولا قيمة حقيقية لها على الأرض.


الغد





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :