اسرائيل تنتقم من السلطة الفلسطينية
كمال زكارنة
29-06-2024 11:49 AM
تنهزم اسرائيل في قطاع غزة وتفشل في تحقيق اهداف عدوانها على القطاع،بعد مرور تسعة اشهر على العدوان،رغم مشاركة الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والمانيا وغيرها في هذا العدوان الوحشي البربري ،الذي تحول منذ الايام الاولى الى حرب ابادة جماعية شاملة ضد الشعب الفلسطيني في جميع مناطق القطاع.
في المقابل ولتعوبض هزائمها في غزة ،تنتقم اسرائيل من الضفة الغربية ومن السلطة الفلسطينية التي تدير اجزاء منها،بهدف تقويض السلطة وافراغها من مضمونها ،بعد سحب بعض صلاحياتها التي انشئت على اساسها وبموجبها قبل ثلاثين عاما،وما سحب صلاحيات السلطة ونفوذها والتضييق عليها ماليا وأمنيا واداريا وسياسيا، الا رسالة واضحة تحمل توجها اسرائيليا جديدا،وهو اشعال الضفة الغربية ،والاستعداد لشن عدوان شامل على الضفة ،والتمهيد لضم الضقة للكيان الغاصب،والحاق سكان الضفة بالكيان،ومصادرة الارض لاغراض الاستيطان،عند ذلك ستجد السلطة نفسها بلا ارض وبلا شعب ،هذا ما تخطط له حكومة الاحتلال الفاشية العنصرية.
حكومة نتنياهو تسعى الى تقويض السلطة ،لانها لا تريد ان ترى او تسمع اي عنوان للشعب الفلسطيني ،ولا اي كيان او هوية او وجود لكل ما هو فلسطيني،من اجل تصفية القضية الفلسطينية،ومن اجل ذلك دمرت اسرائيل قطاع غزة ،وتعمل على ضم الضفة الغربية.
وضع يد الاحتلال على مناطق سي بالضفة الغربية ،وسحب الصلاحيات الادارية من السلطة في مناطق بي،يعني ان اكثر من 82 بالمئة من مساحة الضفة الغربية اصبحت فعليا تحت الحكم والاحتلال العسكري الاسرائيلي،ولم يتبق مساحة لحركة وصلاحيات السلطة الا في قلب المدن والقرى والمخيمات فقط،واذا استمرت حكومة نتنياهو في تنفيذ سياستها ومخططها العدواني في الضفة الغربية،فانها ستضع نفسها في مواجهة حقيقية مع الشعب الفلسطيني هناك.
تضييق الخناق على السلطة الفلسطينية من قبل اسرائيل،يعني انها تعود الى المربع الاول وتلغي وتنسف كل من جرى منذ عام 1991 حتى الان،رغم انها لم تلتزم بأي شيء من الاتفاقيات التي وقعتها مع الجانب الفلسطيني ،لكنها اليوم تطلق رصاصة الرحمة على مشروع السلام الذي يحتضر اصلا.
السلطة الفلسطينية هي سلطة مدنية ادارية امنية مؤقتة،تمثل مرحلة انتقالية لاقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، حسب الاتفاق الموقع مع الاحتلال ،لكنها في نفس الوقت ،يمكنها ان تتصدى لحكومة الاحتلال ومخططاتها،بأنها ليست سلطة وظيفية كما يريدها الاحتلال ،وانها تمثل منظمة التحرير الفلسطينية ،ودولة فلسطين تحت الاحتلال التي تعترف بها 148 دولة في العالم.
تستطيع السلطة ان تعود ايضا الى المربع الاول ،وتفعل بالمثل كما تفعل حكومة الاحتلال،وتعلن انها في حل من جميع التزاماتها مع الجانب الاسرائيلي ،وان يتحمل الاحتلال الاسرائيلي مسؤولياته في الضفة الغربية كاملة، بصفته السلطة القائمة بالاحتلال.
حكومة الاحتلال تفتح شهيتها لتفجير حرب اهلية في الضفة الغربية،وتحديدا بين السلطة وفصائل المقاومة،وتنتظر من السلطة القيام بدور الاحتلال في كثير من الظروف والاحيان ،وخاصة في التصدي للمقاومين ،وجيش الاحتلال يستمتع بالمشاهدة والفرجة،عندما يقوم الفلسطينيون بقتل بعضهم البعض.
حكومة الاحتلال تسعى بقوة الى تفجير الاوضاع واشعالها في الضفة الغربية،فهي تحاول ان تظهر قوة المقاومة هناك والمبالغة فيها ،وتتحدث عن عمليات تهريب للسلاح ،من اجل تبرير الافراط باستخدام القوة ضد المقاومة في الضفة ،لكن رغم التطور والانتشار التدريجي الذي تشهده المقاومة في الضفة،الا ان حجم الدمار الممنهج والمنظم الذي تقوم به اسرائيل ،واعمال القتل والهدم والاعتقال في الضفة، كبير جدا ومبالغ به كثيرا .
الحكمة والوعي الفلسطيني مطلوب اليوم اكثر من اي وقت مضى ،فلا فائدة تتحقق من فتح معارك اعلامية وسياسية جانبية ،لا تخدم الا الاحتلال الاسرائيلي ،وتضعف الموقف الفلسطيني ،ويجب ان يوظف الجميع كل الامكانات والطاقات ،من اجل تعزيز وحدة الصف الوطني وتمتين الجبهة الداخلية وتفويت الفرصة على العدو الذي يسعى الى تفتيت الشعب الفلسطيني لتسهيل السيطرة عليه.