انسان غزة .. والطفل البطل
د.بكر خازر المجالي
29-06-2024 09:26 AM
بدأت حرب غزة ونحن نعيش اياما من اليأس والتشاؤم ، ونعتقد اننا امام نكبة جديدة تضاف الى نكبات الامة ، وبعد هذه الشهور والايام والليالي ، فان هذه الحرب أظهرت أن الأمة بدون عامل الصمود فانها لا تساوي شيئا ، وان الامة التي تنهار سريعا هي امة غير جديرة بالبقاء ، ولكي تستمر في البقاء ليها ان ترتدي ثوب الاستسلام وتضع كل الاقلام الا قلم لتوقيع اوراق الاستسلام.
ولكن أن يعود العربي ليلبس ثوب العزة والتضحيات فهذا هو الاستثناء الان ، وهو التطور الدراماتيكي في هذا الزمن ، الذي اعاد كل الحسابات وأدخل عوامل النصر والتفوق في وجه الغطرسة والعدوان.
هذا ما فعلته غزة الفلسطينية ، وهذا ما رسمه انسان غزة للعرب وللعالم بأن لا فشلا ولا هزيمة مع الصمود ، وان الصمود لا يقاس بوزن القذيفة مهما كان والذي يتلاشى امام وزن الايمان والثقة والعقيدة والعزم بأن النصر مزروع في الارض وعلينا ان لا نغادرها .
وصورة النصر في ابسط حالاتها هي صورة اطفال غزة ، الذين في معظمهم لا يريدون ان يكون هناك فاصل بين لحم ارجلهم وتراب ارضهم ، يسيرون حفاة وكأن هذا عهد مكتوب بين لحوم اجسادهم وتراب الارض ، لا تغادر محياهم البسمة والضحكة ، ولا تنازلوا عن عزة النفس وكرامتها ، بل اظهروا صورا من الكرم وايثار الغير وهم في حاجة وعوز،
الطفال يقدمون لوحة من النصر القادم ، لا يعرفون الا ارضهم ، ولا تعني لهم كل مغريات الدنيا ، يصنعون ويبيعون ويتاجرون وهم في وسط مأساة اصبح المعتقد لديهم انها تحولت لتكون مأساة للعدو ، وان كل الاتهم ووسائل التدمير لا أثر لها في بنائهم المعنوي وصمودهم الاسطوري ، ويذكرنا بمقاومة لال نهرو غاندي للانجليز الذي لم يطلق رصاصة واحدة ولم يتجاوز سلاحه العصا والتي قال عنها اخيرا : " قد أخجلت بنادقهم "
وضحكات اطفال غزة ، وتقاسيم وجوه تشتاق الى حفنة ماء ، وأقدامهم المزروعة في الرمل ، هي قصة النصر القادم وهي الفوز العربي وهي قهر للعدو وتمريغ لجبروته ومسخا لظلمه .
من غزة التاريخ ومن عند هاشم والامام الشافعي سيبزغ الفجر الذي بدأت شمسه بالصعود من الاديم لتبسط اشعتها قريبا .