زكريا الطاهر .. ايضاً .. تلك الايام الغامضة
محمود الزيودي
07-08-2007 03:00 AM
حينما اتصل بي الصديق سمير الحياري يخبرني بوفاة زكريا الطاهر في عمان ويذكرني بحديثي عن الرجل في معرض تقريضي لكتاب سرايا الباشا نذير رشيد في "عمون" ويطلب تغطية اوسع لايام زكريا الطاهر .. كنت حينها عصر يوم 6 / 8 / 2007 اسقي بعض الاشجار والاشتال حول بيتي في غريسا .. كان دوري في ماء البئر الارتوازي .. واذا لم استغل كل نقطة ماء سأشتري كل الخضار في رمضان القادم من السوق . وأي اسعار سترتفع في رمضان ؟؟.. هكذا قلت لسمير الذي يحلو له مخاطبتي ب ( محمود بيك ) كنت اضحك في سري .. فلو استدار سمير بفكره قليلا عن هموم المهنة لاصبح بيكاً مضروبا بعشرة ... فالذين درّبهم سمير وعلّمهم استداروا للبحث عن خيرات مهنة المتاعب .. ثلاثة او اربعة مقالات .. عدة اخبار مزوّقة عن مسؤول كبير فيصبح الصحفي مستشارا ثم مديرا عاماً يستحق لقب بيك بصفة رسمية جدا .. ولكن ذلك السلطي العنيد قبض على جمر المهنة رغم الحريق الذي قرّح يديه ..
كتبت عن زكريا الطاهر بعجالة مطروبا بلقب ال"بيك" الذي يحمل الطوريّة بيد والهاتف بيد اخرى ويركض بين الاشجار والاشتال .. قد يقول قائل .. مالنا ولاشجارك ولقريتك ولسقايتك ؟؟ فأحتج للقاريء ان هذه المقدمات من بهارات الحديث وهي موروث اردني قديم .. اسوق بعضاً من مفرداتها الدارجة ........ والله ياخوي وبعدين جينا عليهم .... ويومنّي وصلت وقعدت على الفراش ... خاف الله انهم يا اثنين يا ثلاثة ... ولولا الزلل اقول لك انهم هم اللي ساووها ....
يستحق زمن زكريا الطاهر البحث وطرح الاسئلة وتكاد الاجوبة المبهمة ان تبرز بين احرف السؤال نفسه ...فالذين كتبوا عن تلك الفترة لم يوضحوا الكثير ان لم يكن القليل ( لاحظ الفرق بين كتاب سليمان موسى تاريخ الاردن في القرن العشرين الجزء الاول والثاني .. ومذكرات صالح الشرع وعلي ابو نواّر وغيرهم )
في حادثة اغتيال الرئيس الشهيد هزاع المجالي .. دخل دار الرئاسة خمسة اشخاص وامضوا وقتا طويلا في تركيب المتفجرات .
اقول وقتا طويلا لان تركيب وتوقيت متفجرات ذلك الزمن يحتاج الى خبرة وزمن في التركيب والتوقيت من قبل بائع كتب وفراش في دائرة حكومية وسائق مفصول من وزارة الخارجية وملازم في سلاح الهندسة جاء من الضفة الغربية في اجازة ( لم تذكر التحقيقات انه خبير الغام او متفجرات ) ..
حدث كل هذا وحرس رئاسة الوزراء من الشرطة يحيطون بالمبنى ويحرسونه ... لابد ان اولئك الحراس في حالة انذار فتلك الفترة حافلة بالمؤامرات والتخريب المادي والمعنوي .. ومع هذا حوكم الحرس بتهمة الاهمال بالواجب وليس الاشتراك بالجريمة ... اترك للقاريء التحليق في عالم التحليل ...
كان ال الطاهر قادرين على تشكيل جاهة كبرى من شيوخ ووجهاء المملكة لاخذ عطوة من المجالي بحكم علاقات عيال الطاهر الاجتماعية والاقتصادية في عمان .. ولكن العطوة في عرف الاردنيين تعني الاعتراف بالجريمة ... فهل احجم ال الطاهر عن طلب العطوة نفيا لاشتراك زكريا بالجريمة ؟
كان زكريا الطاهر مليونيرا بعرف تلك الايام فبيته على الدوّار الرابع ( قبل ان يصبح دوارا رابعا ) والبيت اشبه بالقصر .. يدل على ثراء الرجل وهو رجل اعمال قبل اتهامه بقضية محمود الروسان وتسميته حركيا باسم دنانير لانه جاء من دمشق يحمل اموالا لمشروع مؤامرة الروسان .. والغريب ان اغلب المتهمين في قضية الروسان هم من الضباط الشباب الذين اعتمد عليهم المغفور له جلالة الملك حسين في التخطيط لطرد كلوب باشا .
وبعضهم كان من مرافقي الملك .. منذر عناب .. مازن العجلوني .. ( كان عمر الملك عندما حرر الجيش من القيادة الانجليزية واحد وعشرون عاما فقط ) وكان المتهمون بالمؤامرة ابناء شيوخ ووجهاء وعائلات مشهود لها بالكفاح الوطني ( بعد استعمار بلاد الشام من قبل حلفاء الامس ) .. خارطة شاملة من كل بقاع الاردن وفلسطين ... ابن سليمان السودي الروسان .. محادين ..حديدي .. حياري ...دباس .. ابن سعود القاضي شيخ بني خالد ...خصاونة .. حمود ..مهيار .. عناب .. سلامه عتيق ..التل ..الجندي .. القماز ..الحباشنة ... زيادين ...بكر .. جردانه .. الداعور ..منكو .. العامري .. الشيخ عبد العزيز الخياط . الشيخ عبد الحميد السائح . القسوس .. مرشد جماعة الاخوان المسلمين ورئيسهم محمد عبد الرحمن خليفة .. شقير .. حبش .. وراد .الفرحان حمد . حمشاوي .. حمودة .. طوالبة .. ابو غربية .. قطب وقطامين .. حتى الامير زيد بن شاكر وهو اقرب الناس الى الملك . فوالده من مؤسسي الامارة وجده زيد كان من اخلص رجال المظلوم الشريف الحين بن علي ...
لماذا كل هذا الخليط من المسلمين والنصارى والملحدين والبدو والفلاحين والتجار والمثقفين والعسكر ؟؟؟ هل شعر الحرس القديم ان الشباب سيسحبون البساط من تحت اقدامهم ؟؟؟ قبل ستة ايام من اعتقال صادق الشرع بتهمة محاولة الانقلاب على الدولة استقال رئيس الوزراء سمير الرفاعي لعدم قناعته بالقضية .. فرئيس الوزراء يعرف جسم حكومته من مدنيين وعسكر ... اترك للقاريء التحليق في عالم التحليل وربط الماضي بالحاضر مع الاخذ بعين الاعتبار ان جلالة الملك عبد الله الثاني يعرف عن فقر عجوز من حسما او غور الصافي قبل المحافظ ومدير التنمية الاجتماعية . ويعرف ان حجر الاساس لمستشفى جديد اختفى تحت اوراق الصحف التي كتبت عنه .. كيف علا غبار الجرافات مكان مستشفى الزرقاء الجديد بقدرة قادر ؟؟. لا بد من المقارنة بين الملك الذي كان يقود سيارة الاجرة بين عمان والزرقاء في الخمسينات من القرن الماضي والملك الذي يصطف مع المراجعين امام الدوائر الحكومية بلحيته البيضاء في هذا الزمن..
كتبت ان بيت زكريا الطاهر ( فيلا ) في الاسكندرية كان مضافة للمنفيين الاردنيين والعرب .. في احدى الولائم التي كان يقيمها تجراء احد الاردنيين على التهجم على الملك حسين فقام زكريا بطرده ولم يقبل شفاعة الاخرين عن زلة لسانه .. لم افهم كيف استطاع توفيق طوقان اخراج زكريا الطاهر وتهريبه من السجن في المغرب بعد ان القى زكريا قنبلة لم تنفجر على المغفور له جلالة الملك حسين هناك , بحكم علاقة توفيق طوقان بملك المغرب ؟؟.. الملك محمد الخامس اقام الدنيا واقعدها عندما خطف الفرنسيون قادة الثورة الجزائرية ( احمد بن بيلا ورفاقه ) بعد مغادرتهم المغرب بالطائرة . معتبرا العمل الفرنسي اهانة له فالجزائريون كانوا ضيوفه ... كيف تسامح محمد الخامس في قضية رجل حاول قتل ضيفه على التراب المغربي ؟؟؟
اترك للقاريء التحليق في عالم التحليل ... وبعد . فمتى ياتينا بالاخبار ما لم نزوّد ؟؟؟