العنوان الطبيعي لهذه المرحلة هو الإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي ، أما الإصلاح الاقتصادي فقد تم تنفيذ الجزء الأكبر منه تحت اسم التصحيح الاقتصادي ، خلال 15 عاماً بدأت في ربيع عام 1989 ، وقد استعمل الإصلاح الاقتصادي بعد ذلك للمماطلة في الإصلاح السياسي.
يعـود الآن شـعار الإصلاح الاقتصادي (الذي لا يقل أهمية عن الإصلاح السياسي) إلى الواجهة بحيث يمكـن توزيع الاهتمام على جبهتين ، مع أن فتح الجبهة الاقتصادية ليس لازماً ، فالمطلوب (إجـراءات) اقتصادية وماليـة لتشـجيع النمو وتصويب المركز المالـي وليس إصـلاحاً يتناول الهيكـل الاقتصادي المستقر.
الإصلاح الاقتصادي الوارد في أذهان البعض هو فتح الباب للتراجع عن الخطوات الإصلاحية التي تمت ، وفي المقدمة: تحرير الأسواق ، والانفتاح على العالم ، وفك الارتباط بين القطاعين العام والخاص.
نسمع الآن من يطالب بإعـادة وزارة التموين ، وضبط السـوق ، وعودة الحكومة لتحديد الأسعار ، ومراجعة قرارات التخاصية ودمغها بالفساد ، والدعـوة للتأميم ، وكل ذلك يقع في باب التراجع عن الإصلاح الاقتصادي ، وتحويل الأنظار عن الإصلاح السياسي.
الهيكـل الاقتصادي في الأردن أفضل من أي بلد عربي آخـر ، ونقطة الضعف الرئيسية تكمن في الإدارة المالية للموازنة ، والقرارات الحكومية المتتابعة استجابة للضغوط والابتزاز ، ورش المال على مختلف القضايا ، وكأن الحكومة تملك أمـوال قارون.
كـل هذه القرارات والتحسـينات والأعطيات والمكاسـب ممولة بالدين ، حتى بلغت حصة العائلة الأردنية المتوسطة 12 ألف دينار ، والبحث جار عـن مقرضين مثل البنك الدولـي والصناديق العربية والصكوك الإسـلامية وسـندات الخزينة وأذوناتها ، وكل وسيلة توفر مالاً لإنفاقـه اليوم على أسـاس أن الغد سيعتني بنفسه.
يبـدو أن الحكومة بصدد تشـكيل لجنة للحوار الاقتصادي لتخرج بخطة تحفيـز الاقتصاد حتى نهايـة هذه السنة ، وخطة متوسـطة الأجل لما بعد ذلك ، وكأن الحكومة لا تملك خطة ولا فريق اقتصادي قادر.
هـذه اللجنة سـتكون مضيعة للوقت ، فلماذا تنجـح فيما لم ينجح فيه المجلس الاقتصادي والاجتماعي ، وهو مؤسسة رسـمية شكلت لهـذا الغرض؟ ولماذا لا تسـتفيد الحكومة مما يتوفر لديها من خبراء ضمن مؤسساتها لا يقلون كفاءة عن أشخاص القطاع الخاص الذين سوف تختارهم الحكومة ليطالبوا بمصالحهم الخاصة: حوافز وإعفاءات ومزايا.
(الرأي)