الدكتور سري ناصر ووسام التكريم الملكي
الدكتور عادل الطويسي
27-06-2024 03:13 PM
سرّني جداً تكريم الدكتور سري ناصر بمنحه وسام الملك عبدالله الثاني للتميز من الدرجة الأولى، وذلك بمناسبة الإحتفال باليوبيل الفضي لتولي جلالة الملك سلطاته الدستورية.
مصدر سروري (بالإضافة لما ورد في براءة منح الوسام ) عدة مواقف جمعتني بالدكتور سري منها إثنان إبان دراستي في الجامعة الأردنية لدرجة البكالوريوس (١٩٧٤ - -١٩٧٨)، وواحد عندما كنت رئيساً لتلك الجامعة (٢٠٠٩ - ٢٠١٢).
الموقف الأول عندما سجلت مادة متطلب كلية من قسم علم الاجتماع وكان يدرّسها الدكتور سري ناصر. كان لتلك المادة متطلب عملي ارتأى الدكتور سري أن يكون نشاطاً عملياً في شوارع العقبة. حملتنا ثلاثة باصات طلاباً وطالبات وبتنا هناك ثلاث ليالٍ نمضي النهار في مساعدة عمال البلدية في نظافة الشوارع، وفي الليل نشاطات اجتماعية متنوعة. كانت رحلة لاتنسى تعلمنا فيها جزء من الإلتصاق بأرض الوطن.
الموقف الثاني كان مع بداية أول عطلة صيفية (١٩٧٥) ، حيث تشاورت مع زميلي في الجامعة نيازي الشبعان، قطب السياحة فيما بعد في الأردن والشرق الأوسط (رحمه الله ، توفي قبل حوالي شهرين)، حول كيف يمكن التغلب على قلة الراتب الشهري الممنوح لنا من التربية والتعليم (١٨ دينار). فكان الرأي أن نعمل في ميناء العقبة. (تصوروا الناس التي أنعم الله عليها بالمال تغادر العقبة صيفاً ، ونحن الذين منَّ الله عليهم كذلك بالكدح نذهب للعمل فيها). لكن كيف لنا أن ندبر عملاً مناسباً الى حد ما؟ ذهبنا الى الدكتور سري في مكتبه وكان واقفاً أمام الطاولة وبيده رزمة مفاتيح لانعلم ماذا يفعل بها! شرحنا له وضعنا، فقال "بسيطة هلا بحكيلكوا مع عصام "، وإذ بعصام هو وزير العمل معالي المرحوم عصام العجلوني. ذهبنا لمعاليه في مكتبه في الوزارة التي كان مبناها قريباً من دوار الداخلية حالياً. استقبلتنا مديرة مكتبه بالترحاب وقالت معاليه بانتظاركم. أخذنا كتاب معاليه الى المسؤول الأول في ميناء العقبة آنذاك (وأظنه المرحوم عادل خرينو) وتم تعييننا على الفور كتبة رصيف. وزاد على ذلك اعطائنا فرصة العمل شفت (وردية) ثاني مما زاد في الدخل.
تكرر هذا الموقف في صيف العام الجامعي التالي( الذي إنضم الينا فيه فيصل الرفوع الدكتور والوزير فيما بعد، أطال الله في عمره).
الموقف الثالث كان في عام ٢٠١٠. خصصت يوماً في كل اسبوع أثناء رئاستي للجامعة الأردنية لعمل زيارة راجلة (سيراً على الأقدام) لإحدى كليات الجامعة، يرافقني فيها أحد موظفي مكتب الرئيس وعميد الكلية المعنية. كان الدور لكلية الآداب. عند باب الكلية وقبل دخولها كان الخارج منها الدكتور سري وبيده أوراق، فقلت لعميد الكلية أعرف الدكتور جيداً. توقفت وتوقف وسلمت عليه وعرفته بنفسي ولم ينسى أن يبارك لي. سألته عما اذا كان مازال يعمل في الجامعة، فأجابني أنه يقوم بإجراءات براءة الذمة وأشار الى الأوراق التي في يده، حيث فهمت أنه مطلوب منه أن يقوم بنفسه بالدوران على الدوائر والأقسام المختلفة في الجامعة لختمها بأنه بريء الذمة!
صعقني هذا الموقف، أجلت الزيارة للكلية، واصطحبت الدكتور سري الى مكتبي ، وهناك طلبت من مديرة المكتب تكليف أحد الأشخاص ببراءة الذمة. وجلست مع الدكتور سري أُذكره بالمواقف أعلاه وشربنا القهوة معاً، وأبلغته المديرة بأنها ستتصل معه بعد اتمام المعاملة. أصدرت يومها تعميماً لكل الكليات بالقيام بنفسها بإجراءات براءة الذمة عن كل عضو هيئة تدريس ينتهي عمله بالتقاعد.
بقي أن أوجه الشكر للموظف / أو المسؤول في الديوان الملكي الهاشمي الذي تذكر الدكتور سري ناصر ووضعه على قائمة التكريم.