الطبيعة الشخصية وقرار الاستثمار 2/2
رامي خريسات
27-06-2024 12:02 PM
ذكرنا في المقال السابق كيف ان فهم السلوكيات الشخصية للمستثمرين أمر بالغ الأهمية لفهم اتجاهات الاسواق واتخاذ قرارات استثمارية سليمة، حيث تؤدي المشاعر مثل الخوف والجشع وعدم الثقة بالنفس إلى نتائج سلبية، مثل اتباع القطيع أو التداول بناءً على الإشاعات أو الشراء بالتمويل المقترض المكلف، لذلك؛ من الضروري أن يكون المستثمرون على دراية بهذه الأمور وأن يضعوا استراتيجيات للتخفيف من تأثيرها السلبي، مما يستدعي الاعتماد على الذكاء الاصطناعي والاستثمار المستند إلى الأساسيات العلمية واللجوء الى الشركات الرفيقة بالبيئة المراعية للحوكمه وللمسؤولية الاجتماعية.
وعند الحديث عن الاسواق يخطر بالبال الوسطاء والمستشارون الماليون وهو الاهم من نواحي وجوب الالتزام بالقوانين والأنظمة واهمها أخلاقيات المهنة. للإنصاف اجمالاً وفي كل البورصات تجدهم حريصون على مصلحة العميل والشفافية وكتم الأسرار وعدم بث الإشاعات والابتعاد عن التداولات الوهمية التي تخلق اتجاهات سعرية مضلله ومشوهه، إلا أنه قد يحصل أحياناً أن يخرج بعضهم عن أصول المهنة وقيود عمله وتعليمات الهيئات المنظمة والأسواق، ويمارس تزيين البيع أو الشراء ليس لأسباب موضوعية ومهنية، وإنما لإغراء البسطاء بكثرة التداولات رغبة منه في تحقيق العمولات او المرابح الشخصية.
قد يحصل أن تصدر الشركات المرخصة بممارسة التحليل المالي وتقييم أسعار الأسهم تحليلات مالية غير دقيقة، تتم صياغتها بهدف زيادة التداول على أسهم بعينها، وخاصة إذا كانت هناك علاقة بين الشركتين مثل أن تكونا تابعتين لنفس الملاك او تربطهم علاقات قربى او شخصية، الأمر الذي يؤثر في دعم العرض أو الطلب على الأسهم وبالتالي زيادة تذبذب بالأسعار، مما يستوجب رقابياً دراسة العلاقات الشخصية والتجارية بين المتعاملين وربطها للتعرف على التعاملات المخالفة، وطبعاً اعتماداً على انظمة رقابية ذكية.
كما تعد المضاربات جزءا من عمل الأسواق المالية ويتفاوت تأثيرها من سوق لآخر ومن مستثمر لآخر ومن بيئة لأخرى، وحسب مستويات المعرفة والوعي والخبرة للمضاربين، وأحياناً على صفات أخرى مثل العواطف والطمع. المضاربات الملتزمة محمودة، وتسمى ملح السوق للتدليل على ضرورتها ومنها تتشكل السيولة اليومية التي تسهل البيع والشراء السريع، لكنها يجب ان تكون ضمن إطار التشريعات، وهناك تحفظات عليها إذا اتضح أنها تهدف للتأثير السلبي في الاسعار، أو لإثارة البلبلة في السوق أو الضرر المتعمد بصغار المستثمرين مقابل تحقيق الأرباح السريعة.
المضاربون يمكنهم كذلك الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في عمليات التحليل الفني ومحاولة التنبؤ بحركات الأسعار المستقبلية المحتملة بناءً على البيانات التاريخية للأسعار ،وذلك بإدخال الطبائع الشخصية لجمهور المستثمرين وسلوكيات قراراتهم عبر تاريخهم التداولي الى خوارزميات الذكاء الاصطناعي بهدف التنبؤ باتجاه السوق، والنتائج بالطبع ستكون مفيدة تأشيريه ، ولن تكون مطلقة الدقة فالنفس البشرية متقلبة كما الاسواق.
الرقابة المستمرة تساعد في تنظيم المضاربة وفرز طيبها عن خبيثها، وتدعم استقطاب الاستثمار المؤسسي، بوجود صناع للسوق وفي إطار من التوعية والتثقيف للمستثمرين والمضاربين على حد سواء. بعدها يأتي دور العقوبات الرادعة ضد المخالفين خاصة المتعاملين الداخليين بناء على معلومات غير مفصح عنها.
واخيراً اليكم بعض النصائح التوعوية: استثمروا على المدى الطويل، قوموا بالبحث الشخصي ولا تعتمدوا على النصائح العشوائية، نوّعوا محفظتكم، خوضوا المخاطر الاستثمارية المحسوبة، واطلبوا المساعدة المهنية عند الحاجة.
الغد