facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




السراب


فيصل سلايطة
27-06-2024 11:41 AM

قد لا يلام بعض من الشعب العربي إن كان لا يستطيع الخروج من فكرة الفتوحات أو الغزوات أو الحروب ، فعلى عكس الحكومات الغربية التي تقبع في موقع قوة كروسيا التي تغزو بجرة قلم أو امريكا التي تحرك اساطيل العالم بقرار بسيط، يعاني العالم العربي من هوان فكري و ثقافي و تكنولوجي ، هذا الهوان يجعلنا نعيش في سراب من الطموحات التي قد تغرق في فجوة بين الواقع و المتوقع المطلوب.

إن نظرنا إلى قضية فلسطين عبر هذه العدسة الحساسة (عدسة الحرب) ، سنجد بأن الشعوب العربية تطالب الحكومات عبر الشتم و النقد و الحراك و المظاهرات باعلان الحرب على الكيان الاسرائيلي الفظيع مثلا ، هذه المطالبات تنبع من شعور حقيقي و طبيعي بالدفاع عن المظلومين و المقهورين في فلسطين ، لكن هل نحن في موقع قوة لنقدم على الحرب؟

و لنفرض جدلا أنّه في الثامن من اكتوبر أقدمت عمّان و القاهرة و بيروت و بغداد و دمشق و غيرها من العواصم العربية على امطار تل ابيب بصواريخ و قنابل ، و ارسال الجيوش الكبيرة نحوها ، هل هكذا حقا ستتحرر فلسطين؟

ألن تقم حينها جيوش العالم كله بضرب عواصمنا العربية ، و اعادتنا مئات السنوات إلى الوراء لا بل احتلالنا و تجويعنا كما فعلت في بغداد بعد سقوط صدام ، أو في سوريا و ليبيا؟

هل نستطيع حقا أن نواجه العالم؟ و إن استطعنا ، هل نواجه العالم باسلحة صنعها العالم و تهافتنا للشراء منها؟ و إن كنا كذلك ، قادرين على الحرب ، لماذا لم تقم حماس باخطار المحيط للتنسيق ؟ فحجة كشف الخطة ليست مقنعة بقدر ما كانوا يستطيعون المرواغة و ايصال الرسائل دون الكشف الكامل !

لماذا لم نتعلم من تجارب الماضي ، من حروب دخلناها من موضع استقرار و خرجنا منها في خانة السقوط ، أنسينا صدام كيف جعل العراق بعد التماسك و التعليم و الترف الذي أنجزه و يحسب له ، يسقط في مستنقع الجوع و الدَين ، فهل قهر طهران و انهاها؟ و ماذا جنى من دخول الكويت ؟ و هل ضمّت له أو أصبح العراق مدينا لها لعقود؟

السراب الذي نعيشه سببه احتكاكنا الكبير و العالم الصغير ، نرى جيوش الغرب تغزو و تظلم و نريد أن نصبح مثلها و هذا حق لنا لكن ما دام الخلل داخليا لا نستطيع النجاح في الخارج ، لا نستطيع التقدم في القرن الواحد و العشرين بأفكار من القرن الرابع !

الغاية ليست تحقيق منهج استسلامي ينبطح للظلام ، بقدر ما هي صفعة للتفكير ، ضربة لاعادة الترتيب المنطقي للقرارات ، تحرير وطن أو حل مشكلة لا ينبغي أن تدفع فاتورته منطقة أخرى أو شعب آخر دون تفكير ، و للداخل الفلسطيني الذي يريد التحرر و المقاومة ، كيف ستتحرر فلسطين دون اتحاد للشعب؟ أتحرّر شعب انقسم بوجه المحتل يوما؟

فكرة السابع من اكتوبر هي فكرة سامية للمقاومة و الدفاع عن الارض ، عن الانسان ، عن الحق الذي تشتت في الفكر العالمي ، لكنّ فاتورتها لا يستطيع أحد تخيّلها ، فمن أجل يوم واحد من الفرح و النشوة ، ندفع كل يوم نحيبا من دم ، يوم واحد رفعنا إلى قمة الشعور ، و تدحرجت بنا المشاعر إلى قاع الضمير ، لذلك علينا أن نفكر بأنفسنا كعرب قبل غيرنا.

وللأسف نحن الجلاد و نحن الضحية ، فمن يلمع بين العرب تعلّق له المشانق بتهم مختلفة ، من ازدراء للدين إلى الكذب إلى الفساد إلى التخوين ، فممنوع في بلاد العرب التفكير و محكوم علينا أن نعيش بأثواب اجدادنا لا بل أجداد أجداد أجدادنا ، فعقولهم لم تمت.. علينا تقمّصها لنعيش السراب بثقة كبيرة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :