يفرض واقع الاتجار بالمخدرات وتعاطيها تحديات أمام المجتمع وأجهزة الدولة في آن، وكل حالة تعاطي جديدة تشكل تهديداً جديداً للمجتمع، وتنشأ عنه احتمالات تزايد معدل الجريمة والانحراف، التفكك الأسري والطلاق وغيرها.

المتضررون من هذه الآفة حول العالم بالملايين، وتعد مصدر تهديد رئيسي للشباب، وأرواح الناس على المحك، الاتجار والتعاطي محرّم شرعاً ومُجرّم قانوناً، ويفترض أن لا يخضع لغطاء اجتماعي، وأي جهد على مستوى الأفراد والمؤسسات والحكومات ينبغي أن يتم دعمه، وهذا يجعلنا في اليوم العالمي لمكافحة المخدرات أن نعترف بالدور العظيم الذي تضطلع به الهيئات المختلفة حول العالم لمكافحة هذا " الوباء " المتفشي الذي صار يشكل تحدي جديد أمام الحكومات ويستنزف طاقات وموارد كبيرة ، وهي فرصة لنحيي جهود العيون الساهرة على أمن المجتمع وصحة شبابه، لجميع ضباط وأفراد ادارة مكافحة المخدرات في الأمن العام، وأن نترحم على أرواح شهداء الواجب الذين قايضوا أرواحهم بحماية أرواح غيرهم من أبناء مجتمعنا. وينبغي أن نشير ونعتز بالتطور الذي شهده جهاز الأمن العام في مجال مكافحة المخدرات، تأهيلاً وتدريباً وموارد متطورة في ظروف شاقة وبالغة التهديد لكوادر الجهاز، وادارة مكافحة المخدرات في الأمن العام صارت يعد بيت خبرة عربي ودولي.

لقد استبق الاردن العالم بالتنسيق المؤسسي للحد من تفشي عمليات التهريب والتسويق والترويج، وفي وضع برامج توعوية لمختلف الفئات الاجتماعية وبرامج خاصة لرفع مستوى الوعي لدى الطلبة والشباب ممن هم على مقاعد الدراسة.

تقول معظم الدراسات الاجتماعية أن دور الأسرة تراجع في عملية التنشئة الاجتماعية، بعد أن نازعتها هذه الأدوار مؤسسات اجتماعية موازية، مثل المدرسة والجامعة، والجماعات غير الرسمية كجماعات الأقران، نعتقد أن مصادر التهديد الاجتماعي تتضاعف وتتزايد، ونحتاج لدراسات حول أثر استخدام الوسائط الاجتماعية على انتشار المواد المخدرة.

من التحديات التى تواجه الأردن في هذا المجال تعدد انواع واشكال المخدرات وخاصة المخدرات المصنعة والتي تروج تحت مسميات مغرية بالاضافة الى شيوع التنسيق بين تجار الموت من ضعاف النفوس ممن يفتقدون أدنى مشاعر إنسانية أو ضمير وأدنى إحساس وطني. وأعتقد أن المجتمع يساعدهم في مساعيهم الذميمة لو وفر الغطاء لهم بالتوسط لهم أو الضغط على الجهات الرسمية لثنيها عن تطبيق القانون بحق هؤلاء، وأظن أن مساعدة المجتمع لهؤلاء في الترويج أو التستر على أفعالهم والتواطؤ معهم سيزيد من مخاطر تعرض حياة عشرات من الشباب لتهديد الموت أو الضياع. يجب أن يتم تنفيذ القانون بعيداً عن الضغوطات الاجتماعية وبعيداً عن حالات التعاطف غير المبررة في حالة التجار والمروجين وهذا تهرب من المسؤولية وسلبية ولايجوز تبرير عمل شيطاني يستهدف أبناءنا وموارد وطننا.

تميز وطننا بمنظومة قيمية واجتماعية لا تزال - عموماً - تجرم اجتماعياً الاتجار بالمخدرات وترويجها وتعاطيها، ولا نزال نشهد على انجازات كبيرة تقوم بها ادارة مكافحة المخدرات وهيئات أخرى، نفخر كأردنيين بالمؤسسية والتنظيم والاستراتيجيات التي يتبناها الجهاز بالاضافة الى الجهود الوطنية والأهلية الأخرى، ولن أنس جهود كوادر مركز معالجة الادمان الذي يتعامل مجاناً وبسرية تامة في حالات معالجة المتعاطين، كل هذا التطور تعزز كثيراً خلال العقدين الآخيرين برعاية ملكية سامية.