العين الشرفات ذات يوم مجاملا الديمقراطي مشاكسا للميثاق
د. محمد العزة
25-06-2024 02:24 PM
قبل زمان ليس بالبعيد وقعت عيني على مقالة في موقع عمون الاخبارية الغراء للعين طلال الشرفات رجل القانون والسياسة، وصاحب الخبرة الحزبية والكياسة التي يتمتع فيها انعكاسا لأصالة الموروث البدوي الذي يكسب صاحبه ميزة القدرة على التعبير عن حالته أو وصف مشاعره ليس بالكلمة فقط بل بدلالة الإشارة احيانا، فتصل الرسالة سلبا أو إيجابا، ذما أو مدحا.
وهذا ما أراده العين الشرفات عندما استدار مادحا مشيدا بمناقب اليسار الجديد أو تيار وسط اليسار البرتقالي الممثل بالحزب الديمقراطي الاجتماعي الاردني وقياداته التي أصبغ عليها من نعم الصفات وجزيل العطايا والثنايا ما لا يفعلها إلا حزبي عاشق لهذا التيار أو يعتنق فكره لكن يخشى الارتداد عن عقيدة الآباء والأجداد، وما كانت تلك المقالة التي كانت تحت عنوان " الديمقراطي الاجتماعي واستدارة المرحلة " الا أيضا رسالة في الاتجاه المعاكس وان كانت بصيغة الاسف وقلق لنبؤة سياسية بولادة لون سياسي جديد يختلف في فكره وفلسفته وطرحه وبرامجه عن ما جاء في سيرة الاوائل من اليسار الكلاسيكي القديم والوسط اليميني المحافظ السلطوي التقليدي الذي تربع على السلطة في فترة غياب الأحزاب والممارسة الديمقراطية الكاملة التي فرضتها الظروف السياسية المحيطة بالدولة الأردنية والداخلية.
والذي هو يختلف بطرحه في مناظرته ونديته ليمين الاسلام السياسي بأنه اعتنق وسطية السلوك واعتدال التعامل مع الآخر على قاعدة المشاركة والمنافسة السياسية الحزبية البرامجية ، وليس من باب المناكفة والمغالبة والمصارعة في من يكون له الصوت الاعلى والمفردات الاقوى في الخطاب العدمي الاعمى الذي اجاده اليمين الديني لغة وروحا ، واليمن المحافظ التقليدي مادة وجسدا مستغلا نفوذ سلطته من على سدة إدارة الحكومات.
ولكن اليوم انا بصدد ما التقطه من مقالة الشرفات عن السجال الذي دار بين الرفاق من القيادات في الديمقراطي الاجتماعي كطرفين داخليين وهو طرف ثالث، نتقبل نقده إيمانا بأن مسيرة الديمقراطية السياسية قد تتعرض لبعض الاعتلالات أو المؤثرات فيتراجع أداؤها أو يضعف إنتاجها، وهذا تأكيد ومصادقة من العين الشرفات على أن التيار الثالث هو حقيقة سياسية موجودة بل أصبح ضرورة لمستقبل الدولة الأردنية الهاشمية السياسي بل هو قد يأتي يوما نراه نصيرا أو أساسيا في هذا التيار وخاصة أن الملامح الاولى منذ تأسيسه جاءت بناءا مواكبة للخطاب الملكي السامي وإطلاق منظومة التحديث السياسي والاقتصادي والإداري والرغبة وخاصة بعد فشل ماهو سابق في الحفاظ على الإنجازات وإنتاج الإبتكارات وتحفيز الإبداعات واكتفى ذلك القديم التقليدي بدور تسير الأعمال وتبادل المواقع والأدوار وإعادة التدوير ، وهنا جاءت مقالة الشرفات التي جمعت مابين عيني الديمقراطي الاجتماعي طلال الماضي وبسام حدادين وهما لوجه حزبي واحد وللون سياسي واحد من على المسطرة الحزبية الا وهو وسط اليسار ، لكن اعتقد ان مقالته جاءت كأخر مرافعة دفاعية أو بينة ادعائية.
من باب تسويق الوسط المحافظ التقليدي بالرغم أنه في حقيقة الأمر لو اخضعنا الوسط المحافظ في المئوية الاولى لمقارنته عن ماهو في المئوية الثانية سنجد هناك اختلاف كلي من حيث الأداء والانجاز والانحياز للقضايا الوطنية عنه في الوسط المحافظ في المئوية الثانية ، فكان في الأولى يمتاز بالتعددية السياسية في المرجعية والمنهجية والتشاركية في الإدارة ، و كان هناك المصلحة العامة مقدمة أولوية و البرامج اقرب إلى الاشتراكية والحرص على نوع الخدمات المقدمة للمواطن والتفاعل معه ومع الملفات السياسية الخارجية والسيادية.
اما ما شهده ذلك الوسط التقليدي في الثانية وما اعتراه من نهج المحاصصة وسطوة الليبرال الرأسمالي وتزاوج السلطة مع رأس المال وظهور ما يسمى رجال الديجيتال النيولبرال الذين قدموت الخاص على العام وقاموا بالتضييق على اليسار الوطني الاردني الذي أعاد ترتيب صفوفه وفلسفته ونضج لينبثق عنه يسارا ديمقراطيا مدنيا اجتماعيا وسطيا سياسيا أردنيا برامجيا في حين أهمل ذلك الوسط المحافظ التقليدي ،اليمين الراديكالي الديني ليستغل الاخير حالة انشغال المحافظون الجدد بمصالحهم واهمالهم الملفات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ويشكلوا حالة فراغ سياسي قام التيار الديني السياسي باستغلاله وتعبئة الشارع بأفكاره مما أربك الأداء الحكومي الذي طغى عليه الصبغة الأمنية ومعالجة الآثار الجانبية السلبية للفكر المتطرف الذي استطاع الولوج إلى العقل والوعي الشعبي الذي جنح إلى العاطفة الشعبوبة واوصلنا إلى حالة تراجع في الأداء والخدمات وانتعاش أحوال رجال السلطة والدين على حساب الوطن مع الاعتراف بأن بعض قيادات الاحزاب حتى اليسارية التقليدية دخلت في صيغة توافقات لمكاسب خاصة وترك مواقعها وثوابتها التي كانت تنحاز وتوظيفها خدمة في الدفاع عن قضايا الطبقة الشعبية الفقيرة والوسطى.
آن الأوان لأحزاب وتيارات النمط أو العهد القديم وحرسها بأن يتجاوزوا الخطاب التقليدي المستعلي الذي ينسب كل الإنجازات لوحده والتضحيات ومواجهة التحديات لوحده في إشارة واضحه بأن بقاؤه في السلطة هي من حقه لوحده ينتقد و ينظر ويظهر المثالب والمشاكل مع الاكتفاء بسطحية الطرح في الحلول، عليهم تنويع مصادر ثقافتهم الأدبية السياسية من رواية الإخوة الأعداء كارامازوف والتحول إلى البؤساء وتتبع أحوال الوطن وشعبه وشبابه وترجمة رؤى قيادته الهاشمية وترك أساليب الصراع والكولسات التراتبية في من هو الوصي على مشروع التحديث الوطني السياسي وتسجيله كملكية فكرية خاصة به و ببصمة هوياتية غير قابلة للاندماج والانسجام مع الآخر، آن الأوان أن تظهر الهوية الأردنية الوطنية السياسية الحقيقة الجديدة المراد منها في هذه المرحلة عودة الثقة الشعبية بقياداته الحكومية وهذا مايسعى له التيار وسط اليسار الديمقراطي الاجتماعي المدني بأن يقدم نفسه على أنه المشروع الوطني للتغير وأنه هو مستقبل الدولة الأردنية السياسي على مستوى إدارة السلطات التنفيذية والتشريعية استنادا إلى مباديء وشعارات العدالة الاجتماعية وسيادة القانون والحرية والتضامن ، والمنافسة والمشاركة مع شركاء السياسة على الساحة الأردنية فهل نستطيع ؟ يقيني نعم نستطيع..