الحكومة الأردنية الأطول خدمة، والتي اتسمت بتعديلات وزارية متكررة ووعود كبيرة، تحتاج الى التدقيق في أدائها. فعلى الرغم من ان جلالة الملك عبد الله الثاني قدم فرصاً كبيرة للحكومة لتحويل وعودها إلى أفعال، إلا أن تحقيق تقدم ملموس لا يزال بعيد المنال.كما ان الحكومه قدمت العديد من التطمينات لجلالة الملك والشعب الأردني، إلا أن جهود الحكومة لتحفيز التنمية الاقتصادية تعثرت لا زالت تراوح مكانها. ومن المفارقات أن أحد المجالات التي ازدهرت في عهد هذه الحكومة هو زيادة الهجرة غير الشرعية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، كوسيلة للهرب من البطالة المحلية. فمتى ستقوم الحكومة بواجباتها الدستورية تجاه الأردنيين.
إن رؤية التحديث الاقتصادي الطموحة في الأردن، والتي تم إطلاقها في عام 2023 بهدف خلق مليون فرصة عمل والحد من البطالة، تبدو الآن بمثابة وعد وهمي. وتكشف أحدث الإحصائيات عن واقع قاتم: إذ تتجاوز معدلات البطالة 21%، مما يجبر العديد من الأردنيين، وخاصة الشباب، على العيش على هامش المجتمع. وقد لجأ الآلاف إلى طرق التهريب المحفوفة بالمخاطر وغير القانونية، للهجره إلى الولايات المتحدة بحثًا عن الفرص.
وعدت رؤية التحديث الاقتصادي، بعروضها المصقولة وخططها الشاملة، بالازدهار. وتعهدت الحكومة برعاية الصناعات ذات القيمة العالية، وتحديث قطاعات الخدمات، وجذب الاستثمار الأجنبي. ومع ذلك، بعد مرور عام على تنفيذه، لا يزال التقدم بطيئًا. فالعقبات البيروقراطية تخنق الإبداع، والافتقار إلى الشفافية تؤدي إلى تآكل الثقة، وعدم التركيز بشكل كاف على خلق بيئة صديقة للأعمال. يبقي القطاع الخاص، الذي يعد حيويا لخلق فرص العمل، حذرا ومترددا في الاستثمار دون وجود علامات واضحة على التحسن.
"بناءً على تحليل لتقييم الوضع الأردني بشكل موضوعي وتجنب إصدار أحكام ذاتية، تم تحديد عشرة مؤشرات رئيسية لعام 2023 بناءً على بيانات من أكثر من 25 مؤسسة أكاديمية مرموقة. تحتوي هذه المؤشرات العشرة على أكثر من 400 مؤشر فرعي.
حيث ترسم أحدث المؤشرات صورة شاملة للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في الأردن. وفيما يلي عرض تفصيلي للبيانات المتعلقة بالوضع الاقتصادي:
ففيما يتعلق بالفساد (مؤشر الشفافية): احتل الأردن المركز 63 عالمياً. وعليه، يقع الأردن في النطاق المتوسط على مؤشر مدركات الفساد، حيث تعكس درجة الفساد مستوى معتدلاً من الفساد المدرك.
علاوة على ذلك، وعند النظر إلى المساواة في توزيع الدخل: فالترتيب العالمي للمملكة هو: 104. وبالتالي، تكشف البيانات عن مستوى عالٍ من عدم المساواة في الدخل، مع بقاء توزيع الثروة غير متساوٍ بين السكان.
واما نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي: وهي مؤشر آخر حيث يحتل الأردن المرتبة العالمية: 27. وعليه، تشير نسبة الدين المرتفعة إلى الناتج المحلي الإجمالي في البلاد إلى وجود عبء دين عام كبير، مما يثير المخاوف بشأن الاستقرار الاقتصادي على المدى الطويل.
وفيما يتعلق بالإنفاق على البحث العلمي (% من الناتج المحلي الإجمالي): احتلت المملكة المرتبة عالمياً: 71. ويمكن ملاحظة أن الاستثمار في البحث العلمي ضئيل، مما يشير إلى الحاجة إلى التركيز بشكل أكبر على الابتكار والتطوير.
إن الخسائر البشرية الناجمة عن هذا الركود الاقتصادي واضحة. ولم يعد أمام الشباب الأردني، الذي يعاني من ارتفاع معدلات البطالة ومستقبل غامض، سوى خيارات محدودة. إن الرحلة الخطيرة إلى مستقبل مجهول في أرض أجنبية، مليئة بالمخاطر والاستغلال، تؤكد فشل الحكومة في توفير الأمل والفرص في الداخل.
الشعب الأردني يستحق الأفضل. إنهم يستحقون حكومة تفي بوعودها، وترعى اقتصاداً ديناميكياً يخلق الفرص للجميع، وتحمي مواطنيها، سواء في الداخل أو الخارج. عندها فقط يمكن أن يصبح الحلم الأردني حقيقة للجميع، وليس مجرد وهم يتلألأ في حرارة الصحراء.
وفي الختام، فإن الركود الاقتصادي في الأردن هو بمثابة قنبلة موقوتة. فمعالجة البطالة المرتفعة وإنشاء سوق عمل أكثر ديناميكية أمر بالغ الأهمية لتحقيق الاستقرار الاجتماعي. ويجب على الحكومة أيضًا الاستعداد للتأثير المحتمل لعودة الموظفين العموميين من خلال سياسات إعادة إدماج محددة جيدًا. ومن خلال التركيز على الحلول طويلة المدى والإدارة الاستباقية، يستطيع الأردن التغلب على هذه التحديات وبناء مستقبل أكثر ازدهارًا واستقرارًا لمواطنيه.