مأساة الحجاج .. مسؤولية جماعية!
محمد حسن التل
23-06-2024 05:12 PM
ما حدث للحجاج الأردنيين هذا العام الذين سموا "بغير النظاميين" من مآسي ذهبت بأرواح الكثيرين منهم ، يدعو علماء الفقه إلى إعادة تفسير مفهوم فريضة الحج عند الناس، وأن الله عز وجل عندما جعلها من أركان الإسلام وضع لها قاعدة اسثنائية عندما قال "لمن استطاع إليه سبيلا"، لأنه يعلم عز وجل أن هذه الفريضة ليست كغيرها من الفرائض لما لها من قواعد والتزامات، لا يستطيع كل مسلم القيام بها، فهناك المرض وهناك ضيق ذات اليد وهناك بعد المسافة ومشقتها.. إضافة إلى أن في هذا العصر باتت قوانين وأنظمة لكل دولة بخصوص حجيجها، إضافة إلى القوانين والأنظمة والتعليمات التي تضعها السعودية لضبط عملية تنظيم الحج في المناسك وتسهيل خدمتهم بما يليق بهذا الركن من أركان الإسلام وبما يليق بضيوف الرحمن.
كل ما حدث بموسم الحج هذا العام يضع الجميع من ذوي الاختصاص في العلم الشرعي أمام مسؤولياتهم لإعادة تدوير إفهام الناس وإقناعهم بأن من لا يستطيع الحج لأسباب مختلفة ليس عليه حرج من الله تعالى، ولا هو بتقاعس يحاسب عليه ، وأن قاعدة "لا ضرر ولا ضرار" يجب أن تكون حاضرة في ذهن كل من يتمنى الحج، وأن إيذاء النفس من أجل تأدية فريضة الحج عليها إشارة استفهام في الشرع، حيث لم يرد الله عز وجل من هذا الركن أن يقوم الإنسان بإيذاء نفسه، لذلك قال رحمة بالناس "لمن استطاع إليه سبيل" وجعل إيذاء النفس من المحرمات.
هذا من الناحية الشرعية، أما الحديث عما وقع من حالات احتيال على الناس من خلال إيهامهم من قبل البعض بأنهم يستطيعون الحج خارج القوانين والأنظمة والتعليمات وهؤلاء امتداد لمجموعات اعتادت الاحتيال على الناس ليس فقط بما يخص الحج، بل في أمور كثيرة تتعلق بالسياحة، وهناك مئات الحالات التي أوقع هؤلاء بها الناس لذا لا بد من فتح هذا الملف والبحث في صفحاته السوداء ومحاصرة أصحابه ومعاقبتهم على ما قاموا به خصوصا في موضوع الحج ليكون هذا الموقف بالذات دافع كبير لردعهم وإغلاق الملف بشكل كامل لحماية الأردنيين، ولا يكتفى فقط بالغرامات، بل إنزال أشد العقوبات الرادعة لهم ولغيرهم لأن أموال وأرواح الناس ليست رخيصة عند أصحابها ..
ربما كان الوضع المالي الصعب الذي جعل البعض من المواطنين يستهوون ما عرض عليهم احتيالا أنهم يستطيعون القيام بالفريضة خارج القانون والنظام، مع العلم أن التكلفة التي تحملها هؤلاء الضحايا تزيد عن الرسوم الرسمية للحج، لا شيء يبرر للناس إيذاء أنفسهم وتعريضها للأذى ، ولكن ربما رغبة الناس الشديدة في الحج جعلت هؤلاء لا يخطر على بالهم ماذا سيواجهون من أخطار تودي بحياتهم كما رأينا من مآسي خلال الأيام الماضية، ولم يستوعبوا أن السلطات السعودية كانت جادة هذا العام بتنفيذ شعار" لا حج بدون تصريح " نتيجة دقة عمليات الاحتيال وإقناع الذين تعرضوا لها من قبل المسؤولين عن هذه الكارثة التي آلمتنا جميعا.
من هنا لا بد من العقوبة الصارمة كما أشرت، والأهم من ذلك، التأكيد على علماء الشريعة أن عليهم واجبا ولزاما إعادة شرح مفهوم الحج والغاية منه للناس، وفي نهاية الحديث، يجب التأكيد على جميع الجهات ذات العلاقة بهذا الموضوع بهذه المأساة تحمل مسؤولياتها إزاء ما حدث وتحديد الأسباب التي سهلت للبعض القيام بالإحتيال على الناس، مع العلم أن ما وقع في الأردن وقع في دول عديدة هذا العام...