حماس مدعوة لتجديد الفكر والانخراط في الشرعية الفلسطينية
م. وائل سامي السماعين
23-06-2024 12:02 PM
في إحدى المناسبات، سألني شاب من الذين كانوا يعملون معي، وهو بالمناسبة لا يتجاوز العقد الثاني من عمره، وكان سؤاله عن القوة التي تُحدث التغيير في المجتمعات وتؤدي إلى ازدهارها وتقدمها، كان جوابي بالنسبة له مفاجأة، حيث أخبرته أن الفكر المتجدد لدى الإنسان هو القوة التي تُحدث التغيير للأفضل، وهي القوة التي يمكنني وصفها بالسلاح ذو الحدين، فإذا كنت ممن يمتلكون قابلية الفكر المتجدد، إذن أنت قادر على الإبداع وتحقيق النجاح على الصعيد الشخصي أو على صعيد المجتمع، وإذا لم تمتلك هذا الفكر المتجدد، فستبقى قابعًا في مكانك سر، بينما الآخرون يتقدمون في جميع المجالات، وبالتالي ستنهزم تلقائيًا وتبقى في ذيل القافلة.
طلب مني أن أعطيه مثالًا على ذلك، أخبرته أن هناك العديد من القصص من الماضي والحاضر التي تؤكد ذلك، ومنها شركة نوكيا التي سيطرت على السوق العالمي في مجال الهواتف المحمولة ثم تهاوت أمام المنافسة بسبب عدم القدرة على المنافسة، نوكيا فقدت سيطرتها على السوق العالمي للهواتف في غضون سنوات قصيرة بعد أن كانت تتربع على عرش السوق العالمي للهواتف المحمولة قبل بضعة سنين. فقد كانت نوكيا رائدة في صناعة الهواتف المحمولة وكانت تمتلك حصة سوقية كبيرة، ولكن عندما بدأت الشركات الأخرى بتقديم هواتف ذكية بتقنيات أحدث ونظم تشغيل متطورة، لم تستطع نوكيا التكيف بسرعة مع التغيرات المتسارعة في السوق، هذا التأخر في تبني الابتكار والتكنولوجيا الحديثة أدى إلى فقدانها للريادة وخسارتها لجزء كبير من حصتها السوقية، كما يمكننا أن نستشهد بقصة شركة كوداك التي كانت رائدة في مجال التصوير الفوتوغرافي لكنها لم تتكيف مع التحول الرقمي بالسرعة الكافية، مما أدى إلى تراجعها بشكل كبير أمام الشركات التي تبنت التصوير الرقمي مبكرًا.
من هنا يتضح أن الفكر التقليدي وعدم القدرة على التجدد يعيق التقدم والتغيير، بينما الفكر المتجدد والقدرة على التكيف مع المتغيرات تفتح آفاقًا جديدة للنجاح والازدهار، فالعبرة هنا أن التجديد والابتكار هما مفتاح التقدم في أي مجال، سواء كان على الصعيد الفردي أو المجتمعي.
واما بالنسبة لحركة حماس فانها تواجه تحديات كبيرة في تبني فكر تجديدي شامل بسبب ايديولوجيتها الاساسية الدينية الثابتة والضغوط الاقايمية والدولية والداخلية، حيث تُصنَّف حماس كمنظمة إرهابية من قبل العديد من الدول الغربية، مما يحد من قدرتها على إقامة علاقات دبلوماسية رسمية والتعاون الدولي، هذا التصنيف يعيق الحصول على دعم سياسي واقتصادي دولي ويساهم في زيادة العزلة الدبلوماسية، وتحقيق فكر تجديدي كامل يتطلب من حماس التكيف بشكل أكبر مع المتغيرات السياسية والاجتماعية على المستويين المحلي والدولي، وقد زاد الطين بلة الانقسام الداخلي بين حماس وفتح منذ عام 2007 مما أدى إلى تشكيل حكومتين منفصلتين في غزة والضفة الغربية، وهذا الانقسام يقلل من القدرة على تبني سياسات مشتركة ويعقد الجهود المبذولة لتوحيد الصف الفلسطيني، وبالتالي على اقامة الدولة الفلسطينية.
حركة حماس مطالبة أكثر من أي وقت مضى بتجديد فكرها والانخراط تحت مظلة الشرعية الفلسطينية، ممثلة في منظمة التحرير الفلسطينية والمعترف بها دولياً كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، هذا النهج يمكن أن يعزز من فرص حماس في الاستمرارية، ويزيد من قدرتها على تحقيق اهدافها الوطنية بشكل اكثر فعالية.
وتحقيق هذا الهدف يتطلب تبني سياسات تجديدية وإصلاحية تتماشى مع التغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية على الصعيدين المحلي والدولي، مما يساهم في تحقيق التقدم والاستقرار للشعب الفلسطيني وتحقيق التطلعات الوطنية للشعب الفلسطيني وتعزيز فرص السلام والاستقرار في المنطقة من اجل اقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية بجانب دولة اسرائيل المعترف بها دوليا منذ عام 1948 .