اكتشاف الأجهزة الامنية لكميات كبيرة من المواد المتفجرة في ماركا الجنوبية لاستخدامها في عمليات تخريبية في الأردن لزعزعة الاستقرار ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، فمكافحة الإرهاب تعد واحدة من أبرز التحديات التي تواجهها الدول في العصر الحديث ويُعتبر الأردن من الدول التي عانت من تهديدات إرهابية متكررة بسبب موقعه الجغرافي الاستراتيجي في قلب منطقة الشرق الأوسط الملتهبة ومع ذلك، استطاع الأردن تحقيق نجاحات ملموسة في التصدي لهذه التهديدات بفضل استراتيجية شاملة تجمع بين الأبعاد الأمنية والعسكرية والاجتماعية والدبلوماسية.
تبنى الأردن مقاربة أمنية صارمة لمكافحة الإرهاب، تعتمد على تعزيز قدرات أجهزته الأمنية والعسكرية، حيث عملت القوات المسلحة الأردنية وجهاز المخابرات العامة بتنسيق وثيق للتصدي للتهديدات الإرهابية المحتملة، تمثلت في تنفيذ عمليات استباقية ضد الخلايا الإرهابية كما يعتمد الأردن بشكل كبير على التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب، من خلال تبادل المعلومات الاستخباراتية والتنسيق مع الدول الحليفة، ويعد الأردن عضوًا نشطًا في التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش"، مما يساعد في تعزيز قدراته على مواجهة التهديدات العابرة للحدود ويدرك الأردن أن التصدي للإرهاب ليس مجرد مسألة أمنية، بل يتطلب معالجة الجذور الاجتماعية والثقافية للتطرف، لذا أطلق عدة مبادرات تهدف إلى تعزيز الفكر المعتدل ومحاربة الفكر المتطرف، مثل "رسالة عمان" التي صدرت عام 2004. بالإضافة إلى ذلك، اتخذ الأردن خطوات جادة لتعزيز الإطار القانوني لمكافحة الإرهاب بإصدار قانون مكافحة الإرهاب لعام 2006، والذي تم تعديله عدة مرات ليواكب التغيرات والتحديات الجديدة، وينص على عقوبات مشددة للأفراد والجماعات المتورطين في أعمال إرهابية وتُشجع الحكومة الأردنية المواطنين على التعاون والإبلاغ عن أي أنشطة مشبوهة، مما يساهم في تعزيز الأمن والاستقرار. على الرغم من النجاحات التي حققها الأردن في التصدي للإرهاب، إلا أن التحديات لا تزال قائمة بسبب الصراعات المحيطة وزيادة احتمال تسلل العناصر الإرهابية، بالإضافة إلى تحديات البطالة والفقر.
نجح الأردن في بناء استراتيجية شاملة ومتعددة الأبعاد للتصدي للإرهاب، بفضل الجهود المتضافرة للأجهزة الأمنية والعسكرية، والتعاون الدولي، والمبادرات الاجتماعية والثقافية، مما يجعله نموذجًا يحتذى به في منطقة الشرق الأوسط في كيفية التصدي للإرهاب بطريقة فعالة ومستدامة.
بكل هذا وذاك، سيظل الأردن شامخًا، عزيزًا، منيعًا، بفضل همة أبنائه الأوفياء، وجيشه العربي المصطفوي، وأجهزته الأمنية الساهرة، وفرسان الحق.
حفظ الله الوطن من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وحفظ من حمل أمانة الحكم الرشيد، جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، وأدام علينا نعمة الأمن والأمان، ورد كيد الخائنين الكائدين في نحورهم.