حقوق الإنسان واعتصام الداخلية
د. فهد الفانك
22-04-2011 04:39 AM
البيان الذي أصدره المركز الوطني لحقوق الإنسان حول فض الاعتصام في دوار الداخلية ، نشر في 20/4/2011 على الصفحة الأولى في إحدى الصحف تحت العنوان التالي: حقـوق الإنسان يقول التدخل الأمني ساهم في حقـن الدماء. وفي صحيفة أخرى على الصفحة الأولى أيضاً تحت العنوان التالي: الوطني لحقوق الإنسان يحـّمل الأمن والدرك مسؤولية فض اعتصام الداخلية.
قـد يظن قارئ الصحيفتين أن هناك مركزين لحقوق الإنسان في الأردن ، أو أن المركز الوطني أصدر بيانين متناقضين ، ولكن الحقيقـة أنه أصدر بياناً واحداً ، هو المرجع الوحيد للخبرين. والأغرب من ذلك أن الخبرين صحيحان تماماً ، فالمركز الذي أدان فض الاعتصام بالقـوة ، اعترف بأن ما قامت به قوات الأمن أسـهم في حقن الدماء ، أي أنه ذم عمليـة التدخل الأمني وامتدح نتائجها وترك للقارئ أن ينتقي الاتجاه الذي يعجبـه.
المركز أعطى كل اجتهـاد فرصته لأن يختار الجزئية التي تناسـبه من البيان ، مما يجعله يبـدو متوازناً ، فلا هو ضد الاعتصام في ميـدان عام وعقـدة مواصلات ، ولا هو ضد العمل على حقـن الدماء.
بعبارة أخرى يمكن أن يفهـم من بيان المركز أن الاعتصام من الأهمية بحيث كان يجب على الأمن والدرك أن لا يفضوه ولو أدى ذلك إلى سـيل من الدماء ، وإن حقـن الدماء من الأهمية بحيث كان على الأمن والدرك أن يفضوا الاعتصام بالقوة ، طالما أن عدم التدخـل قد يعني خسائر في الأرواح.
الإعلام انتقاء ، والعناوين مهمة لأن بعض القراء يكتفـون بها ، وللرأي مكان آخر بعيداً عن الخبر وعنوانـه.
وهنا نلاحـظ أن المركز الوطني لحقـوق الإنسان هيئة حكومية رسمية ، يتم تعيين وإقالة رئيسـها وجميع المسؤولين فيها من قبل الحكومة ، مع أن منظمات حقوق الإنسان يقصـد بها التصدي لتعسف الحكومات وتجاوزاتها لحقوق الإنسان ، مما لا ينسـجم مع الصفة الحكومية.
هـذا الوضع فرض على المركز أن يؤكـد استقلاليته عن الجهة التي عينته وتدفع رواتب العاملين فيه عن طريق توجيـه النقد للحكومة حتى لو كانت تسعى لحقـن الدماء ، وبخلاف ذلك يكون المركز معرضاً للاتهام بأنه ينطـق بلسان الحكومة.
(الرأي)