خزانة العائلة كانت خاوية من الملابس ،باستثناء تلك الاشياء الرثة التي تصدقت بها امرأة ميسورة الحال لجارتها الفقيرة .و"نملية" العائلة ايضا كانت شبه فارغة من الاطعمة ،حتى العدس الذي كان بالامس على مائدة الفقراء ،صار اليوم "عدس برغر " وتحول الى مادة نادرة تنظم الى موائد من يملك الثمن .
وعلى الرغم من المحاولات الحثيثة التي تبذلها فئات اجتماعية ينسحب عليها اصطلاح "محدودية الدخل " واخرى "عدمية الدخل" لملء الخزانة ، وتوفير اطعمة غير ان الفشل كان نصيبهم في كل مرة ،مما دفع بابناء تلك الشرائح الاجتماعية من فئة الشباب الى التململ ،والحوقلة والعد للعشرة قبل ان يفكروا باي شيء ..اي شيء قد يحول حلمهم الى رماد ، وصبرهم الى "نكتة " يرددها المنتمون الى اندية السماجة والسذاجة ممن اوصلوا الناس الى هذا الحد من "الحيرة" .
السياسة بكل تفرعاتها ،وبكل "جهابذتها" لم تجد حتى هذه اللحظة الحلول المناسبة ولو بالحد الادنى من تطلعات الشباب ،وتعيد اليهم الحلم المفقود في المشاركة والبناء وتحمل المسؤوليات تجاه ذاتهم عبر حلول ناجعة تقدمها الدولة لهم ، ولم تستثمر الدولة على نحو افضل رغبات الشباب وطاقاتهم الابداعية والعملية ،لتكون مساندا ومساعدا لهم ،ولها ـ اي الدولة ـ .
ان تفكيك دوائر الفراغ القاتل المحيطة بالشباب المنتج ،و"المعطّل عن العمل" لا يقع ضمن مربعات المستحيل ..ما نحتاجه كدولة هو استكمال البناء البشري الشبابي ضمن رؤية مؤسسية وممأسسة لا تندرج في باب "الفزعات" ولا الواسطات ، ولا التوصيات او هواتف منتصف الليل ..نحتاج الى خطط ثلاثية وخمسية وعشرية حتى يتم معالجة قضية "المعطليّن عن العمل" من حملة الشهادات الجامعية الذين يئنون تحت وطأة الاحلام الضاغطة ،والامل المشروع في بناء ذاتهم وتحقيق احلامهم .
ممنوعون من الامل ، الشباب يعتقدون ذلك ، ويتصورون "فارسة احلامهم" في فنجان قهوة الصباح ، ويزرعون بيتهم /شقتهم في مخيلتهم ،ويتخيلون وظيفتهم المنتظرة منذ سنوات كما لو انها صيحة تجيء من خلف سور عالي ..ثم ينتفضون بسؤال كبير :"من يفكر فينا نحن المنسيين".؟!
المنسيون منذ سنوات ، يستنهضون همتهم اليوم ،بعد صبر طويل ،وليل اطول امضوه بمحاكاة الامل والغد الات ، ويستجمعون ارادتهم من اجل حياة فضلى ،ويستذكرون بشكل جماعي "ايام الدراسة" واحلام صاغوها قبل التخرج وما زالت تحتفظ بطزاجتها الى الان ، وتنتظر التنفيذ.
لنعترف ان السياسة الرخوة للحكومات المتعاقبة ،وفشل السياسات الاقتصادية هما المسؤلان رقم واحد عما نحن فيه الان ..فهل نبدأ بالانتباه لجيل ما زال يمسك بطرف الحلم ،ام سندخل مرحلة انتظار اخرى غير محمودة العواقب .!
adnandyab@yahoo.com