جردة حساب مع السيناتور الاميركي ريتشارد بلاك في سوريا
السفير الدكتور موفق العجلوني
18-06-2024 03:00 PM
استوقفني حقيقة حديث للسيناتورالاميركي ريتشارد بلاك عن ولاية فرجينيا قبل ٣ سنوات، و هو ضابط سابق برتبة كولونيل و كان أحد الطيارين الأمريكيين في حرب فيتنام، قال في مؤتمر معهد شيللر العالمي في الولايات المتحدة: هكذا دعمنا الإرهابيين القتلة وجوّعنا السوريين، و ان الولايات المتحدة الأميركية هي المسؤولة عن المأساة السورية.
ما دعاني للكتابة حول حديث السناتور بلاك، هو ما يجري الان في قطاع غزة وفلسطين من دعم كامل متكامل من الولايات المتحدة بالمال والسلاح والمشاركة الفعلية على ارض المعركة جنباً الى جنب مع القوات الاسرائيلية. و بالتالي ما أشار الية السيناتور بلاك ماذا عملت الولايات المتحدة في سوريا و العراق و ليبيا ، و، و، و، ليس بغريب ما تقوم به مع إسرائيل ( إيد بئيد و رجل على رجل ) في عدوانها على قطاع غزة .
يضيف السيناتور بلاك: أنا كولونيل متقاعد خدم بالزي العسكري لمدة 32 عاما. دعوني أقول إنني أشعر بالذهول من فاحشة العدوان الأمريكي على سوريا. بأي حق نستولي على سفن الدول الأخرى في أعالي البحار؟ تقول القاعدة القانونية الدولية أن القيام بذلك هو (عمل من أعمال إعلان الحرب). ما هي القواعد التي تسمح لنا بفرض حصار بحري على سوريا وإيران وفنزويلا؟ أليست هذه أعمال حرب؟ لقد غزونا دولًا ذات سيادة مثل صربيا والعراق وليبيا واليمن وسوريا، وتركناها جميعًا أنقاض مشتعلة. قلة من الأمريكيين يمكنهم حتى احصاء وتسمية كل حروبنا: صربيا والعراق وليبيا وسوريا واليمن والصومال وأوكرانيا، لم يهاجمنا أي منهم، بل نحن هاجمناهم جميعًا.
ويواصل السيناتور بلاك حديثة: دعونا نلقي نظرة على حالة سوريا. تذكروا ما كانت سوريا ذات يوم، كان لسوريا اقتصاد متوازن بشكل جيد: فقد أنتجت معظم سلعها الصناعية ووقودها ومنتجاتها الزراعية، كانت تعاني من القليل فقط من الفقر وتتمتع بتجارة مزدهرة، كانت دولة تتحمل مسؤولية التنمية الاقتصادية.
استمرت طيلة أربعين عاما الحرب مع “إسرائيل”، والدستور الذي تمت صياغته في عهد الرئيس بشار الأسد يضمن حقوقًا متساوية للمرأة، والأهم من ذلك أنه يضمن الحرية الدينية في ثلاثة أجزاء مختلفة من النص لقد قرأته. لقد تعلمنا أن نكره الرئيس بشار الأسد لأنه اتخذ إجراءات صارمة ضد مثيري الشغب في عام 2011 ويقولون إنه " قتل شعبه بالغاز"، لكن هذا ليس صحيحًا. هذه مجرد حجج لأننا قررنا مهاجمة سوريا قبل ذلك التاريخ بعشر سنوات.
يضيف السيناتور بلاك: في عام 2001، أمر وزير الدفاع دونالد رامسفيلد البنتاغون بصياغة خطط للإطاحة بسبع دول في الشرق الأوسط، بدءًا من العراق، ثم سوريا، ثم لبنان، وليبيا، والصومال، والسودان، وانتهاءً بإيران. لم تعتدي أي دولة من هذه الدول على الولايات المتحدة.
حديث السيناتور بلاك يذكرني بحديث أحد امراء كلية دفاع النيو NATO في روما عام ٢٠٠٤، حيث قال لي ونحن على طاولة الغداء في الكلية: ان التاريخ سوف يلعن ٣ قيادات كان لها السبب الرئيس في مأساة العراق وهم: رامز فيلد، وجورج بوش، وتوني بلير. وأفهم من سياق حديث السيناتور: هنالك اخرون يجب اضافتهم الى قائمة الملعونين في التاريخ.
ويضيف السيناتور: في عام 2006، وضعت السفارة الأمريكية في دمشق خططًا مفصلة لزعزعة استقرار سوريا والإطاحة بها، تم نشرها على نطاق واسع في البنتاغون ، وأرسلت إلى النيتو NATO، وانتشرت على نطاق واسع اخبار هذه الخطط المحددة لزعزعة استقرار سوريا والإطاحة بها، وكان ذلك قبل وقت طويل من حدوث المظاهرات في سوريا.
بالمناسبة، و من خلال عملي في عدة سفارات كدبلوماسي و سفير لبلدي الأردن كانت مهمتي و مهمة كافة الزملاء في كافة سفاراتنا في الخارج هو تعزيز العلاقات الثنائية و عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول و العمل على تعزير الجوانب الأمنية و ليس زعزعة استقلال الدول.
وأضاف السيناتور بلاك في كلمته التي نقلتها وسائل إعلامية: في مارس 2011، هاجمت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا ليبيا وأطاحت بها، وأعدمت بوحشية العقيد القذافي ثم سلمت الولايات المتحدة السيطرة على مطار ليبي إلى الأتراك، الذين استخدموه لنقل أسلحة متطورة نُهبت من ليبيا، وأرسلوها في النهاية لتزويد الإرهابيين الذين كانوا يجندون في سوريا.
في عام 2011، أيضًا، خلال الربيع العربي، أرسل مركز الأنشطة الخاصة لوكالة المخابرات المركزية شديد السرية فرقًا شبه عسكرية إلى الأراضي الخاضعة لسيادة سوريا، لتحديد وتدريب وتجهيز وقيادة الإرهابيين للإطاحة بالحكومة السورية.
في عام 2013، قام باراك أوباما بإضفاء الطابع الرسمي على دعمنا الطويل الأمد للإرهابيين المناهضين لسوريا، من خلال التصريح سرًا لبرنامج CIA Timber Sycamore، وقام قسم العمليات الخاصة في وكالة المخابرات المركزية بتدريب وتسليح ودفع آلاف الإرهابيين للقتال ضد سوريا. كانت تلك الجيوش الارهابية تحت سيطرتنا تمامًا. وفي إحدى الحالات، مجموعة في حلب، دفعنا رواتب أكثر من ألف من أفرادها، وقدمنا لهم السلاح، وقدمنا لهم التدريب، لكن حصل امر ما عندما اختطفوا صبيًا فلسطينيًا صغيرًا، كان يعالج في المستشفى، قاموا باختطافه واقتادوه إلى الساحة المركزية في حلب ومن أجل ترويع الناس حتى لا يفروا من حلب التي كانت تطوقها القوات السورية، أخذوه إلى المركز في شاحنة صغيرة وأمسكوا بالصغير من شعره ، أخذوا سكينًا وقطعوا رأسه ! ثم عرضوه! رفعوا رأسه ولوحوا به أمام الناس كتحذير : " لا تهربوا من حلب ". لقد دفعنا رواتب كل رجل قطع ورفع رأس ذلك الصبي عالياً . أعطيناهم أسلحة، أعطيناهم شاحنات، وأعطيناهم كل ما يحتاجون إليه.
والسؤال الذي يطرحه السيناتورالاميركي ريتشارد بلاك، اين تسير الولايات المتحدة مع العالم وهي تدعي صاحبة حقوق الانسان والبلد الديمقراطي من الدرجة الأولى، وتتمتع بأكبر حلفاء لها في العالم هم الدول العربية والدول الإسلامية.
وخلاصة حديثي في ضوء ما تقدم ليس لي الا ان اضيف انني ايضاً اشعر بالذهول، وخاصة ان الحليف الأكبر والصديق الأقرب الى الدول العربية هي الولايات المتحدة الأميركية. واعتقد جازماً أن كل مواطن عربي ومسلم وانسان وخاصة في سوريا والعراق يشعر بالذهول ويردد ما تفضل به السيناتور بلاك:
أنا كولونيل متقاعد خدم بالزي العسكري الأميركي لمدة 32 عاما. دعوني أقول إنني أشعر بالذهول من فاحشة العدوان الأمريكي على سوريا. بأي حق نستولي على سفن الدول الأخرى في أعالي البحار؟ تقول القاعدة القانونية الدولية أن القيام بذلك هو (عمل من أعمال إعلان الحرب). ما هي القواعد التي تسمح لنا بفرض حصار بحري على سوريا وإيران وفنزويلا؟ أليست هذه أعمال حرب؟ لقد غزونا دولًا ذات سيادة مثل صربيا والعراق وليبيا واليمن وسوريا، وتركناها جميعًا أنقاض مشتعلة. قلة من الأمريكيين يمكنهم حتى احصاء وتسمية كل حروبنا: صربيا والعراق وليبيا وسوريا واليمن والصومال وأوكرانيا، لم يهاجمنا أي منهم، بل نحن هاجمناهم جميعًا.
* المدير العام/ مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية