اختطاف المخيمات في الأردن
ماهر ابو طير
21-04-2011 07:17 AM
المخيمات في الأردن ، ليست ورقة للمساومة أو العبث بيد أي قوة سياسية،والقوى التي تريد ان ُتعشش في المخيمات،عليها ان تتقي الله في هؤلاء الناس، وفي حياتهم.
أحد أبرز الأخطاء التاريخية ان المخيمات تم تركها للقوى التي ترفع شعارات سياسية وعاطفية، للتحشيد في المخيمات،وسرقة الفراغ، باعتبارها "غيتو سكاني" تابعا لهذا الحزب الأردني، أو ذاك التنظيم الفلسطيني.
كان الأصل ان تدعم الدولة طوال سنوات شخصيات معتدلة من داخل المخيمات وخارجها،لتصبح السيادة بين الناس في هذا المخيم او ذاك لهذه الشخصيات المستقلة،من الطبيب الذي يفتتح عيادة فيتم دعمه،الى الناشط في العمل الخيري.
لدينا أنموذج لشخصية أردنية مستقلة من عشيرة معروفة، لها مكانتها الرفيعة في مخيم البقعة، وقد حوربت على يد مسؤول سابق،فتم اسقاطها في الانتخابات،بدلا من جعله صوتاً للمخيم،وقد وصل بدلا منه في انتخابات سابقة، شخص حزبي له برنامجه!.
وكأن المقصود حشر المخيم احياناً في زاوية انه خطير، وانه معزول، ويعيش في عالم آخر، ولايقبل احداً،وانه موقع طبيعي لمعاندة الدولة او معاداتها، وان المخيم الجيد هو المخيم السيىء!!.
رئيس الوزراء زار مخيم البقعة،وأهل البقعة أصدروا بياناً ضد قدوم السلفيين الجهاديين من خارج المخيم،للاعتصام في المخيم،والمخيم نقطة حساسة سياسياً وأمنياً واجتماعياً لاعتبارات كثيرة.
حساسة لان رد فعل الحكومة سيكون قابلا للتفسيرات لو حدثت مواجهات،ولان رد فعل الناس الغاضبين سيكون قابلا للتأويل باعتبار ان للحكومة "بلطجية" في المخيم سيتم توظيفهم ضد الاعتصام،وحساسة لان السلفيين اختاروا خاصرة حساسة لاعتصامهم.
الغضب يسود مخيم البقعة،لانهم يشعرون ان السلفيين الجهاديين يريدون نقل معركة الثأر من الحكومة الى منطقة معّقدة بحساباتها، ولو تم الاعتداء من مجهول على شرطي،او جرح احدهم،فسيتم الايقاع بالمخيم في بؤرة اتهام كبير.
هذا على الرغم من ان المخيم ليس له علاقة اساساً بالسلفية الجهادية،وحساسيتهم تأتي لانهم يتخوفون من حدوث معركة فيتطاير الرصاص لاسمح الله، أو القنابل المسيلة للدموع،او بأي شكل في مكان عيشهم،فلا يمكن لحظتها فك التشابكات.
عندها سيصبح المخيم متهماً،او مجروراً الى خديعة كبرى مفادها ان بعض ابناء المخيم شاركوا في الاعتصام،او استغلوا الاعتصام لتمرير فوضى،وهم يجهدون لتثبيت مبدأ الولاء وانهم جزء أصيل من المملكة،ومصلحتهم في الامن والاستقرار.
لاتتم قراءة قصة المخيمات او مخيم البقعة،من باب انها حالات اجتماعية خاصة لاتحتمل أي عنوان سياسي،هي ذات القصة التي تستفز اي اردني حين تتم محاولة جر الكرك او الطفيلة،عجلون واربد،السلط والزرقاء،الى اي فوضى.
اهل المخيمات،باتوا الاكثر اقبالا على الدولة،لانها تعني لهم الاستقرار والامن،والحياة الكريمة،والعرض المصان،والحقوق المتاحة حتى بالنقص في بعض جوانبها،كذات حال قرى نائية،وبوادي ومناطق تعاني ايضاً من نقص في حقوقها الاجتماعية والاقتصادية.
المخيمات، ليست خارج المدار، وهي في عز مواطنتها، لا تفرط بحق العودة، و تشعر اليوم بحذر شديد من استثمارها من جانب اي شخص او تنظيم او شلة، لانهم يقولون بصوت مرتفع ان الحبل السري بينهم وبين الدولة وهذا البلد،حي لا يموت.
منع اعتصام السلفيين الجهاديين في المخيم،وفي اي موقع آخر في البلد،واجب ملقى على المؤسسة الرسمية،التي يجب ان تضع حداً لكل هذا الفلتان الذي بات يدمر البلد وسمعته واقتصاده واستقراره.
شعبنا. كل شعبنا. بملايينه الستة تعب بشدة من السموم التي يتم دسها عبر العصب العام،واهل المخيمات تعبوا من اختطاف "المخيم" من جانب نفر محدود،لبيعهم بالقطعة والمفرق،في دكاكين السياسة المحلية والاقليمية،والدولية ايضاً.
الدستور