يحكى ان شخصاً عقد العزم لزبارة اخته التي تقطن في مدينة أخرى.. وقبل ان يستقل الباص من مدينته.. ذهب الى السوق ليشتري بعضا من الفاكهة.. حتى لا يدخل بيت اخته خالي "فاضي" اليدين.. فوجد ان الأسعار مرتفعة.. فعدل عن الشراء.. واستقل الباص..
وما هي الا ساعتين واذا به يطرق باب بيت اخته..
ففتحت له الباب وهي باشتياق له.. واذا بأولادها وزوجها يأتون إليه فرحين بقدومه..
وبعد جلوسه ولقطه لأنفاسه.. قال لإخته.. صدِّقي يا اختي قبل لا أجي.. مريت على السوق اجيب شوية فواكه مشكلة.. وحسيت انها ما رح تزبط اطلعها بالباص وامشي ساعتين زمان.. وفي اثناء وصفه وحديثه.. كان الاولاد يسرحون بمخيلاتهم في الاصناف التي يتحدث عنها..
فما كان من اخته وزوجها إلا وأجاباه.. لا يا رجل.. شو احنا مش اغراب.. وهذا بيتك.. ولويش الغلبة وتحمل من بلد لبلد حمل كثير..
وفي هذه اللحظة رد عليهم بكل برودة اعصاب ووقاحة.. شو الغلبة بالموضوع؟!.. خلِّي الأولاد ينبسطوا ويوكلوا..
طبعا هذا الاخ الوقح.. حملهم جميلة بكلماته هذه.. وكأنه ملأ الثلاجة بانواع الفاكهة التي يعرفونها والتي لا يعرفونها..
هذه القصة المتداولة تذكرني بالكثير من الناس.. مسؤولين وغير مسؤولين.. وهم يملأون اصابعنا خواتم من كل اصناف المعادن الثمينة الوهمية.. ولا ينفكون وهم يتغنون بالوعود التي تدغدغ عواطفنا.. وعند الواقع الملموس.. نصحو على واقع هو ابعد ما يكون عن كل ما عشمونا به.. والمصيبة الكبرى.. انهم يتحدثون بكل صلف وتبجح عما يوعدونا به.. وكأنه اصبح واقعاً مُعاشاً.. ويحملونا الجمايل الثقيلة التي لا نستطيع ردها لهم..
من هنا اقول لكل من يعدنا بالحال الافضل.. وبالسعادة والهناء القادمة.. بأن لا عليكم من تحقيقها.. فلن نصاب بالصدمة ولا بالجلطة المصحوبة بالشهقة.. فنحن قوم نستحق الافضل.. ونتطلع للنماء والرخاء.. ولن نكون ناكري الجميل حتى لو كان حقاً لنا.. فلقد تعلمنا ان نشكر اهل الفضل والعطاء.. وكل من يقدم الخير لنا.. وليس كلاماً معسولاً..
وبالمقابل.. نحن قوم نعقل ونفهم ونحلل ونشعر ونتلمس كل ما يحصل لنا من خير وشر.. والفقه والدراية من طبيعة الحديث انه حديث مناسبات ومصيره أدراج الرياح.. او انه حديث الممكن والمستطاع والذي له من الارهاصات الشيء الواضح لكي يصبح واقعا مُعاشاً وملموساً..
في الختام اقول.. كلنا عانى الكثير من الخذلان.. خذلان الصديق والرفيق والعزيز.. وكلنا عايش الكثير من الممثلين في كافة المناحي.. واغلبنا اصبحت لديه الفراسة بالتمييز بين مَن اقواله "مِن فوق الجوزة".. ومَن اقواله هي من اعماق اعماق فؤاده وعقله المحب لنا ولمصلحتنا.. وانه على قدر كلمته..