فاتورة بقيمة 640 مليون دولار في شهرين!
باتر محمد وردم
21-04-2011 04:45 AM
في شهري كانون الثاني وشباط من العام الحالي، وبينما نحن جميعا مشغولون في نقاشات الإصلاح السياسي في الأردن والتي بدأت بالمطالبة الشعبية لإسقاط حكومة سمير الرفاعي التي فرضت الضرائب ورفعت الأسعار على الشعب(!) ومن ثم المطالبات المتكررة لحكومة البخيت بكافة الخدمات المنطقية وغير المنطقية التي تريدها عشرات الفئات والجماعات الاجتماعية والسياسية، ووسط احتدام النقاش حول التعديلات الدستورية وقانون الانتخاب ومكافحة الفساد كانت الخزينة الأردنية مضطرة لدفع مبلغ 641 مليون دولار.
هذه الفاتورة المهولة هي فقط لمخصصات استيراد الطاقة لشهرين، وبزيادة نسبتها 41% عن نفس الفترة في العام الماضي ولسببين رئيسيين هما ارتفاع أسعار برميل النفط في السوق العالمي واستمرار دعم الدولة للمشتقات النفطية وأخيرا الانفجار الذي حدث في الأنبوب الناقل للغاز الطبيعي من مصر إلى الأردن وتعطله لمدة 40 يوما وبكلفة تقارب 160 مليون دينار إضافية لتوليد الكهرباء من المشتقات النفطية.
في كافة المسيرات والاعتصامات والبيانات والنقاشات التي دوخت المواطنين خلال الأشهر الماضية، لم يطرح أحد تشخيصا ولا حلا للمشكلة الأكبر في الأردن وهي الكيفية التي سيتم فيها تأمين الطاقة اللازمة لتشغيل بيوتنا ومكاتبنا وصناعاتنا وشركاتنا وسياراتنا العزيزة في كل يوم في السنوات القادمة؟ الحكومة الحالية قررت وإتقاء للمزيد من الغضب الشعبي إيقاف عملية تسعير المشتقات النفطية شهريا وتركها لمرة واحدة كل 3 اشهر وقد اقتربت ساعة الحسم هذه وبالتالي يمكن لنا توقع المزيد من الاعتصامات والمسيرات والبيانات والمقالات المطالبة بالإصلاح واستعادة الدولة لدورها الأبوي عندما ترتفع أسعار المشتقات النفطية قريبا!.
يوجد المزيد من المفاجآت غير السارة، لأن مصر الجديدة والتي ستدير نفسها بطريقة بعيدة عن الفساد في طريقها إلى رفع اسعار الغاز الطبيعي المصدر لكل من الأردن وإسرائيل ليتناسب مع اسعار السوق العالمية، حيث كان الأردن يحصل على الغاز بسعر 1,5 دولار لوحدة القياس مقارنة بسعر 0.75 دولار لإسرائيل بينما السعر العالمي يتراوح بين 6و8 دولارات، وأفضل ما يمكن للأردن الحصول عليه هو معاملة تفضيلية قد توصل سعر الوحدة إلى 3- 4 دولارات وهو يعني ثلاثة أضعاف السعر الحالي، آخذين بعين الاعتبار أن 80% من الكهرباء المولدة في الأردن تنتج عن طريق الغاز الوارد من مصر.
الحلول البديلة صعبة وهنالك مفاوضات مع قطر وروسيا وأذربيجان وتركيا لتأمين مصادر غاز بديلة وأكثر استدامة، وهنالك حاجة إلى سياسات سريعة لترشيد استهلاك الطاقة والتحول التدريجي نحو الطاقة المتجددة والتي تتعرض لجريمة حقيقية من قبل صناع سياسة الطاقة في الأردن وكذلك مجلس النواب الذي لا يزال يتأخر في إقرار قانون الطاقة المتجددة.
مشكلة الطاقة في الأردن مسألة مصيرية لا تحلها الحكومة فحسب بل تحتاج إلى تغيير جذري في سلوكيات الاستهلاك ولكن قبل كل ذلك مكاشفة تامة من قبل الحكومة في طريقة إدارة قطاع الطاقة وتسعير المشتقات النفطية وتوقعات السنوات المقبلة ومعاقبة كل اشكال الفساد التي رافقت حالات من إدارة ملف الطاقة في السنوات الماضية حتى يكون ذلك مؤشرا لبداية جديدة ونقية في إدارة أهم وأصعب قطاع تنموي في الأردن.
batirw@yahoo.com
(الدستور)