دعوة لإحياء سياحة المسالك القديمة بالعام الدولي للإبل
عبدالرحيم العرجان
14-06-2024 01:53 PM
بمبادرة من الشقيقة المملكة العربية السعودية اعتمدت الأمم المتحدة هذا العام ليكون العام الدولي للإبل.
حتى وقت قريب والقبائل العربية تفتخر بما تملكه من إبل وتعتد بقوافل تجارتها حتى عهد اختراع السيارة وتعبيد الطرق حين كان الجمل سفينة الصحراء وركوبة التنقل والترحال في كثير من أصقاع الأرض التي تمتاز بالجفاف والحرارة العالية، مع تغير الغاية من اقتنائها لأنها ما زالت تستخدم للنقل والترحال في الكثير من الدول كإفريقيا والباكستان والهند وتشكل مصدرا للعز والفخر في سباقات السرعة والجمال بما تحصده من جوائز قيمة.
وفي بلادنا العربية كان هناك الكثير من مسالك التجارة التي كانت تعبر سبيلها القوافل في طريقها ما بين الجزيرة والشام وبلاد الرافدين ومصر وإفريقيا وكانت تخليدا لزيارات ومرور الملوك والحكام فتقام لهم أنصاب ومسلات للإحتفاء بهم كزيارة تحتمس في بالوع الكرك وجدارية السلع بالطفيلة وغيرها من المدن التاريخية الأردنية، ومقصدا لعاصمة العرب البتراء لتجارة الفخار والنبيذ والعبور بسلام حين كانت تحط رحالها في البيضا وقاع مريبد قبل ألفي عام وتعود محملة بالنحاس من مناجم فينان، وخلد أجدادنا العرب الأنباط القوافل بنقوش ما زال أثرها باق لحادي العيس في السيق المؤدي إلى الخزنة، واستبقهم بآلاف السنين من نقش ذلك على حجارة الحرة بوادي سلمى وراجل وجبل قرما شرقي الأزرق وصخور وادي رم وغيرها الكثير من المواقع الشاهدة على تاريخ أهل المكان وعابري الطريق، وأيضا كانت أرضنا معبرا للحجيج وقاصدي العلم والتجارة ونقطة الوصل بين بيت المقدس والمدينة المنورة ومكة المكرمة واليمن والبحرين وتدمر بتجارة الحرير والبخور، وهذا ما يدفعنا لأن ننادي بهذا العام الدولي بإعادة إحياء جزء من هذه المسالك والدروب لتكون إضافة نوعية جديدة ومتفردة لسياحة المغامرة والإستكشاف والتجربة لصناعة مستقبل السياحة القادم، حيث أننا أيضا لدينا مدينة تاريخية متكاملة سميت بأم الجمال وتعد من المواقع المرشحة لسجل الإرث العالمي باليونسكو.
وقد بلغ ما لدينا من جمال وإبل ما يقارب ثمانية عشرة ألف رأس من مجاهيم كبيرة الحجم كثيرة الوبر المعروفة بقوتها، والوراك من إبل الحجاز وعسير وتهامة ومغاتير كاملة البياض وشقحاء ما شاب بياضها والصابرة على العطش من سلالة الخوار وهو ما عرفناه من أهل البادية حسب نسبها وأصول سلالتها، وزادوا على ذلك تسمياتها حسب العمر والأسنان فالحوار الرضيع الأقل من ستة شهور، ومخلول من بلغ العام والمغرود من بلغ عامين، الرباع والفطر والمخلوف والعود والثلب من وصل ثمانية عشر عاما، ومن كبر وقلت حركتة سمي بالهرش، أما الملكية فتعرف بالوسم أما فوق الفخد أو أسفل الرقبة ومصانة الحق حتى لو كانت طليقة في البادية وبعيدة عن منازل القبيلة.
يعتبر مثلثنا الذهبي محط تاريخي للرحال والقوافل ما بين وادي عربة والبتراء ورم عبورا بوادي احيمر ونقب اشديد وصبرا بعد أن كانت تنتظر إذن الدخول قرب صخرة لمخيفر التي تفرغ لرسمها ديفد روبرتس لتقرن بإسمه لاحقا تأثرا بأعماله الفنية، وموطنا مهما لهذه السياحة التي يمكن أن تشغل عددا كبيرا من ملاكها وتعد تجربة فريدة للسائح باستغراق الرحلة مدة زمنية تتجاوز أكثر من يوم تتضمن التخييم والمرور بمواقع تاريخيّة ومسالك عديدة تجمع ما بين التراث والتاريخ والحياة الطبيعية والفطرية، في حين أنه استقبلت فرنسا مسيرة للإبل والجمال سيقت لها معروفة الأصل من ثلاثين دولة، انطلقت من أمام لي زانقاليد على رصيف نهر السين مرورا ببرج إيفل وانتهاءا بمقر اليونسكو بتنظيم من الإتحاد الفرنسي للإبل في فرنسا وأوروبا، وهذا الحدث الذي وصفه الإعلام الغربي بالمذهل سوف يعزز حمايتها ويثير الشغف بتجربة السياحة والترحال عليها، إضافة إلى الأثر الذي تركه فلم ملكة الصحراء مكرسا تجربة المستشرقة غيرترود بيل برحلتها في بلادنا والذي أنتج في عام 2015 وغيره من الأفلام محققا أرقاما قياسية بالحضور والمشاهدة ،كما أن رواية الخميائي للكاتب الشهير باولو كويلو والممكن توظيفهما بقوة للتسويق لهذا النوع من السياحة الصحراوية وامتطاء الهجن والرحال والإستماع بالتجربة.
ولا يغيب عن البال أن اليوم الدولي للجمال يعقد في الثاني والعشرين من هذا الشهر ويعد فرصة سانحة لحدث يوجه الأضواء لسحر باديتنا بوادي رم وعربة وجمال البتراء.