دخلت المعركة الصهيونية على قطاع غزة شهرها التاسع، وقام جيش الاحتلال الصهيوني آلاف المجازر على أهالي غزة البالغ عددهم أكثر من 2.3 مليون فلسطيني، استشهد فيها ما يقرب 37 ألف شخص بينهم النساء والأطفال والشيوخ والشباب، فضلًا عن إصابة نحو 84 ألف شخص، وأصبح قطاع غزة مدمر بشكل كبير، لا ماء فيه ولا دواء ولا حتى غذاء.
ومع عدم وجود مكان آمن في القطاع المحاصر لسكانه، ودون أي إمكانية للحصول على الغذاء أو الماء أو المأوى أو الدواء، تسعى الأردن الداعم الرئيسي للقضية الفلسطينية وللأشقاء الغزيين في قطاع غزة، بكل إمكانياتها بالتعاون مع مصر وبالتنسيق مع الأمم المتحدة إلى تحقيق ما ينبغي أن يكون هو الاستجابة الإنسانية في غزة وما يحدث فيها من مجازر، والتي تشهد ضغوطًا شديدة، حيث تعرضت العمليات الحيوية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لخطر كبير، وبات كل ركن في غزة مستهدف من الطائرات والبوارج البحرية والدبابات على الأرض، حتى أصبحت المجاعة وشيكة وسط تفاقم للأوضاع الإنسانية في جنوبي القطاع وتحديدًا في مدينة رفح، التي نزح إليها الملايين من الذين فروا من قنابل الإحتلال في الشمال.
ومنذ اندلاع أحداث السابع من أكتوبر الماضي، وقف الأردن بشكل صارم وحازم لوقف نزيف الدماء، وبذل جهود عظيمة من أجل وقف القتل والدمار وازهاق الأرواح ،ومعالجة الأوضاع الإنسانية الكارثية فى غزة عبر عدة مسارات أبرزها التصريحات التى أطلقها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، وشدد على الوقف الفوري لإطلاق النار، ومسار تقديم المساعدات الغذائية والدوائية عبر عمليات الإنزال الجوي على قطاع غزة، وتنظيمه للعديد من المؤتمرات ومشاركة جلالته المؤتمرات العالمية واللقاءات الخارجية التي تدعو إلى وقف النزيف المستمر في قطاع غزة وفلسطين بشكل عام، والجهود الحثيثة لجلالته لتنفيذ هدنة إنسانية ووقف إطلاق النار بقطاع غزة، ومحاولة فتح معبر رفح، وإدخال المساعدات الإنسانية البرية عن الشاحنات الأردنية، بالإضافة الى الجهود الدبلوماسية الأردنية لانهاء الحرب على قطاع غزة، واعتمدت الأردن أيضًا على قوتها الناعمة والتى سيظل التاريخ يتحدث عنها للأجيال القادمة.
لعب الأردن بقيادة جلالة الملك دورًا بارزًا وتاريخيًا فى إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة سواء أكانت تلك المساعدات تمت عن طريق الإنزالات الجوية عبر طائرات سلاح الجو الملكي الأردني، أو عبر الشاحنات من خلال معبر رفح.
وشارك الأردن في مؤتمر " قمة القاهرة للسلام" في أكتوبر 2023 الذي دعا إليه الرئيس المصري، إلى جانب عدد من الدول؛ من أجل حقن دماء الفلسطينيين ووقف إطلاق النار في القطاع المحاصر منذ السابع من أكتوبر الماضي، برًا وبحرًا وجوًا من قوات الاحتلال الإسرائيلية.
وتماشيًا مع ما يحدث في قطاع غزة وجه جلالة الملك عبدالله الثاني، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش دعوة لاستضافة الأمم المتحدة لمؤتمر دولي بعنوان "نداء للعمل" الاستجابة الإنسانية العاجلة "لغزة" في منطقة البحر الميت بالأردن الثلاثاء، وبمشاركة رؤساء وزعماء ورؤساء وزراء ووزراء خارجية من 75 دولة ومدراء 75 منظمة دولية، تنطلق أعمال المؤتمر الثلاثاء في ظل الوضع الإنساني الكارثي في غزة، حيث دخلت الحرب الإسرائيلية على القطاع شهرها الثامن مع خسائر فادحة في الأرواح بين المدنيين، ومعاناة لجميع السكان البالغ عددهم أكثر من 2.3 مليون فلسطيني في جميع أنحاء القطاع.
وسيتناول المؤتمر سبل تعزيز استجابة المجتمع الدولي للكارثة الإنسانية في قطاع غزة، وتحديد التدابير والإجراءات الموحدة الفعالة، وتحديد الاحتياجات التشغيلية واللوجستية، وأنواع الدعم اللازم في هذا الصدد، ومناقشة الاستعدادات للتعافي المبكر، والسعي للحصول على التزامات باستجابة جماعية ومنسقة لمعالجة الوضع الإنساني في غزة. يهدف "مؤتمر الاستجابة الإنسانية الطارئة لغزة "، والذي يشير إلى الاستجابة الإنسانية الحالية والعمل المنجز لتعزيز قرار مجلس الأمن 2720 لعام 2023 إلى تسريع عملية تقديم المساعدة وتبسيطها وتسريعها، وتحديد سبل تعزيز استجابة المجتمع الدولي للكارثة الإنسانية، وتحديد التدابير والإجراءات الموحدة الفعالة لتقديم جميع المساعدات اللازمة إلى غزة، وتحديد الاحتياجات التشغيلية واللوجستية وأنواع الدعم اللازم في هذا الصدد، ومناقشة الاستعدادات للإنعاش المبكر وتحقيق الالتزام بعملية جماعية منسقة، في استجابة لمعالجة الوضع الإنساني في قطاع غزة.
يسعى المؤتمر إلى تحقيق أهداف جوهرية من خلال المشاركة الدولية فيه، وذلك من خلال مناقشة مجموعة من المحاور والملفات عبر عدة جلسات لمجموعة العمل التي ستنظر في الآثار التشغيلية والموارد اللازمة للحفاظ على خطوط المساعدات وتهيئة الظروف المواتية للتوصيل الآمن للمساعدات وحماية المدنيين، يليها اجتماع رفيع المستوى للنظر في السياسات، مع مقاربات للوضع المقبل، على أن يختتم ببيان يعرض نتائج المؤتمر.
إن انعقاد المؤتمر الدولى للاستجابة الطارئة فى غزة بدعوة وتنظيم مشترك بين مصر والأردن هو تأكيد للدور المحوري الإنساني للقاهرة وعمان بشأن القضية الفلسطينية بشكل عام وأهالي قطاع غزة بشكل خاص منذ الحرب الإسرائيلية المستعرة على القطاع.
إن دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي وجلالة الملك عبد الله الثاني وبالتعاون مع الأمم المتحدة لعقد هذا المؤتمر الدولي، يؤكد أن مصر والأردن يلعبان الدور الإنساني التاريخي منذ اندلاع الحرب على غزة، والأردن ومصر قدمتا وما زالتا تقدمان المساعدات إلى الأشقاء في القطاع بكل الوسائل الممكنة عبر البر والجو، ونكرر ونشيد بالإنزالات الجوية اليومية المشتركة بين مصر والأردن والتي تؤكد أن الدور الإنساني للدولتين الشقيقتين لا يقف عند حد معين ويهدف إلى كسر كافة أشكال الحصار عن أهالي القطاع.
الملك عبد الله الثاني والأمير الحسين بن عبد الله ولي العهد والأميرة سلمى بنت عبد الله شاركوا بأنفسهم في عمليات إنزال جوي لإغاثة أهل غزة، بالإضافة إلى المضامين التي قدمتها جلالة الملكة رانيا العبدالله من أجل جلاء الحقائق أمام الرأي العام الدولي بمواجهة رواية حكومة الاحتلال المضللة. إن مؤتمر الاستجابة الطارئة حول غزة يهدف في المقام الأول إلى تعزيز الدور الإنساني الذي تقوم به مصر والأردن والأشقاء العرب من أجل إنفاذ المزيد من المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى غزة فورًا، ونؤكد أن هذا الدور الإنساني للقاهرة وعمان يتوازى مع الجهد السياسي لوقف الحرب على القطاع فورًا.
ولا ننسى أن مصر أول من دعت إلى مؤتمر دولي وعقد في القاهرة تحت عنوان "قمة القاهرة للسلام" وكان جلالة الملك أول من شارك في هذا الجهد المصري العربي، ونشير إلى قمة العقبة التي دعا إليها الملك لتجمع رؤساء مصر والأردن وفلسطين، كانت حلقة ضمن حلقات الجهد الأردني الذي لا يتوقف من أجل دعم الحق الفلسطيني ووقف الحرب، والآن مؤتمر الاستجابة الطارئة بدعوة من مصر والأردن لتأكيد هذا الجهد الإنساني والسياسي.
جهود الملك لا تتوقف منذ الساعات الأولى للحرب عبر التواصل مع الأشقاء العرب والأصدقاء الدوليين من أجل الضغط على دولة الاحتلال لوقف الحرب، والأردن ومصر لا يتوقفان عن الجهود الرامية لوقف الحرب، وهما من موقعهما الأخوي والتاريخي والإنساني والجغرافي لن يتخليا عن القضية الفلسطينية.
الأردن قيادة وحكومة وشعب لن يتخلى عن الأشقاء الفلسطينيين كما هو الحال لدى مصر الشقيقة الكبرى، باعتبار أن القضية الفلسطينية هى قضيتنا المركزية والحفاظ عليها واجب عربي وإنساني وهو ما نعمل عليه دائمًا في مصر والأردن، وندعو جميع المشاركين في مؤتمر الاستجابة الطارئة في غزة إلى الأخذ بتأكيدات الملك عبدالله والرئيس السيسي أن ما يحدث في غزة هو خطر شديد على السلم والأمن الدوليين.